السيلفي والفلاتر هوس يصيب الشباب

لم تعد صور “السيلفي” مجرد لقطات عابرة يلتقطها الأشخاص لأنفسهم، بل تحولت إلى ظاهرة عالمية اجتاحت مختلف الفئات العمرية، حتى بات من النادر أن نجد هاتفًا محمولًا لا يحتوي على صور ذاتية لصاحبه أو برفقة أصدقائه. هذا الانتشار السريع والدائم لصور السيلفي أثار تساؤلات عديدة: هل هي مجرد موضة؟ أم هوس مؤقت؟ أم أنها مؤشر على حالة نفسية تحتاج إلى علاج؟.

تباينت الآراء حول هذه الظاهرة. فبينما يرى بعض الأطباء النفسيين أن الإفراط في التصوير الذاتي قد يرتبط باختلالات نفسية. يعتبرها آخرون نتيجة طبيعية لتطور التكنولوجيا ووسائل التواصل. وهناك من ربطها بسلوك نرجسي، حيث يركز الشخص على ذاته بشكل مبالغ فيه، ويقضي وقتًا طويلًا في تعديل صوره ومشاركتها. مقتنعًا بأنه أكثر جاذبية وتميزًا من غيره. ويرتبط هذا السلوك غالبًا بمشاكل في الشعور بالأمان، وسلوكيات متهورة، وتراجع في القدرة على التعاطف مع الآخرين. بل قد يمتد إلى سمات أكثر حدة كميول معادية للمجتمع وتعظيم الذات.

 

السيلفي والتضخيم الذاتي

وتعزز الفلاتر والمؤثرات البصرية على منصات التواصل من هذا التضخيم الذاتي؛ ما يزيد تعلق الأشخاص بمظهرهم الخارجي. ومع ذلك، لا يمكن الجزم بأن كل من يلتقط صور السيلفي بكثرة يعاني من اضطراب نفسي. بل إن السلوك أصبح مألوفًا وشائعًا في المجتمعات الرقمية المعاصرة.

لكن التحذيرات الأخيرة من علماء النفس تشير إلى أن الأمر قد يتجاوز حدود “الهواية” أو “الإدمان”. ليصل إلى ما يُعرف باضطراب تشوه صورة الجسم (Body Dysmorphic Disorder). الذي قد يؤدي إلى مشكلات نفسية خطيرة مثل الاكتئاب، وأحيانًا إيذاء النفس بسبب الشعور الدائم بعدم الرضا عن الشكل. وأثبتت الدراسات أن اثنين من بين كل ثلاثة مرضى بهذا الاضطراب في لندن بدأوا يعانون منه منذ انتشار الهواتف المزودة بكاميرات.

وظهر في الأدبيات النفسية مصطلح “سلفيتيس” (Selfitis) لوصف هذه الحالة، وهو اضطراب نفسي يتمثل في الرغبة المفرطة في التقاط الصور الذاتية ونشرها باستمرار. وتم تصنيف هذا الاضطراب إلى ثلاث مراحل:
الخفيف: التقاط الصور ثلاث مرات يوميًا دون نشرها.
الحاد: التقاط الصور ونشرها ثلاث مرات يوميًا على الأقل.
المزمن: التقاط الصور بشكل لا يمكن التحكم به، ونشر أكثر من ست صور يوميًا.
ويلاحظ أن هذه الحالة تنتشر بكثافة بين المراهقين والشباب، حيث ترتبط أحيانًا بانخفاض احترام الذات أو البحث عن التقدير الخارجي. ويظهر البعض منهم تعلقًا مرضيًا بعدد “الإعجابات”. في حين يصاب آخرون بالإحباط أو الحزن عندما لا تحظى صورهم بالتفاعل الكافي. ما قد ينعكس سلبًا على استقرارهم النفسي، خصوصًا في الفئة العمرية الحرجة.

الرابط المختصر :