الكعبة المشرفة عظَّمها العرب قبل الإسلام، لما لها من مكانة كبيرة وعظيمة، فهي محط أفئدتهم؛ فكانوا يكسون الكعبة بكسوة؛ بمشاركة الرجال وأيضًا النساء ومنهن «نتيلة بنت جناب» أول سيدة تكسو الكعبة المشرفة. وتعتبى كسوة الكعبة أحد مظاهر التبجيل والتعظيم لهذا المكان العظيم الذي لا يعادله أي مكان في الأرض.
وتعد الكعبة المشرفة، أول بيت للناس على الأرض، كما أنها قبلة المسلمين في صلواتهم، ويطوف الحجاج حولها؛ فهي على شكل «حجرة كبيرة» مربعة الشكل، يبلغ ارتفاعها 15 مترًا، وتتوسط المسجد الحرام.
كما تتكون الكعبة من عدة أبنية وأجزاء صغيرة، التي صارت من تكوينها، ويبلغ عدد أجزاء الكعبة ومكوناتها نحو13 جزءًا، وستجد أن كل منها يحمل اسمًا خاصًا به.
وتحتاج الكعبة إلى كمية كبيرة من الكسوة؛ لارتفاعها الكبير الذي يصل إلى نحو 15 مترًا وأضلاعها البالغة 12 مترًا. كما يجب أن تكون الكسوة ذات قيمة؛ لتليق بمكانة البيت العتيق.
وكانت الكسوة قديمًا تقتصر على المقتدر، ومن يملك المال من الرجال. وكانت قريش بحسب السيّر «ابن هشام» تسترفد الكسوة عبر القبائل بحسب احتمالها.
واستمر ذلك حتى ظهور أبو ربيعة بن المغيرة المخزومي، الذي قام بالتجارة باليمن حتى أصبح من الأثرياء. وعرض على قريش أن يقوم بكسوة الكعبة بمفرده لمدة سنة كاملة، وقريش تجتمع لتكسوها سنة أخرى، وكان يقوم بذلك حتى مات قبيل ظهور الإسلام. وأطلقت عليه قريش "العدل"؛ بسبب أنه يعدل بفعله قريشا كلها من خلال كسوته للكعبة.
وذكرت كتب السيّر ثلاث سيدات كسون الكعبة لوحدهن. فلم يكن دور المرأة بشراكتها الفعلية بكسوة الكعبة إذا كان بالمساعدة أو بالعمل والحياكة فقط.
وكانت منهن النوار بنت مالك، وهي أم زيد بن ثابت الصحابي؛ إذ قالت: «رأيت على الكعبة قبل أن ألد زيد بن ثابت وأنا به نسوء - وهي حامل به - ما طرف خز خضراء وصفراء وكرارا وأكسية من أكسية الأعراب وشقاق شعر». وأكد المؤرخون بعدها بأنها ممن كست الكعبة ونالت شرف هذا الأمر العظيم.
كما شاركت إحدى السيدات بكسوة الكعبة، وقد عدها المؤرخون من السيدات اللواتي شاركن في كسوة الكعبة. وقال عمر بن الحكم: «نذرت أمي بدنة تنحرها عن البيت، وجللتها شقتين من شعر ووبر فنحرت البدنة وسترت الكعبة بالشقتين. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة ولم يهاجر يوم ذاك».
وتعتبر نتيلة بنت جناب، هي أول سيدة عربية كست البيت الحرام بالديباج والحرير وأصناف الكسوة المختلفة.
كما ذكرت العديد من المراجع، أن نتيلة عندما أنجبت العباس بن عبدالمطلب وشب قليلًا، ضاع وفقدته وكان حينها دون سن التمييز. ونذرت حينها إن في حالة وجدته ستقوم بكسوة الكعبة فوجدته ففعلت نذرها.
وتعتبر نتيلة هي السيدة الوحيدة التي كست الكعبة بشكل كامل وغطتها، وذلك كان نتيجة لنذرها الكبير الخاص بفقدان ابنها.
وقامت بهذا العمل رغم مشقته؛ لعدم توفر الأكسية بحجمها الكبير وبكميتها الوافرة. ففي ذلك الوقت لم تكن مكة من الأماكن التي تكثر فيها الكسوة، فيتم إحضارها من اليمن في الرحلات الإيلاف التي خلدها القرآن.
كما تعد السيدة نتيلة هي آخر امرأة كست الكعبة، وذلك قبل نحو 1500 عام، بعد سيطرة قريش على مكة وما حولها في شرف لم تنازعه العرب قبيلة قريش، حيث سادت بهذا الشرف.
وعن نسبها، فهو: «نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم اللات بن بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان».
اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع كسوة الكعبة.. «الحج والعمرة» توضح