"اكتئاب الأطفال".. مرض صامت يستبعده الآباء ولا يبوح به الأبناء

كثرة السخرية والاستهزاء..وإنجاب طفل جديد..وفقد أحد الوالدين..من أسباب الإصابة به

ردود الأفعال العدوانية..والتغير الملحوظ في الوزن..والميل للتفريط في الممتلكات..ضمن أعراض اكتئاب الأطفال

الفتيات أكثر عرضة للإصابه به..وتستلزم الحالات المستعصية التدخل الطبي السريع

على صغر سنهم وما يتسمون به من براءة لم تتلوث بصخب عالمنا بعد، إلا أن الواقع يقر بإصابة بعض الأطفال بمرض الاكتئاب الذي يشبه -إلى حد كبير – ما يصيب الكبار، إلا أنه يُعد أكثر خطورة نظرًا لعدم قدرة الطفل على تفسيره من جهة وعدم التفات الآباء والأمهات لأعراضه من جهة أخرى.

تكشف هويدا أبو الفضل؛ أخصائية التربية الخاصة لـ"الجوهرة" حقيقة ذلك المرض الصامت الذي يؤدي تجاهله إلى حدوث مضاعفات بالغة الخطورة على نفسية الطفل وحياته في المستقبل.

في البداية تقول هويدا أبو الفضل إن نسبة الإصابة بالاكتئاب لدى الأطفال تبدأ من 1% في الصغر وتصل إلى 13% مع تقدم أعمارهم ووصولهم إلى مرحلة ما قبل المراهقة، لافتة إلى أن الفتيات هن الأكثر عرضة للإصابة به.

ولفتت أبو الفضل إلى ارتفاع نسب الإصابة بالاكتئاب لدى الأطفال الذين تعرضوا لفقد أحد والديهم أو كليهما، كما أن إصابة أحد الأبوين بمرض الاكتئاب، يسهل عملية انتقاله –بطريقة غير مباشرة- للطفل، وهو ما يسمى بـ "الاكتئاب المقنع".

وحول أسباب الإصابة بالمرض، أوضحت أبو الفضل أن كثرة انتقاد الأطفال والسخرية منهم، وتواجدهم في بيئة غير مستقرة تحفها الخلافات والمشاحنات، تزيد احتمالية إصابتهم بالاكتئاب.

وأضافت أبو الفضل أنه في كثير من الأحيان يكون إنجاب الطفل الثاني مصدر إزعاج وقلق لدى الطفل الأول، وقد يؤثر ذلك بشكل سلبي على نفسية الأخير؛ لذا ينبغي التعامل بحكمة بالغة من خلال التمهيد للطفل بقدوم أخ له، فضلًا عن استمرار العناية به وتدليله وعدم التركيز فقط على العناية بالمولود الجديد.

وحول أعراض المرض، لفتت أبو الفضل أنها تظهر بشكل تدريجي ومتتابع، وتتمثل في اتسام ردود أفعال الأطفال بالعدوانية، والشعور بالحساسية المفرطة والبكاء الشديد في المواقف العادية، فضلًا عن الحديث -بشكل زائد- عن بعض الأمور كالموت أو الانتحار، والميل للتخلي عن الممتلكات دون اكتراث.

وفي نفس السياق، أوضحت أبو الفضل أن حب العزلة، وانعدام التركيز، والشرود، وضعف الذاكرة وكثرة النسيان، والشعور بالكسل والإرهاق السريع عند ممارسة الألعاب والأنشطة اليومية، والتغير الملحوظ في الوزن، تعد من أبرز أعراض إصابة الأطفال بالاكتئاب.

وشددت أبو الفضل على أهمية اللجوء لمتخصص وإجراء جلسات العلاج النفسي اللازمة، في حال استمرار تلك الأعراض لمدة أسبوعين أو أكثر، مشيرة إلى أن بعض الحالات المستعصية قد تتطلب تناول بعض العقاقير، أو الاحتجاز في المستشفى.

وللوقاية من المرض، نصحت أبو الفضل الآباء بكثرة الحديث مع الأطفال والإصغاء لمشكلاتهم ومنحهم الشعور بالأمان والاطمئنان، وإشراكهم في بعض الأنشطة الاجتماعية والتمارين الرياضية التي تعزز ثقتهم بذواتهم، فضلًا عن اتباع أساليب إيجابية في التربية، ونظم تغذية صحية تحسن من المزاج العام للطفل.