مع تغيّر الفصول، يرحّب الكثيرون بالجو الجديد ونسماته المنعشة، لكنّ آخرين يستقبلونه بآلام في الرأس لا تطاق. هؤلاء يعانون مما يعرف بـ الصداع النصفي الموسمي، وهو نوع من الصداع يحدث مع تغيّر الطقس أو الانتقال بين الفصول، خصوصاً فصلي الربيع والخريف، حين تتبدل درجات الحرارة ونسبة الرطوبة والضغط الجوي. وفقا لما ذكرته healthline.
ما هو الصداع النصفي الموسمي؟
الصداع النصفي الموسمي هو نوع من الصداع المزمن المرتبط بالتقلبات البيئية والمناخية، ويظهر عند الأشخاص الذين لديهم استعداد عصبي أو حساسية في الأوعية الدموية الدماغية.
بينما يشعر المصاب عادةً بألم في جانب واحد من الرأس، يرافقه غثيان، وحساسية مفرطة للضوء أو الأصوات، وتشوش في الرؤية. وقد تستمر النوبة من بضع ساعات إلى ثلاثة أيام، وتعود بشكل متكرر مع كل تغيّر موسمي.
لماذا يحدث مع تغيّر الفصول؟
يرى الأطباء أن السبب يعود إلى تفاعل الجهاز العصبي مع التغيرات المفاجئة في الطقس.
- الضغط الجوي: انخفاض الضغط يؤدي إلى تمدد الأوعية الدموية في الدماغ، مما يحفّز الألم.
- التغير في درجات الحرارة: الانتقال من البرد إلى الحر أو العكس يسبب اضطرابًا في تدفق الدم داخل الرأس.
- الرطوبة والغبار وحبوب اللقاح: هذه العوامل تثير حساسية الأنف والجيوب الأنفية، مما ينعكس صداعًا قويًا.
- نقص ضوء الشمس: في الخريف والشتاء، يؤدي انخفاض التعرض للشمس إلى نقص فيتامين “د” واضطراب إفراز هرمون السيروتونين، وهو أحد منظّمي المزاج والألم في الدماغ.
من الأكثر عرضة للإصابة؟
تشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عرضة للصداع النصفي الموسمي من الرجال، ويرتبط ذلك بتقلب الهرمونات الأنثوية. كما تزداد النوبات لدى:
- الأشخاص الذين يعانون من الجيوب الأنفية أو الحساسية الموسمية.
- من يعملون في أماكن مغلقة أو أمام الشاشات لفترات طويلة.
- من يعانون من قلة النوم أو التوتر المزمن.
الأعراض المميزة للنوبات الموسمية
غالبًا ما يسبق الألم ظهور ما يسمى بـ الهالة البصرية، وهي اضطرابات في الرؤية مثل رؤية خطوط متعرجة أو نقاط لامعة. ثم يتبعها ألم نابض في أحد جانبي الرأس، يمتد أحياناً إلى العين أو الرقبة، مصحوب بـ:
- غثيان أو قيء.
- حساسية شديدة للضوء أو الروائح.
- شعور بالدوار أو التعب العام.
طرق الوقاية والتخفيف من الصداع النصفي الموسمي
رغم أن تغيّر الفصول لا يمكن التحكم فيه، إلا أن اتباع نمط حياة صحي ومتوازن يقلل من عدد النوبات وحدتها. نصائح الأطباء:
- تجنّب التعرّض المفاجئ للحرارة أو البرودة، والحرص على تدفئة الرأس في الجو البارد.
- شرب كميات كافية من الماء للحفاظ على توازن الجسم.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم بانتظام.
- تجنّب الأطعمة المحفّزة للصداع مثل الشوكولاتة، الجبن القديم، والمشروبات الغازية.
- ممارسة التأمل أو اليوغا لتقليل التوتر العصبي.
- تناول وجبات منتظمة دون ترك فترات طويلة بين الوجبات لتجنب انخفاض السكر في الدم.
العلاج الطبي والتقنيات الحديثة
في حال تكررت النوبات بشكل مزعج، ينصح بمراجعة طبيب مختص بالأعصاب لتحديد العلاج المناسب. العلاج يشمل:
- مسكنات الألم الخاصة بالصداع النصفي مثل التريبتانات.
- أدوية وقائية تستخدم بجرعات منخفضة لتقليل تواتر النوبات.
- العلاج بالبوتوكس، وهو خيار حديث أظهر فعالية في الحالات المزمنة.
- كما يمكن استخدام العلاج الضوئي في فصلي الشتاء والخريف لتعويض نقص ضوء الشمس وتحسين المزاج.
اقرأ أيضًا: أنواع الصداع.. من الأعراض إلى العلاج
وفي النهاية، الصداع النصفي الموسمي ليس مجرد صداع عابر، بل هو استجابة عصبية معقدة لتغيّر البيئة المحيطة. والتعامل معه بوعي ووقاية يمكن أن يحوّل الفصول من مصدر ألم إلى فرصة لتجديد الطاقة والحيوية.
فكما يقول الأطباء: “معرفة محفزات الألم هي نصف العلاج، والنصف الآخر هو الاستماع لجسدك في كل فصل من فصول السنة”.





















