يرتبط عيد الأضحى المبارك في أذهان الكثيرين بصورة “عيد اللحمة”، حيث تتجلى مظاهر الاحتفال في ذبح الأضاحي وما يتبعها من طقوس الطهي المتنوعة. وتتنوع موائد عيد الأضحى في الدول العربية من خلال العديد من النكهات والتقاليد. حيث يبرز كل بلد بأطباقه الشهيرة التي تعكس هويته الثقافية وتراثه الغذائي الغني. فالطعام ليس مجرد وسيلة لإشباع الجوع. بل هو جزء أصيل من احتفالات الشعوب بالأعياد والمناسبات المختلفة. وعيد الأضحى ليس استثناءً من هذه القاعدة. نتناول التفاصيل في هذا المقال .
في المملكة العربية السعودية
يتربع طبق “الحميس” على عرش موائد عيد الأضحى. يبدأ تحضيره بفصل دقيق للشحوم واللحوم والعظام. حيث يتم تحميس الشحوم أولًا لاستخلاص دهونها. ثم تضاف العظام واللحم تباعًا لتنضج وتكتسب نكهة مميزة تعزز بإضافة التوابل العطرية. ولا يقتصر الأمر على الحميس، فالمائدة السعودية تزخر بأطباق أخرى شهيرة كـ “الكبسة” و”العريس” و”المرقوق” و”المراهيف” و”المصابيب” و”المراصيع”. مما يعكس تنوع المطبخ السعودي وعراقته.
موائد عيد الأضحى في مصر
أما في مصر، فتتصدر “الفتة المصرية” قائمة الأطباق الرئيسية في احتفالات عيد الأضحى. يتكون هذا الطبق الشهير من قطع اللحم الطرية والأرز الأبيض وصلصة الطماطم الغنية بالثوم والخل. ليقدم مزيجًا فريدًا من النكهات والقوام. ولا يمكن إغفال الكبدة. التي تحظى بشعبية خاصة على مائدة الإفطار في أول أيام العيد لدى العديد من الأسر المصرية. وتمتد قائمة الأطايب المصرية لتشمل “الممبار” و”الكرشة” و”طاجن العكاوي” و”الكوارع” و”لحمة الرأس” و”الرقاق” وأنواع مختلفة من طواجن اللحوم، مما يرضي جميع الأذواق.
دولة الإمارات العربية المتحدة،
وبالانتقال إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، يبرز “طبق الهريس” كأحد أشهر الأطباق التي تزين موائد العيد والمناسبات الأخرى. يتميز هذا الطبق ببساطته وعمقه في النكهة. حيث يطهى نخالة القمح مع اللحم لفترة طويلة حتى يذوب اللحم تمامًا ويختلط بالقمح ليكون مزيجًا متجانسًا ولذيذًا. وإلى جانب الهريس، تحضر أطباق أخرى مثل “الثريد” و”المندي” لتضفي تنوعًا على مائدة العيد الإماراتية.
في سوريا
وفي سوريا، تتصدر أطباق “التسقية” و”فتة اللحمة” وجبة الفطور في صباح عيد الأضحى، بينما يحل طبق “الشاكرية” ضيفًا عزيزًا على مائدة الغداء. تتكون الشاكرية من قطع اللحم الطرية المطبوخة في مرقة اللبن والنشاء، وتقدم عادةً إلى جانب الأرز أو البرغل، لتشكل وجبة غنية بالنكهة والقيمة الغذائية.
السودان
أما في السودان، فتتخذ الاحتفالات بالعيد منحىً فريدًا من نوعه مع طبق “المرارة”. يعد هذا الطبق من أغرب الوجبات العربية، حيث يتكون من الكبدة والرئة والطحال والكلى المقطعة، والتي تضاف إليها كمية وفيرة من التوابل وتؤكل نيئة. ويبدأ السودانيون يوم العيد بتناول “العصيدة”، وهي مزيج من الدقيق والماء يقدم مع خليط يسمى “الويكة” يتكون من البامية المجففة والمطحونة واللحم المفروم. ويتبع السودانيون تقليدًا بتقسيم الأضحية إلى ثلاثة أجزاء: جزء للشواء، وآخر مطبوخ يُعرف بـ “كباب الحلة”، والجزء الثالث هو “المرارة”.
