الصداع، هذا الزائر الثقيل الذي لا يفرق بين صغير وكبير، ولا يلتزم بموعد. قد يكون مجرد إزعاج عابر يختفي بمسكن بسيط، لكنه في كثير من الأحيان يصبح رفيقًا يوميًا يؤرق الحياة ويقلبها رأسًا على عقب.
عندما يتحول الصداع من عرض عرضي إلى رفيق دائم ومتكرر؛ فإنّه يصبح جرس إنذار يستدعي الانتباه. قد يكون مؤشرًا على مشكلات صحية أعمق تستدعي التدخل الطبي.
5 مشكلات صحية وراء الصداع المتكرر
ونوضح في السطور التالية 5 من أبرز المشكلات الصحية التي قد تقف وراء الصداع المتكرر. وسنحدد متى يصبح الذهاب إلى الطبيب ضرورة ملحة لا يمكن تأجيلها. حسبما ورد على موثع “مايو كلينك” الطبي.
1- الصداع النصفي (الشقيقة):
يعد الصداع النصفي، أو الشقيقة، أحد أكثر أنواع الصداع شيوعًا وتأثيرًا على جودة الحياة. إنه ليس مجرد صداع؛ بل هو نوبة كاملة من الأعراض التي قد تستمر لساعات طويلة؛ بل لأيام.
ويتميز الصداع النصفي غالبًا بألم نابض وشديد في جانب واحد من الرأس (لكنه قد يؤثر على الجانبين أيضًا)، ويترافق عادةً مع حساسية شديدة للضوء والصوت، وغثيان وقيء.
قد يسبق النوبة ما يعرف بـ “الأورة”، وهي أعراض عصبية مؤقتة؛ مثل ومضات ضوئية أو بقع عمياء في الرؤية، أو تنميل في أحد أطراف الجسم.
لا يزال السبب الدقيق للصداع النصفي غير مفهوم تمامًا، لكنه يعتقد أنه ناتج عن تغيرات في نشاط الدماغ والمواد الكيميائية العصبية، بالإضافة إلى عوامل وراثية وبيئية.
متى تذهبين للطبيب؟
إذا كنتِ تعانين من صداع نابض وشديد يتكرر شهريًا أو أكثر، ويترافق مع غثيان أو قيء أو حساسية للضوء والصوت؛ فهذا يستدعي زيارة الطبيب. ويمكن للطبيب تشخيص الصداع النصفي ووضع خطة علاجية تشمل أدوية وقائية لتقليل تكرار النوبات وشدتها، وأدوية أخرى لتخفيف الألم أثناء النوبة.
2- صداع التوتر:
صداع التوتر هو النوع الأكثر شيوعًا من الصداع، وغالبًا ما يوصف بأنه ألم ضاغط أو رباط ضيق حول الرأس، أو ألم في جانبي الرأس أو مؤخرة الرأس والرقبة. عادةً ما يكون الألم خفيفًا إلى متوسط الشدة ولا يترافق مع غثيان أو قيء، ولا تزداد شدته مع النشاط البدني.
يرتبط صداع التوتر بشكل وثيق بالتوتر النفسي والعضلي، وقلة النوم، وإجهاد العين، ووضعية الجلوس الخاطئة، وحتى الجفاف. غالبًا ما ينجم عن تقلصات في عضلات فروة الرأس والرقبة والوجه.
متى تذهبين للطبيب؟
إذا كان صداع التوتر لديكِ يتكرر يوميًا أو شبه يومي، ويؤثر على قدرتكِ على التركيز أو القيام بالأنشطة اليومية، أو إذا كنتِ تستخدمين المسكنات بانتظام لتخفيفه؛ فمن المهم استشارة الطبيب.
يمكن للطبيب المساعدة في تحديد المحفزات وتقديم نصائح حول إدارة التوتر، بالإضافة إلى وصف أدوية إذا لزم الأمر.
3- الصداع العنقودي:
على الرغم من أنه أقل شيوعًا من الصداع النصفي وصداع التوتر، فإن الصداع العنقودي يعد من أشد أنواع الصداع ألمًا، حتى أنه يوصف بأنه “الصداع الانتحاري” لشدة ألمه التي لا تطاق. ويتميز بنوبات ألم شديدة وقصيرة (من 15 دقيقة إلى 3 ساعات) تتركز حول العين أو في الصدغ في جانب واحد من الرأس. يترافق الألم مع أعراض جانبية مميزة مثل احمرار العين ودموعها، وانسداد الأنف أو سيلانه، وتدلي الجفن، وتورم حول العين في نفس الجانب المصاب.
تحدث هذه النوبات في “عناقيد” أو فترات زمنية محددة تتكرر فيها عدة مرات في اليوم، ثم تختفي لأسابيع أو أشهر قبل أن تعود مرة أخرى.
