علم البيئة علم حديث على الرغم من أن الإنسان استغل الكثير من المعارف البيئية منذ آلاف السنين. ففي عام 1800 مثلًا اكتشف العلماء أثر الرطوبة على تطور الحشرات، وأثر اختلاف مواقيت اليوم على هجرة الطيور.
وفي منتصف القرن الحالي ظهرت نظرية النظام البيئي الجزئي، التي تعنى بدراسة وحدة معينة في الزمان والمكان. في ظل كل الظروف المادية والمناخية، وكذلك العلاقات بين تلك الكائنات بعضها البعض وعلاقتها بالظروف المحيطة بها.
ثم تطور العلم منذ عام 1970 من الاقتصار على هذا النظام البيئي الجزئي إلى الجمع بين تلك النظم البيئية الجزئية في إطار شامل يمثل دراسة الإنسان المجال الحيوي. وهكذا أصبحت علوم البيئة تسير التفاعل بين ثلاثة منظومات:
المنظومة الأولى
- المحيط الحيوي، ومداره المكاني هو الطبقات السفلى من الهواء، وهو ما يسمى بالغلاف الجوي».
- الطبقات العليا من الماء المعروفة باسم «الغلاف المائي».
- الطبقات السطحية من الأرض اليابسة وهي «الغلاف اليابس».
والتفاعلات الكلية لهذه المنظومات مستقلة عن فعل الإنسان إلا في آثار محددة الكم.
المنظومة الثانية
المحيط الاجتماعي التي جاءت نتيجة وجود الإنسان على هذه الأرض وتكاثره، وتتمثل في النظم الاجتماعية والسياسية والثقافية والإدارية التي وضعت بهدف تنظيم سيرورة المجتمع وإدارة الحياة و العلاقات مع المنظومة الأولى.
المنظومة الثالثة
تتحدد في كل ما أحرزه الإنسان من تقنيات تكنولوجية واختراعات حضارية. ونتيجة لذلك يعد علم البيئة من العلوم الطبيعية والإنسانية في آن واحد. وأيًا كان الوضع فإن الإنسان جزء لا يتجزأ من النظام البيئي والمجال الحيوي بل هو العنصر الرئيسي لأي دراسة بيئية.
سوء استغلال الموارد والثروات
ويتسم عصرنا الحالي بتغيرات بيئية عميقة وواسعة النطاق لعب فيها الإنسان الدور الأول وأثرت في كل جوانب حياته. ولكن ما يدعو للدهشة أن قلة من الناس فقط تشك في أن كوكبنا على حافة كارثة ايكولوجية.
لقد نما الإنسان من مختلف الجوانب ولكن على حساب البيئة، وقد أساء استخدام مختلف المصادر من الأرض والماء والهواء وأصابها بالتشويه. وتزايد استهلاكه الشديد للثروات الطبيعية غير القابلة للتجديد. وأقام بيئات حضرية سلبته الكثير من مقومات حياته الإنسانية.
هذه التغيرات البيئية دفعت الأوساط العلمية والدولية إلى الاعتراف ليس فقط بالحاجة إلى خلق اتزان وانسجام بين الإنسان والبيئة ولكن أيضًا بضرورة التعاون الدولي بين المجتمعات في تحقيق تلك الحاجة. وعلى هذا الأساس تبدت الحاجة إلى التوسع في دراسة علم البيئة.
أساسيات الوعي البيئي
إن الوعي البيئي وبسوء الاستهلاك وما يترتب عليه من أشكال التلوث، والعمل على وقاية البيئة من التدهور، وكذلك على تطويرها وتحسينها، يعتبر من أبرز التطورات المرجوة لأجل المستقبل.
ويعزى ذلك إلى ما يسمى “الأزمة البيئية الإيكولوجية” “Ecological Crisis” وهي تتطلب تجنيدًا للقوى التربوية والاجتماعية. التي تعمل على تشكيل وتطوير المعرفة والمهارات والقيم المتعلقة بالبيئة وبعلاقة الإنسان بها عند المواطنين. ويستلزم ذلك من المواطن الاجتماعي المتربي إيكولوجيا:
- أن يكتسب بعض المعارف الأساسية المتعلقة بالمفاهيم والحقائق الإيكولوجية.
- أن يكتسب بعض المعرفة الأساسية الخاصة بالمشكلات الاجتماعية الايكولوجية للبيئة الحضرية.
- أن يعي علاقته بالعالم الطبيعي. أن يعي أشكال التدهور البيئي مثل التلوث والازدحام السكاني.
- أن ينمي بداخله اهتمامًا شديدًا بالسياسات.
- المحلية والقومية الرامية إلى التصدي للمشكلات البيئية.
- أن يتعلم اتخاذ قرارات في هذا الشأن قائمة على أفضل البيانات المتاحة بعد تحليل كافة البدائل.
غرس القيم الاجتماعية الخاصة بحماية البيئة
تربية الوعي البيئي تعد من الضروريات للتلقين في المدارس والجامعات والمؤسسات الاجتماعية والمصانع وغير ذلك. ولكن مجرد المعرفة بالتربية البيئية لا تكفي لتحقيق الغاية الرئيسية من التربية البيئية والتي تتمثل في: “تربية الإنسان كي يعيش مع بيئته على نحو ايجابي وبناء”.
فتحقيق هذه الغاية مرهون أيضًا بالتدريب على أنماط السلوك البيئي الرشيد، وبتحويل هذه المعرفة التي إلى ممارسات عملية تدخل البناء النفسي للشخص كجانب جوانب تكوين اتجاهاته و الأخلاقي المعنوي.
ومن هنا أدرك الإنسان أهمية ومدى الترابط الدقيق بينه وبين ذلك منطلقه الاهتمام العملي والاجتماعي البيئي. وأضحى هذا العلم بآفاق تفرض نظامًا معرفيًا يقوم على التوجيه التربوي ويدرس العلاقات الإنسانية وتشابكها وأثرها وتأثيرها باختلاف تقسيماتها.
كما يدرس الممارسات السلوكية للإنسان وحاجته إلى التشريعات التي تحميه وتحمي البيئة في نفس الوقت بتطبيق القيم الاجتماعية، وتدعيم هذا الجانب في طريقة تفكير الإنسان بصوره الثلاث ويترجم هذا الاهتمام الدراسات والخبرات العديدة على المستويات العالمية والإقليمية والقومية التي تناولت علم البيئة.
 
			



















