ماري منيب "المتسلطة الظريفة"

أُصيبت بالخرس ولم تنطق كلمة واحدة، وانسحبت حينما شاهدت الجمهور لأول مرة، ولكن شغفها بالفن عجّل بوقوفها على خشبة المسرح وهي في عمر الرابعة عشرة من عمرها، في مسرحية "القضية نمرة 14"، كما عملت راقصة في الملاهي، ومغنية، إلى أن أصبحت أيقونة المرأة المتسلطة؛ لبراعتها في تقديم شخصية الحماة الجبارة المتحكمة، التي تفرض سيطرتها على حياة الزوجين وتحولها إلى جحيم لا يطاق. وعلى الرغم من ذلك استطاعت "ماري منيب"، بخفة ظلها أن تصبح ملكة الكوميديا دون منازع، حتى خلال تقديمها أدوار المكر وخلق النزاعات بين أبنائها وزوجاتهم.

ذات أصول شامية.. وعاشت في (شبرا- مصر)

ولدت ماري سليم حبيب نصر الله، الشهيرة بـ(ماري منيب)، الممثلة الكوميدية المصرية ذات الأصول الشامية، في بيروت، يوم 11 فبراير عام 1905، حيث جاءت مع أسرتها إلى مصر وقطنت في 6 شارع روبي شماع، بحي شبرا، مدينة القاهرة.

كانت أولى زيجاتها داخل عربة قطار متجه إلى الشام

تعرفت على الممثل الكوميدي "فوزي منيب"، من داخل عربات أحد القطارات المتجهة إلى الشام، حينما كانت تتجه لتبدأ عملها في إحدى الفرق الغنائية هناك، وخلال رحلتها تبادل الثنائي نظرات الإعجاب، ولم تمضِ سوى دقائق قليلة حتى تزوجا داخل القطار، وكانت أولى زيجاتها وهي في سن الـ14 عامًا. غضبت والدتها بعد أن علمت بهذا الأمر، وعارضتها بشدة، واستمرت في رفضها لهذه الزيجة، حتى إنها حاولت إجباره على تطليق ابنتها، لكنها لم تنجح في ذلك، وأنجبت منه ولدين (فؤاد، وبديع منيب)، سافرت "ماري" وزوجها إلى لبنان بعد موافقة أمها، وعملا معًا هناك وجنيا أموالًا كثيرة، لكنه طلقها بعد أن تزوج عليها في السر (نرجس شوقي)، فتاة كانت تعمل معهم في نفس الفرقة، وحملت "ماري" اسمه ليصبح (ماري منيب)، وظلّت محتفظة به حتى بعد طلاقها.

بدأت مشوارها الفني في الرابعة عشرة من عمرها

انطلاقتها الحقيقية في عالم الفن كانت في ثلاثينيات القرن العشرين على المسرح، بعد انضمامها إلى فرقة الريحاني عام 1937، حيث قدّمت أشهر أعمالها في المسرح والسينما التي اشتُهرت فيها بدور الحماة، التي تحاول تخريب حياة أبنائها بالتدخل المفرط ثم تنسحب من حياتهما.

بدأت حياتها الفنية كـ(راقصة) بملاهي روض الفرج

بدأت موهبتها الفنية في سن صغيرة كراقصة في ملاهي روض الفرج، ومغنية، ولكن انطلاقتها الحقيقية في عالم الفن كانت في ثلاثينيات القرن العشرين على المسرح، بعد انضمامها إلى فرقة (الريحاني)، عام 1937، وتوالت مشاركتها في أعمال مسرحية وسينمائية، حتى أصبحت تقوم ببطولة أفلام سينمائية عديدة، بمساعدة الفنان الكبير (بشارة واكيم)، الذي أحبها حبا كبيرًا، لكنها رفضت الزواج منه بسبب حبها للممثل الكوميدي فوزي منيب.

