عندما تتقاطع هموم عملية تلبية احتياجات الغرور الذاتي مع جهود البحث عن مواصفات مصدر السعادة، نكون هنا بصدد مهمة معقدة نتحمل فيها أعباء تحديد سر السعادة.
يحدد الطبيب والمؤلف الأمريكي ديباك تشوبرا، المواصفات التي يتسم بها مصدر السعادة في قائمة تجزئ السعادة إلى مكوناتها، وهي: "اللامحلية، التحررية، اللاشخصية، الجوهرية، الكونية، وعدم القابلية للتغيير".
والفكرة الأساسية هي أن تستحضر في ذهنك أن الوعي الكوني بغض النظر عن درجة القيود التي تفرضها عليك الأنا الأنانية في أي لحظة زمنية بعينها.
وبإمكانك أن تتبنى نفس وجهة النظر نحو السعادة التي هي موجودة دائما في الوعي الإنساني من دون أن تضطر للتكشف في كل لحظة، فهي تتكشف حسب تغير الظروف، والناس مختلفون في الحد الأدنى لعواطفهم ويمتلكون بعض الخبرة أكثر من غيرهم، ويتفاوتون في مقدار ما يتسمون به من البشاشة والتفاؤل والقناعة.
هذه التشكيلة تعبر عن التنوع في الخليقة، فلا يمكنك أن تتوقع أن يتصرف المرء في الصحراء والغابة الماطرة بنفس السلوك، ولكن هذه التغيرات في التكوين الشخصي تبقى سطحية، فنفس السعادة غير القابلة للتغيير يمكن الوصول إليها في وعي كل إنسان .
من حيث الجوهر، السعادة ليست شيئا فريدًا وإنما هي نكهة واحدة من نكهات الجوهر، وعندما تلتقط الجوهر فإن السعادة سوف تنساب لأن كل مواصفات الجوهر ستأتي تباعا.
لذلك، فإن السعي لأن تكون سعيدًا باعتبار السعادة غاية في حد ذاتها مجال محدود، وستكون محظوظا لمجرد أن تلبي احتياجات غرورك الذاتي لتعيش حياة سعيدة، فإذا كرست نفسك بدلا من ذلك للتغير الكلي في وعيك، فعندئذٍ ستأتي السعادة كهدية مجانية يقدمها لك الوعي نفسه.
انهض باكرًا كما تفعل دائمًا، وتستطيع أن تستعد لليوم الجديد وأنت في السرير، اترك عقلك قبل أن تنهض يتطلع إلى الأمام.
في البداية، ستجد أن العادة قد تأخذ طريقها وستجد نفسك تمارس روتينك اليومي المألوف والقيام بنفس الواجبات اليومية سواء تجاه عملك أو تجاه أسرتك، وكذلك الالتزامات الأخرى تجاه الغير، وربما تختبر ما حدث في اليوم السابق، مثل العمل الذي لم تنجزه والخلاف الذي بقي دون حل، وقد تعود إليك بعد ذلك المخاوف، فاترك كل هذه الأمور تدخل وتخرج من وعيك، وبعد بضع لحظات سوف تلاحظ أن عقلك أقل ميلًا للقفز من السرير، وهذا يعني أنك غصت إلى عمق أبعد في وعيك، فلا تدع نفسك تعود للنوم ولا تتطلع إلى شيء دراماتيكي فأنت في مرحلة تبدأ منها بذور الأحداث في النمو، وكل ما تفعله أنك تقترح على نفسك بأن تكون في تلك الأحداث وأنت لا تحتاج لتغيير أي شيء ولا تحتاج لأن تقيد نفسك بأحكام أو أفكار مسبقة حول ما يجب أن يحدث في ذلك اليوم الجديد.
وعندما تتفاعل مع يومك، استعمل نفودك من خلال وعيك بصمت، ذلك لأنه يحدث التأثير بطريقة ذكية وخفية، وبداية اليوم الجديد يحتاج منك أن تبدأه بحالة هادئة ومستقرة ومتحررة من أعباء الأمس، وأن تضيف نية ذكية وخفية بأن تترك الحياة تتكشف من تلقاء نفسها لتستقبلها أنت بقلب وعقل مفتوح، وستشعر حينها بأنك إنسان جديد.
صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية
اقرأ أيضًا: صبحة بغورة تكتب: تعدد الزوجات بين مبرراته وموجباته