المغرب
بينما في المغرب، يبرز “طبق البولفاف” كأحد الأطباق المميزة على مائدة عيد الأضحى. يتكون هذا الطبق من كبد الضأن الذي يشوى أولًا على الفحم. ثم يتبل جيدًا ويلف بدهون الضأن ويعاد شوائه مرة أخرى ليكتسب نكهة فريدة ومميزة. كما تشتهر أيضًا أكلة “العصبان” في معظم دول المغرب العربي. ومن اللافت في التقاليد المغربية أن لحم الخروف لا يستهلك في اليوم الأول للعيد. بل يفرغ من جوفه ويستخدم لصنع الشواء. بينما يشوى الرأس في اليوم التالي. وفي اليوم الثالث يتم إعداد “المروزية” برقبة الخروف أو “القديد” الذي يصنع منه طبق “الذيالة”.
تونس
كما تتميز تونس بطبق “الزغديدة” كأحد أشهر أطباق عيد الأضحى. حيث يتكون من اللحم والخضروات المتنوعة كالبصل والطماطم والفلفل، وتطهى هذه المكونات في قدر خزفي تقليدي يوضع على الكانون. ومن العادات التونسية المميزة تجفيف اللحم تحت أشعة الشمس. ما يعرف بـ “القديد”. وتتنوع الأطباق الأخرى لتشمل “القلاية” و”الملثوث برأس الغنم” و”الملوخية” و”العصبان”. الذي يشبه “الممبار” في بعض الدول العربية ولكنه يتميز بإضافة الكبد المقطع إلى الحشوة.
سلطنة عمان
بينما في سلطنة عمان، يعتبر طبق “المقلاي” من أشهر أطباق عيد الأضحى. ويتكون من كبد الغنم واللحم المضاف إليه البهارات العمانية المميزة والخبز العماني الأصيل. ويحرص العمانيون على إحياء عادة تراثية قديمة تتمثل في فتح التنور وإشعال النيران فيه. لتضع كل عائلة أواني اللحوم الخاصة بها المصنوعة من سعف النخيل الأخضر. ثم يغلق التنور بإحكام بالطين ويترك لمدة يومين لينضج اللحم ببطء ويكتسب نكهة فريدة.
الأردن وفلسطين
كما تشترك الأردن وفلسطين في العديد من أكلات عيد الأضحى الرئيسية. حيث يقدم طبق “الكبدة المحشية” كأحد الأطباق المميزة. يتم حشو كبد الضأن بالبقدونس والثوم. ثم يقطع إلى شرائح ويوضع في الفرن ليشوى ويكتسب نكهة شهية. وإلى جانب ذلك، تحضر المشويات المختلفة بتتبيلاتها المميزة. بينما لا يمكن الحديث عن موائد العيد في الأردن وفلسطين دون ذكر “المنسف”. الذي يعد من أشهر الأطباق المقدمة في هذه المناسبة السعيدة.
البحرين
بينما في البحرين، فيشتهر طبق الأرز باللحم، الذي يكتسب في العيد طابعًا خاصًا يعرف باسم “مكلف”. كما يتميز هذا الطبق بإضافة كميات وفيرة من الهيل والزعفران والمكسرات والليمون الأسود والزبيب. ما يمنحه نكهة غنية ومميزة. وفي بعض الأحيان يطهى اللحم على الفحم ليضفي عليه نكهة مدخنة شهية.
ختامًا، تظهر هذه الرحلة القصيرة عبر موائد عيد الأضحى في العالم العربي التنوع الثقافي والغذائي الغني الذي يميز كل دولة. فبينما يشترك المسلمون في فرحة العيد وطقوس الأضحية، تتجلى الهوية المحلية في الأطباق التي تزين موائدهم، لتضفي على هذه المناسبة السعيدة نكهة فريدة ومميزة في كل بقعة من بقاع العالم العربي.