اعتنقت الإسلام.. ليصبح اسمها (أمينة عبد السلام)

جاءت زيجة منيب الثانية من المحامي عبد السلام فهمي، زوج شقيقتها، التي توفيت، لتُربي أولادها، وأنجبت منه ولدين وبنتا، ما جعل "منيب" تعيش مع أسرته المسلمة، وتتأثر بطقوسهم الإسلامية، وتلاوة القرآن الذي كان يُتلى كل يوم في منزل حماتها، وكانت تشرح لها حماتها معاني السور، لدرجة أنها حفظت بعض آيات القرآن، وفي عام 1937، أشهرت إسلامها في محكمة مصر الابتدائية، وصدرت وثيقة بإشهار إسلامها لدى فضيلة الشيخ محمود العربي، والشيخ أحمد الجداوي، رئيس المحكمة، تفيد حضور "ماري منيب"، المقيمة في 6 شارع روبي شماع بشبرا، التي كانت تحمل ديانة مسيحية كاثوليكية، واعتنقت الإسلام ونطقت الشهادتين، واختارت لنفسها اسم "أمينة عبد السلام"، نسبة إلى زوجها عبد السلام فهمي عبد الرحمن أحمد، المقيم بنفس المنزل المذكور، وعليه فإن "فهمي" كان سببًا في إسلام شقيقتها ثم إسلامها أيضًا.

موهبتها وأداؤها نقشا اسمها بحروف من ذهب

في عام 1936، لفتت أنظار شركات الإنتاج وقتها لتميز موهبتها، خاصةً بعد مشاركتها بفيلم "أنشودة الراديو"، فتهافتوا عليها للمشاركة ببطولة عدد من الأعمال السينمائية الناجحة، التي كانت إضافة لمسيرتها الفنية، وأصبحت بعدها ركيزة أساسية بمعظم الأعمال السينمائية وسط مشاركة كبار نجوم السينما المصرية وقتها، وتعلق الجمهور المصري والعربي بأداء (ماري منيب) التمثيلي، الذي مكنها من نقش اسمها بحروف من ذهب في أذهان المشاهدين.

تولت إدارة فرقة (الريحاني).. وشاركت بالتمثيل في (200 فيلم)

تولت إدارة فرقة الريحاني، عقب وفاته مع بديع وعادل خيري، كما عملت ماري مع أبرز الفرق المسرحية في وقتها، منها "علي الكسار، وفوزي الجزايرلي"، واشتركت في العديد من الأفلام السينمائية التي تمثل علامات في تاريخ السينما المصرية والعربية. وصل عدد أفلامها إلى ما يقرب من 200 فيلم، من أهمها "بابا أمين، سي عمر، المليونيرة الصغيرة"، واشتهرت بدور الحماة المتسلطة الظريفة، التي تحاول التدخل بين ابنتها وزوجها فتفسد الأشياء ثم تنسحب عن حياتهما، وذلك من خلال أفلام "حماتي ملاك، الحموات الفاتنات، وحماتي قنبلة ذرية".

أبدعت بالفن لمدة 35 عامًا.. وتوفيت عام 1969

ذاع صيتها عندما تقدمت في العمر، وظلت تُبدع بالمجال الفني لمدة خمسة وثلاثين عامًا. قدمت (منيب) آخر أدوارها الفنية في فيلم "لصوص لكن ظرفاء" عام 1968، وظلت تثرينا بإبداعها الفني إلى أن توفيت يوم 21 يناير عام 1969 عن عمر ناهز الـ64 عامًا.

خلقت (إفيهات) ورثها الأجيال إلى يومنا هذا

اشتهرت منيب، خلال مسيرتها الفنية، بالعديد من الإفيهات، التي حفظها المصريون عنها، كان من أبرزها: "اسأليني أنا ده أنا مدوباهم اتنين"، وذلك خلال دورها في فيلم "حماتي ملاك"، و"بلا نيلة" في فيلم "اعترافات زوج"، مع الفنان (فؤاد المهندس) والفنان (يوسف وهبي) والفنانة (شويكار)، إلى جانب الإفيه الشهير "وانتي جاية تشتغلي إيه" من مسرحية "إلا خمسة"، مع الممثل الكوميدي الراحل (عادل خيري)، و"اهري يا مهري وأنا على مهلي"، و"يادي المرار يادي النيلة".

(جوجل) حرص على الاحتفاء بذكرى ميلادها الـ114

كعادة محرك البحث الأشهر عالميا "جوجل"، يحرص على الاحتفاء بعدد من نجوم السينما المصرية وعرض مسيرتهم الفنية في ذكرى ميلادهم، وتصدرت الفنانة الراحلة (ماري منيب)، التي يحل اليوم ذكرى ميلادها الـ114، واجهة محرك البحث "جوجل" الرئيسية، بصورة كاريكاتيرية للراحلة، تخليدًا لذكراها كواحدة من ألمع نجمات السينما المصرية في ثلاثينيات القرن العشرين.