البكاء.. وسيلة طبيعية لتعديل المزاج وتحسين الصحة النفسية

البكاء وسيلة طبيعية لتعديل المزاج وتحسين الصحة النفسية
البكاء وسيلة طبيعية لتعديل المزاج وتحسين الصحة النفسية

في عالم تتزايد فيه الضغوط النفسية والاجتماعية يبقى البكاء من أكثر الوسائل الفطرية التي يلجأ إليها الإنسان، خاصة المرأة، لتفريغ شحنة المشاعر السلبية واستعادة التوازن النفسي والذهني.

وينظر اليوم إلى البكاء من منظور علمي جديد لا يعده مجرد تعبير عن الحزن أو الضعف، بل آلية طبيعية تساعد الجسم والعقل على تجاوز الأزمات العاطفية والنفسية.

البكاء.. ترياق طبيعي للحزن والتوتر

تجمع دراسات نفسية عديدة على أن البكاء المعتدل يحمل فوائد صحية ونفسية متعددة؛ من بينها: تهدئة الجهاز العصبي، وتنظيم ضربات القلب. وتخليص الجسم من المواد الكيميائية الضارة الناتجة عن التوتر والضغط النفسي.

كما يساهم البكاء في طرد فائض الصوديوم في الدم، ويحفز المخ لإفراز مواد كيميائية لها خصائص مسكنة للألم ومطهرة للعين.

وغالبًا ما تلجأ المرأة إلى البكاء للتنفيس عن أحاسيس الحزن أو القلق أو الشعور بالخذلان. ويُلاحظ بعدها أنها تستعيد هدوءها الجسدي والنفسي، وكأنها استعادت توازنها الداخلي. هذه الحالة، التي تعرف علميًا بـ “التحول الإيجابي بعد البكاء”، تدل على أن الدموع ليست دليلًا على الضعف. بل وسيلة دفاع نفسي فاعلة تعيد للمرأة حضورها الذهني وقدرتها على المواجهة.

التركيبة الهرمونية تفسر اختلاف البكاء بين الجنسين

أحد أبرز الأسئلة التي تطرح في هذا السياق هو: لماذا تبكي المرأة أكثر من الرجل؟ والإجابة لا تكمن في مفاهيم تقليدية كالضعف أو قلة الحيلة. بل في الفروق الهرمونية بين الجنسين.

فالمرأة تفرز هرمون “البرولاكتين” بنسبة أعلى من الرجل، وهو هرمون مرتبط بالتوتر والمشاعر ويؤدي إلى تسهيل عملية البكاء. خاصة عند ارتفاع مستوياته في الجسم؛ ما يجعل المرأة أكثر عُرضة للبكاء حتى لأتفه الأسباب.

البكاء المكبوت.. خطر على الصحة النفسية والجسدية

في المقابل يشكل كبت البكاء خطرًا صامتًا على الصحة النفسية والجسدية. فمحاولة حبس الدموع خشية من الاتهام بالضعف أو بسبب الشعور بالحرج يمكن أن تقود إلى نتائج عكسية. إذ تشير الدراسات إلى أن كبت المشاعر، خاصة البكاء، يزيد من احتمالية الإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب. وقد يؤدي إلى أمراض عضوية، مثل: ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وتقرحات المعدة، والقولون العصبي.

ولعل اللافت أن بعض النساء لا تبكي فقط عند الحزن، بل أيضًا في لحظات الفرح الكبير، فيما يُعرف بـ”دموع الفرح”. هذا التداخل في التعبير العاطفي يعكس عمق التفاعل النفسي والهرموني للمرأة مع المشاعر، سواء كانت سلبية أو إيجابية.

في حين أن نوبات البكاء العفوي التي تحدث دون سبب مباشر وتشعر المرأة بعدها براحة مفاجئة. تدل على أن البكاء يمارس دوره كصمام أمان نفسي يساعد على التخلص من الذكريات المؤلمة. وإفساح المجال لمشاعر الفرح والانبساط.

دموع.. تفرغ السلبية وتجلب الإيجابية

إذًا البكاء ليس حالة ضعف كما يتصور البعض، لكنه وسيلة فعالة لتفريغ الطاقة السلبية وجلب الطاقة الإيجابية. خاصة إذا تم التعامل معه باعتدال ووعي. إنه ترياق داخلي يعيد للنفس توازنها، ويحررها من ضغوط الحياة اليومية. فيما يمنح الجسد والعقل فرصة للراحة وإعادة البناء.

وفي ظل تصاعد الضغوط النفسية الحديثة قد يكون من المفيد إعادة النظر في دور الدموع كأداة طبيعية للعلاج النفسي الذاتي. لا سيما في مجتمعات تعوّدت على كبت المشاعر وعدم التعبير عنها. ما يجعل الحديث عن البكاء ليس مجرد مسألة عاطفية، بل ضرورة صحية ونفسية.

 

 

الرابط المختصر :