صبحة بغورة تكتب: بعد فشل الرقة والوداعة والنكد.. الدموع سلاح المرأة!

ظل جمال المرأة وأنوثتها الطاغية سلاحًا لا يقهر أمام دهاء وعضلات الرجل؛ إلا أن بعد زواجها ومرور السنين الأولى بدا وكأن هذين السلاحين عديمي الفائدة ولن يجدي نفعًا.

وقلما تحتفظ الزوجة برشاقة قوامها وبجمالها الأخاذ، وقد يبقى لها سحر كلماتها والرهان على وقعها في نفس الزوج لتحقيق مطالبها، ولكن غالبًا لا يجدي هذا الأسلوب نفعًا؛ لأن الزوج لا يجد خلال أيام الأسبوع وقتا كافيا لسماعها بعد يوم عمل طويل وشاق، ولا يطيق صبرًا على الإصغاء لها ولشكواها، فتلجأ الزوجة إلى سلاح آخر وهو إثارة المشاكل بغير داعي أي تعمد خلق أجواء "النكد".

ويكون هذا عادة تفسيرًا لحالة عدم وجود استقرار نفسي طالما أنه لا يوجد مبرر لها لإثارة النكد في أسرتها، لأن المرأة ليست في الحقيقة نكدية بطبعها ما لم تكسبها بعض المشاكل التي تصادف ظروف معينة وجود هذه الصفة فيها.

وتستخدم المرأة هذا السلاح، عندما تريد أن تقول شيئًا ما تفترض مسبقا بناء على تجاربها الحياتية وخبرتها بزوجها أنه لن يستوعب ما قالته أو سيتعمد عدم فهم مقصدها وقد يتظاهر بعد استيعاب طلبها جيدًا، وهذه مؤشرات قوية بغياب لغة الحوار بين الزوجين التي تدفع المرأة لافتعال المشاكل لإثارة الرجل "الصامت".

وإذا كانت المرأة بطبيعتها لا تقوى على كتمان مشاعرها؛ إذ انها سريعة التأثر وسرعان ما تعبر عن ما بداخلها من مشاعر سواء إيجابية أو سلبية، كما أنها بحاجة ماسة دائما للتنفيس عن ما تعانيه من ضغوط؛ لذلك تضيق بالزوج الذي لا يحرك ساكنا ولا يعبأ بما يجري حوله، وربما هذا ما يجعل تصرفاتها كردود فعل تصنف في خانة النكد.

ويجوز الاعتقاد بأن إثارة الزوجة حالة النكد يرجع إلى ما قد تلحظه من النظرة الدونية لها من طرف الرجل وإحساسها بأن حقوقها المعنوية على الأقل مهضومة فقط لأنها امرأة، وشعورها بأنها غير قادرة للحصول على حقوقها وهو ما يجعلها تلجأ للشكوى وتصبح كثيرة التذمر والصراخ؛ لعلها تجد متنفسا عن مشاعرها القلقة.

اقرأ أيضًا.. صبحة بغورة تكتب: الذكاء العاطفي عند المرأة

ويلعب العامل الوراثي أو المكتسب دورًا مهما في تشكيل رد فعل المرأة؛ إذ أن التي تشب وهي ترى أمها على هذا السلوك مع والدها ستبدأ لاشعوريا في تقليدها، وكذلك التي تستمع دائما بنصائح الصديقات لاتخاذ النكد أسلوبا لتحصل المرأة على ما تريده من زوجها، كما يتسبب تسلل الرتابة وأجواء الملل على عش الزوجية في إشاعة جوا من النكد ويفاقم الضعف أو البرود الجنسي في وجوده بقوة.

طبيعة المرأة العاطفية الحالمة، تجعلها تصطدم بحقائق الواقع المعقد حين تواجه مصاعب الحياة وتعاني من انعكاساتها على أنماط سلوك البشر؛ حيث تعتقد الكثيرات أن الزواج شهر عسل دائم ورومانسية لا تنتهي، وحين تدخل هذا العالم وتلمس حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها وتواجه صعوبات العيش بشكل عام؛ يصيبها نوع من الإحباط المؤدي إلى إصابتها بالاكتئاب، وينعكس هذا الحال على الزوج بالنكد يدخل بيته وحياته.

والحقيقة أن النكد لا يمر في البيوت مرور الكرام، فإن دخلها لابد أن يهدد استقرار الحياة الزوجية، فالزوج الذي يرى النكد يصادفه كلما عاد إلى منزله ينشد فيه راحة البدن والبال؛ فإنه غالبًا يعود من حيث أتي هاربًا إلى حيث يجد الراحة خارجه وهو ما لا ترغب فيه أي امرأة.

وقد يكون الرجل أيضا سببًا في إثارة النكد في بعض الأحيان، ويمكن أن يكون لأتفه الأسباب إلا أن المرأة بضحكتها العذبة وابتسامتها الرقيقة ودلالها على زوجها يمكن أن يزيل أي خلاف أو سوء تفاهم.

إن أول ما يجب أن تنطلق منه أي امرأة تنوي حياة زوجية سعيدة الالتزام الصحيح بدين الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولابد من القناعة والرضا بما قسمه لنا رب العالمين، والعلم بأن ما تفرضه علينا الحياة من مسؤوليات متنوعة وأعباء متعددة وواجبات لازمة كلها يمكن أن تدخل على حياتنا بعض الملل.

وسيكون على الزوجة المحبة أن تبدأ برحلة التجديد بعمل شيء مختلف يبعث الانتعاش ويثير الرومانسية؛ كعشاءٍ فاخر غير تقليدي على ضوء الشموع ووسط الورود، وبحوار صريح مغلف باللباقة خالي من الشكوى المستمرة سواء من الأبناء أو من الأعمال المنزلية، والانتباه إلى عدم تحميله مسؤولية ما تعانيه الزوجة، وأن لا تستسلم أمامه للهم والقلق، بل عليها أن تكون طلقة الوجه بشوشة المحيا، متفائلة بأن لكل مشكلة حل مع الابتعاد عن الخيال ومواجهة الحياة بواقعية، وعلى الزوجة الحصيفة، مدح سيرة حياتها مع زوجها والإشادة بخصاله كجواز لسفر ناجح إلى عقله وقلبه معا.

يبدو أننا لم نعد في عصر الحريم اللائي يكتفين بسكب دموع التماسيح لاستقطاب عاطفة زوجها وتجاوبه معها كلما كانت بصدد طلب شيئا منه؛ إذ لم يعد البكاء كسلاح للمرأة ممكنا اليوم بعد ارتفاع مستواها الثقافي ووعيها الاجتماعي؛ إذ أصبحت تستشعر الحرج وتأبى على نفسها أن تبدو مسكينة أو مكسورة الجناح، ويخشى والحال هكذا أن تفقد الزوجة كثيرًا من وداعتها التي تعتبر مصدر سحرها ومن رقتها التي تعد منبع أنوثتها.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

اقرأ أيضًا.. الأولى إسلاميًا وعربيًا.. السعودية ضمن أقوى 11 دولة عالميًا لعام 2021