في عالمنا المتسارع، لم تعد النقاشات حول الخصوبة تقتصر على النساء في أواخر الثلاثينيات أو الأربعينيات من العمر. وبشكل متزايد، تواجه الشابات في العشرينيات من العمر تحديات غير متوقعة، لا سيما الارتفاع المقلق في حالات انخفاض احتياطي المبيض.
وهي حالة تؤثر على قدرة المرأة على الحمل بشكل طبيعي. يقول الخبراء إن هذا التحول يتأثر بمجموعة من عوامل نمط الحياة، والتعرضات البيئية، والأولويات المجتمعية المتطورة. مما يجعل الوعي المبكر بالخصوبة أكثر أهمية من أي وقت مضى. وفقا لما ذكرته news18.
توضح الدكتورة بريا إس بي باتيل، استشارية أمراض النساء والتوليد في مستشفى ألتيوس، راجاجيناجار، بنغالور: “يتم تشخيص عدد أكبر من النساء الشابات في العشرينيات من العمر بانخفاض احتياطي المبيض، وهو اتجاه مثير للدهشة ومثير للقلق”.
العوامل المؤثرة على الخصوبة
كما تؤكد الدكتورة باتيل على أن العوامل المساهمة تتجاوز مجرد التوتر ونمط الحياة. وتوضح قائلةً: “إن بدء الحيض المبكر والتعرض المتزايد للمواد الكيميائية المعطلة للغدد الصماء الموجودة في البلاستيك ومستحضرات التجميل والأطعمة المصنعة يمكن أن يؤثر على وظيفة المبيض مع مرور الوقت”.
ولأن انخفاض احتياطي المبيض لا يظهر عادةً أي أعراض حتى تتأثر الخصوبة، تشدد الدكتورة باتيل على أهمية الفحص المبكر من خلال فحص هرمون مضاد مولر “AMH” ومسح الجريبات الغارية.
بينما تضيف: “لم تعد الخصوبة مرتبطة بالعمر فقط؛ فالتوعية تفتح الأبواب أمام الاختيارات المناسبة في الوقت المناسب. بما في ذلك تجميد البويضات، مما يمنح النساء القدرة على التخطيط للمستقبل”.

كما يرتبط الإلحاح المتزايد على إجراء اختبارات الخصوبة المبكرة أيضًا بتحولات مجتمعية أوسع نطاقًا. تشير الدكتورة مانيشا سينغ، المديرة الإضافية لأمراض النساء والولادة والتخصص الدقيق في طب وجراحة الإنجاب، مستشفى فورتيس، طريق بانيرغاتا، بنغالور، إلى أن تغييرات نمط الحياة، والتخطيط المهني. والظروف الصحية تساهم في هذا التوجه.
اقرأ أيضًا: انخفاض الخصوبة.. ما أعراض وأسباب قصور الغدة الدرقية؟
تقول الدكتورة سينغ: “غالبًا ما ترتبط حالات العقم المتزايدة بتأخر الإنجاب، وعوامل تتعلق بنمط الحياة، وحالات طبية كامنة مثل متلازمة تكيس المبايض، وبطانة الرحم المهاجرة، وانخفاض احتياطي المبيض”.
وتشير إلى أنه على الرغم من أن التطورات في تقنيات التشخيص قد جعلت الكشف المبكر أسهل. إلا أن التغيرات الثقافية لها دور أيضًا. وتضيف: “يؤدي تمكين المرأة وأولوياتها المهنية إلى تأخير تنظيم الأسرة، مما يجعل قضايا الخصوبة أكثر إلحاحًا”.
أهمية الفحص المبكر
وتؤكد أن الفحص المبكر لا يقتصر على تحديد العقبات المحتملة فحسب، بل يمكّن النساء أيضًا من اتخاذ قرارات استباقية، بما في ذلك تجميد البويضات عند الضرورة. “يسمح هذا للنساء باتخاذ قرار واعٍ دون تأجيل مسيرتهن المهنية وتعليمهن، خاصةً في ظل انخفاض مخزون البويضات”.
ولإضافة المزيد من السياق، يشرح الدكتور كيه يو كونجيمويدين، المدير الطبي الإقليمي في مركز بيرلا للخصوبة وأطفال الأنابيب في كاليكوت، كيف أن هذا التحول في أنماط صحة المبيض لم يعد شاذًا بل أصبح قاعدة متنامية.
يقول: “من الشائع بشكل متزايد رؤية شابات في العشرينيات من العمر يشخصن بانخفاض احتياطي المبيض، وهو أمر كان يعتبر في السابق مصدر قلق في أواخر الثلاثينيات”. ويسرد الدكتور كونجيمويدين تفاعلًا معقدًا من الأسباب. بما في ذلك العوامل الوراثية، والملوثات البيئية، وأمراض المناعة الذاتية، وبطانة الرحم المهاجرة، وأنظمة اللياقة البدنية القاسية، وأنماط النوم غير المنتظمة، والتدخين، التي تؤثر على الصحة الإنجابية في وقت أبكر بكثير من ذي قبل.
كما يحذر قائلاً: “يحدد احتياطي المبيض كمية البويضات، وإلى حد ما جودتها، وعندما يكون منخفضًا، قد تنخفض فرص الحمل الطبيعي بشكل حاد”.
ويؤكد أن العديد من النساء لا يكتشفن مشاكل الخصوبة لديهن إلا أثناء محاولاتهن الحثيث للحمل. مما يصعّب التدخل في كثير من الأحيان. وينصح الدكتور كونجيمويدين قائلاً: “إن فحص دم بسيط لهرمون AMH وفحص بالموجات فوق الصوتية للحوض للتحقق من عدد الجريبات الغارية يمكن أن يوفرا رؤية واضحة لقدرة المرأة على الإنجاب”.
إذا تم الكشف عن انخفاض الاحتياطي مبكرًا، تتاح للنساء خيارات أكثر، مثل: التفكير في تجميد البويضات. مما يضمن خصوبتهن المستقبلية. ويضيف: “مع الوعي والتحرك في الوقت المناسب، لا يجب أن تترك الخصوبة للصدفة”.
تخطيط الخصوبة: المعرفة قوة
اليوم، يتطور مفهوم الخصوبة. فالأمر لا يقتصر على مواجهة المشاكل عند ظهورها، بل يتعلق أيضًا بتسليح الذات بالمعرفة في وقت مبكر. فمن خلال إجراء الفحوصات في الوقت المناسب واتخاذ القرارات المستنيرة، تستطيع الشابات التحكم في مستقبلهن الإنجابي، وتحقيق التوازن بين أهدافهن الشخصية والمهنية دون المساس بأحلامهن في الأمومة. في نهاية المطاف، الوعي ليس مجرد تمكين، بل إنه يغير الحياة.