لا يزال السبب الدقيق غير واضح، لكن يعتقد أنه مرتبط باضطراب في منطقة ما تحت المهاد في الدماغ، وهي المسؤولة عن تنظيم النوم والهرمونات.
متى تذهبين للطبيب؟
إذا كنتِ تعانين من صداع أحادي الجانب وشديد بشكل لا يطاق، يترافق مع الأعراض المذكورة أعلاه (احمرار العين، سيلان الأنف، تدلي الجفن)، ويتكرر في نوبات محددة، فيجب عليكِ التوجه للطبيب فورًا.
التشخيص المبكر والعلاج المناسب ضروريان لتخفيف شدة النوبات وتقليل تكرارها.
4- ارتفاع ضغط الدم غير المشخص أو غير المتحكم به:
في بعض الحالات، قد يكون الصداع المتكرر، خاصة في مؤخرة الرأس، علامة على ارتفاع ضغط الدم الذي لم يتم تشخيصه بعد أو الذي لا يتم التحكم به بشكل فعال. في معظم الحالات، لا يسبب ارتفاع ضغط الدم أعراضًا واضحة في مراحله المبكرة. ولذلك يطلق عليه “القاتل الصامت”.
ومع ذلك، في الحالات الشديدة أو عندما يرتفع الضغط بشكل مفاجئ، قد يظهر الصداع كأحد الأعراض.
عندما يرتفع ضغط الدم بشكل كبير، فإنه يزيد الضغط على الأوعية الدموية في الدماغ. ما قد يؤدي إلى الصداع.
متى تذهبين للطبيب؟
إذا كنتِ تعانين من صداع متكرر لا يستجيب للمسكنات، لا سيما إذا كنتِ تعانين من عوامل خطر للإصابة بارتفاع ضغط الدم (مثل التاريخ العائلي، السمنة، نمط الحياة الخامل)، فمن الضروري قياس ضغط الدم بانتظام.
وإذا كانت قراءات ضغط الدم مرتفعة، يجب عليكِ زيارة الطبيب على الفور للتشخيص والعلاج. فإهمال ارتفاع ضغط الدم قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل السكتة الدماغية والنوبات القلبية.
5- مشكلات الجيوب الأنفية والتهاباتها:
قد يكون الصداع المتكرر، لا سيما الذي يتفاقم عند الانحناء أو عند الاستيقاظ في الصباح، ناجمًا عن مشكلات في الجيوب الأنفية؛ مثل التهاب الجيوب الأنفية الحاد أو المزمن.
ويترافق صداع الجيوب الأنفية عادةً مع ألم وضغط في الوجه، خاصة حول العينين والجبهة والخدين. وقد يترافق أيضًا مع احتقان الأنف، سيلان الأنف، وألم في الأسنان العلوية، وفقدان حاسة الشم.
يحدث التهاب الجيوب الأنفية عندما تلتهب بطانة الجيوب الأنفية وتتورم. ما يؤدي إلى انسدادها وتراكم المخاط، مما يسبب الضغط والألم.
متى تذهبين للطبيب؟
إذا كان الصداع لديكِ يترافق مع أعراض البرد التي لا تتحسن بعد 7-10 أيام، أو إذا كنتِ تعانين من ألم شديد في الوجه، أو حمى، أو إفرازات أنفية سميكة وخضراء أو صفراء؛ فهذا يستدعي زيارة الطبيب. وقد يتطلب الأمر مضادات حيوية أو أدوية لتقليل الاحتقان.
متى يصبح الذهاب إلى الطبيب ضرورة قصوى؟
بينما قد يكون الصداع مجرد إزعاج عابر، هناك علامات حمراء تستدعي اهتمامًا طبيًا فوريًا. لا تترددي في زيارة الطبيب إذا واجهتِ أيًا من الحالات التالية:
- صداع مفاجئ وشديد للغاية: قد يشير إلى نزيف في الدماغ أو سكتة دماغية.
- صداع يترافق مع تصلب الرقبة وحمى: قد يكون علامة على التهاب السحايا.
- صداع يترافق مع ضعف في أحد جانبي الجسم، خدر، صعوبة في الكلام أو الرؤية، أو فقدان الوعي: قد يشير إلى سكتة دماغية.
- صداع جديد يظهر بعد إصابة في الرأس: يجب تقييمه على الفور.
- صداع يتغير نمطه بشكل كبير: أي صداع كان خفيفًا وأصبح شديدًا فجأة، أو صداع كان يتكرر بشكل معين وتغير نمطه.
- صداع يزداد سوءًا مع مرور الوقت أو لا يستجيب للمسكنات العادية.
- صداع يترافق مع تغيرات في الشخصية أو السلوك.
- صداع يظهر لأول مرة بعد سن الخمسين.
- صداع يترافق مع مشاكل في الرؤية مثل ازدواج الرؤية أو فقدان جزئي للرؤية.
- صداع يترافق مع فقدان الوزن غير المبرر أو تعرق ليلي.