كتبت- صبحة بغورة:
تظل المرأة السعودية مهما تقلبت ظروف الحياة وحملت أيامها رياح التغيير في طرق العيش، متمسكة بقيمها المتوارثة الأصيلة، ومتجاوبة في الوقت نفسه مع نداءات العصر نحو التجديد والتطوير والحداثة المثمرة المنتجة للفكر والثقافة والفن.
فعاشت في توازن نفسي وسلام داخلي مع النفس. لا تحيا بثقافة وقيم الآخرين؛ لأنها في الواقع متوحدة مع تراثها الشعبي.
ولذلك؛ لم تجد المرأة السعودية وجه غرابة في حرص الإسلام على حفظ كرامتها. وبين ما توارثته من قيم أصيلة تصونها.
وجرى اعتبار ذلك حماية للأسرة وحفظًا للمجتمع السعودي من كل دعاوي الانحلال. ومن أي حملات التفسخ المستمرة التي تستهدف كل المجتمعات العربية حتى وقتنا الحاضر باسم التحرر وبداعي التقدم.
البرقع أحد مظاهر تمسك المرأة السعودية بتراثها
ومن أبرز مظاهر تمسك المرأة بتراثها غطاء الوجه الذي اختلفت تسمياته من بلد لآخر. وتنوعت تصميماته وألوانه، وفي كل الأحوال منحت المرأة وقارًا ومهابة لا يتعارضان مع أناقتها ولا برقتها وأنوثتها.
ومنه “البرقع” أحد أنواع أغطية الوجه الخاصة بالمرأة، زينة تقليدية ومن الحرف اليدوية العريقة. وهو الموروث التراثي الشعبي لمعظم دول الخليج العربية وبعض الدول العربية الأخرى، ويصنع من أقمشة خاصة للزينة والاحتشام .
لم يختلف الماضي كثيرًا عن الحاضر بالمملكة العربية السعودية في هذه الجزئية، فما إن نشرت السعودية أخيرًا قائمة بأزياء سكانها قبل 3 قرون في سياق احتفالات “يوم التأسيس” الذي يوافق 22 فبراير من كل عام.
حتى اعتلى “البرقع” الصدارة في ملابس النساء، وتهافتت السعوديات على شرائه، وتصويره وعرضه على صوت الفنان محمد عبده، متغنيًا به “لين شفت ظبي النفود مبرقعات”. ليسلط الضوء على تاريخ “البرقع” في السعودية.
ثم صار تحديث التراث وعصرنته واقعًا لدى الشباب ومنه البرقع الحجازي المكون من قطع ذهب ويخلو من القماش. ترتديه نساء الأشراف في مكة، ويقدم كمهر لبعض النساء في الطائف.
تقليد خليجي
وحسب تقاليد المجتمع الخليجي، فإنه لا يجوز للمرأة أن تظهر وجهها للأغراب. وأنه لضرورات تحرك المرأة في المجتمع الحديث خارج منزلها والتقائها بالرجال وتعاملها معهم، وبالذات المرأة العاملة أو ربة البيت التي تضطر للذهاب إلى الأسواق والاختلاط بالرجال، فقد كان لا بد من إيجاد وسيلة سهلة وعملية لإخفاء الوجه. وفي الوقت ذاته يمكن من خلال هذه الوسيلة أن ترى العينان ما حولها دون عائق.
وقد استوحي البرقع بشكله الذي انتشر ولا تزال تلبسه المرأة في بعض الأوساط الخليجية من الأصل البدوي؛ حيث كانت المرأة البدوية تستخدم جزءًا من خمارها أو قطعة من قماش خشن غامق اللون لإخفاء معالم وجهها عن الرجال من غير أهلها المقربين.
برقع في شكله الخليجي ذهبي اللون يميل إلى السواد مع مرور الزمن وكثرة الاستعمال. تغطي به المرأة أهم معالم وجهها عندما يعقد قرانها أو كما يقال في اللهجة المحلية “تملك”.
ويثبت البرقع على الوجه بواسطة خيوط حمراء مجدولة وتسمى خيوط الشبج. وفي المناسبات والأعراس تستخدم المرأة خيوط فضية أو ذهبية بدلًا عن خيوط الشبج.