صبحة بغورة تكتب: 21 سبتمبر.. اليوم الدولي للسلام

تجدد دول العالم في 21 سبتمبر من كل عام مطالبتها بإرساء السلام وترسيخ أسسه وتثبيت أركانه، والاحتفاء بهذه المناسبة دليل على استعداد المجتمع الدولي لتقديم الدعم لجهود إقرار السلام، وشهادة اعتراف بأهمية العمل على فورية معالجة أسباب الأزمات قبل تفاقم مظاهر توترها.

ويبرز هذا اليوم مؤشرات الرفض الدولي لفض النزاعات الدولية بالقوة ومعالجة القضايا الداخلية بوسائل العنف والقمع، كما أنها دعوة ملحة أصبح يكتنفها بكل جلاء شحنات غضب واعتراض وتنديد كبيرة لرؤية تفشي النزاعات المسلحة واستمرارها، والوقوف بأسف أمام حجم ضحايا الصراعات الدامية التي تبيد شعوبا وتدمر دول وتضع مستقبل أجيال أمام متاهات الغموض والضياع . تنبع صيحات السلام العالمية من قلب المحن الإنسانية التي كانت وما تزال تضع المجتمع الدولي أمام أعباء معالجة أسبابها واحتواء نتائجها السلبية وحصر آثارها وانعكاساتها ومنع تداعياتها من التمدد، وهذا الجهد الدولي يفترض أن يكون مؤسسا، ومعترفا به، معبرًا عن إرادة جماعية دولية لديها من القوة الشرعية ما يمكنها من وضع وسائلها السلمية سواء الوقائية أو الحمائية موضع التنفيذ، وفرض ما اجتمعت عليه الإرادة الدولية لإقرار السلام. يجب على الجميع، نبذ الخلافات العقائدية والمذهبية والعرقية والطائفية، وتجنب حل المشاكل بالقوة أو التهديد باستعمالها، وفي تشجيع روح الحوار وسنة التشاور واحترام الرأي والرأي الآخر وحرية التعبير.

لقد سقطت شعوبا فيما مضى وإلى وقت قريب ضحية غياب مبادئ ثقافة السلم ودفعت الثمن غاليا من أبنائها وثرواتها، ومنها من جنحت للسلم بشكل متدرج ومرحلي تحت مسميات تضمنت مفاهيم تناسبت مع دقة المرحلة وظروفها ووفق قسوة ما عانته المجتمعات من همجية العنف، وكان قاسمها المشترك أنه بفضل شجاعة مواجهة الحقائق يمكن للحب أن ينتصر من أجل السلام. ثقافة السلم عمادها التسامح الكريم، وفضيلة التسامح هي تحول داخلي عميق يفتح النفس على قوة تطور العيش وفق المبادئ الكونية، فالأحداث في حياة الفرد تعكس من هو، والناس في حياة الفرد يعكسون مظاهر قد يريد بعضها في نفسه أو يريد رفضها، ووعي الفرد الداخلي يتطور دائما نحو الميل إلى الصفح والتسامح كتربية تجري التنشئة عليه منذ الصغر في الإطار الأسري والمدرسي والاجتماعي.

والذي يمثل المجال الحيوي لتحصين المجتمع من خطب العنف والتحريض على التطرف ويوفر لأفراده الأمن الفكري وكل سبل التنمية الاجتماعية من خلال الخطاب السياسي الراقي والفعال الذي يجد له صدى في الممارسة الديمقراطية الهادئة، إنه الخطاب الحازم الذي يتضمن تقديم الأفكار ويعرض المقترحات ويشرح البرامج، خطاب يبتعد عن تصفية الحسابات ولا يقصي ولا يعزل أحدًا، ولكنه غير مهدم، يدعو للأخوة والوحدة الوطنية والرقي، فثقافة السلام تتطلب خطابات مهنية تدل على الوسطية في الأفكار والاعتدال في التدين والمعتقدات، وتقتضي تعظيم دور التراث في بناء حصون الأمن والسلم في نفوس الأجيال وثقافة السلام في عقول البشر.

 

اقرأ أيضًأ.. صبحة بغورة تكتب: كورونا والدخول المدرسي