صبحة بغورة تكتب: الغذاء الصحي لتحصيل النجاح الدراسي

اقترب موعد امتحانات آخر العام، إنها أيام معدودات تمثل حصيلة عام كامل من العمل المضنى والدراسة والاجتهاد، وقد احتدم في نفوس التلاميذ والآباء شعور داخلي لا يلبث أن يزداد تأججا بوتيرة متصاعدة مع توالى الأيام بضرورة تحقيق النجاح.

ولبلوغ هذا الهدف الذي يمثل رغبة أكيدة لدى كل شخص في هذه الحياة، تراه يسهر في مراجعة الدروس ويثابر في اجتهاده لتحصيل ما أمكنه من المعلومات، متحملًا مشاق مسار دراسي طويل لا يخلو من التعب والقلق.

ومن أجل تحقيق التفوق، وجب الانتباه إلى أهمية الالتزام بنظام مراجعة دراسية جدية وعلمية مضبوطة، وبنظام حياتي يوفر الظروف المناسبة لضمان الراحة الجسمية والهدوء النفسي والاسترخاء العقلي للتلميذ، كما يراعي ضرورة تمتعه بممارسة قدر من الرياضة في حدود عمره لتنشيط الدورة الدموية والحضور الذهني وتقديم الغذاء الصحي له.

إنها مرحلة الحزم والجدية التي تتطلب مستوى عالي من التركيز ومن المثابرة على استيعاب مخرجات العملية التعليمية، تلقي بحملها الثقيل على التلميذ وعلى الأولياء الذين لا شك في أنهم يستحضرون ماضيهم عندما كانوا تلاميذ وكيف أنهم تذوقوا طعم الخوف والتوتر ولوعة انتظار النتيجة، وهاهم يجددون مشاعر الخوف بدور آخر ومن منظور آخر؛ لذا تراهم يهتمون بكل التفاصيل التي يمكن أن توفر سبل راحة البال وتمنح الأجواء الحماسية في نفس التلميذ والمشجعة على مواصلة المذاكرة بكل جدية.

ويأتي على رأس هذه التفاصيل، النظام الغذائي المناسب والأمثل الذي لا يسبب من حيث الكمية والنوعية ومواعيد تقديمه آثارا جانبية سلبية.

لا يميل الكثير من المختصين في علم النفس إلى تفضيل تناول الأكلات السريعة التي تقدم وجبات سريعة غنية بالمواد الدهنية؛ لأنها تسبب الخمول والكسل وذات تأثير سلبي على صحة التلميذ ونفسيته، والأفضل تناول الأغذية الغنية بالبروتينات والفيتامينات التي تساعد كثير على استرجاع النشاط الذهني، لأنها تحفز بعض المواد الكيميائية على العمل لزيادة اليقظة وتنشيط الانتباه.

عمومًا، يجب أن يكون النظام الغذائي للتلميذ متوازن ومتكامل منذ الصغر، والأهم ضرورة تعويده عليه ومراقبة التزامه بعدم تناول الأكل السريع خارج المنزل، كما يجب عدم التساهل والاستسلام لرغباته في تناول هذه الوجبات حتى وإن كانت لذيذة.

والنظام الغذائي الأمثل هو ما احتوى على الخضر والفواكه الطازجة والسوائل، فكلها توفر له المواد الأساسية التي يحتاجها بشدة من المعادن والفيتامينات والتي إذا نقصت ظهر أثر ذلك في ذاته وأصبح أكثر عرضة للإصابة بالأمراض التي هو في غنى عنها خاصة وقت الامتحانات، فالتلميذ بحاجة ماسة في مرحلته السنية إلى أغذية الطاقة كحاجته لأغذية النمو.

دور الآباء في العملية التعليمية هام ومسؤوليتهم فيها كاملة؛ إذ يقع عليهم واجب تهيئة أفضل الأجواء الأسرية المناسبة داخل المنزل من وسائل الراحة والهدوء هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تجنب إثارة المشاكل مهما كان حجمها وتفادي الشجار وعدم إحاطة أفراد الأسرة بالهموم والصراخ عليهم؛ إذ أن البعض يتناسى طبيعة شخصية التلميذ الذي يستطيع أن يشعر بمن لا يعيره الاهتمام ولا يعبأ بمشاعره ولا يبالي بمصلحته.

ومثل هؤلاء الأولياء يتناسون أن التلميذ الغض الصغير يستقبل لتوه الحياة مشدوها بما حوله وبما يحيط عالمه، ويحتاج إلى من يمسك بيده ويصطفي له ما ينفعه، ومن ذلك اختيار نوعية غذائه الذي يعني مباشرة سلامته الصحية، ومن هنا تبرز فرضية ضرورة تناوله الوجبات بقدر كبير من الذكاء؛ لأن المؤكد والثابت أن طبيعة الغذاء ونوعيته يؤثران بشكل فوري ومباشر على الحالة الصحية والجسدية والنفسية للطفل.

وينصح بالتقليل من تناول السكريات والأملاح والدهون، والانتباه إلى ضرورة شرب ما بين 6 إلى 8 أكواب ماء يوميا، والإكثار من تناول أنواع السلطات والمكسرات الطازجة وغير المطبوخة لما فيها من منافع عظيمة للجسم والعقل لأنها غنية بالفيتامينات على اختلافها، وبالدهون غير المشبعة والألياف والمعادن مثل المغنيسيوم، والزنك والحديد والكالسيوم والنحاس والسيلينيوم والبوتاسيوم، وكلها مواد مضادة للنسيان أي تعمل على تنشيط الذاكرة وعلى تقويتها باستمرار.

كما يفضل تناول العصائر الطبيعية، كالليمون لأنه مهدئ للأعصاب خاصة في تلك المرحلة الحرجة، ومن الضروري انتباه الوالدين باستمرار إلى حالة ابنهما؛ فإذا لاحظا إنه شعر بشيء من الإعياء وأصابه قدر من الإجهاد وبأنه بحاجة للمزيد من الطاقة، عليهم المبادرة بتقديم له الكثير من الفواكه، وإن علما أنه يحتاج للراحة؛ فالواجب وضع الحليب أو اللبن الرائب وبعض أنواع الجبن في متناوله.

وبعض الأولياء لا يرون غضاضة في تقديم قدر يسير من الشاي أو القهوة الممزوجة بالحليب كمنبه صديق للصحة ودون التمادي في شربهما والإفراط في تناولهما، حينها يصبح العقل جاهزًا تماما للقيام بعملية المذاكرة بتقبل واسع وبفهم عميق ملؤه الرغبة والاستمتاع والاستيعاب السريع بكل الحرص والتدقيق وحب للتعلم، هذه عناصر أساسية نراها ضرورية في تحقيق النجاح وفي صناعة التفوق الدراسي للطفل على مسار التميز والابداع المتواصل.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

اقرأ أيضًا: صبحة بغورة تكتب: ضبط النفس في بوتقة نار الغضب