"سرداب" رندة فخري يحتفي بالاغتراب والتخفي

تتواصل فعاليات معرض "السرداب" للفنانة الدكتور رندة فخري؛ والذي افتتح في 11 نوفمبر الجاري بجاليري العاصمة في الزمالك ويستمر حتى 29 من الشهر ذاته.

تحتفي الفنانة في هذا المعرض بالتجربة الذاتية وبالحياة الداخلية، وقد تمكنت، عبر 22 لوحة مختلفة، من الغوص في خبايا النفس البشرية واستخراج مكنوناتها.

تظهر ثيمة السرداب هنا بشكل مختلف، ويتم تناولها على نحو مغاير للمعهود، فالسرداب هنا هو مكان لإخفاء مكنونات المرء ومقدراته الثمينة، التي هي مقدرات وجدانية ونفسية في الأساس. يطور الإنسان، عبر هذا السرداب وفي داخله، بعض الآليات والاستراتيجيات التي تمكنه من مواجهة المجتمع والآخرين، فـ "إنسان السرداب" يخشى الظهور على ما هو عليه وبطبيعته، لأن المجتمع لن يقبله على هذا النحو، لذلك كان لابد من تطوير بعض الآليات الدفاعية_ التي هي هنا التخفي_، لمواجهة المجتمع ومحاولة التأقلم معه.

وفي حديثها لمجلة الجوهرة قالت الفنانة رندة فخري إنها اختارت عنوان معرضها "السرداب" لأنها تبحث في السرداب الداخلي للنفس البشرية، وفي هذا السرداب يضع الإنسان كل ما يريد إخفاءه عن نفسه أو عن الآخرين، وفي "السرداب" أيضًا يخبيء الإنسان كل مكنوناته وذكرياته.

وأضافت أنها استخدمت "القناع"؛ قناع البلياتشو، ليتمكن أشخاص معرضها من التخفي عن أعين الآخرين، وليس هذا من قبيل التمثيل، وإنما هو أشبه ما يكون بـ "فن الادعاء"، فإذا أراد الإنسان أن يعيش فعليه أن يخفي حقيقته التي قد لا يتقبلها المجتمع أو قد تجلب عليه هو نفسه ضررًا.

وأكدت "فخري" أن إنسان السرداب إنسان مغترب متخفي، ولترسيخ هذه الفكرة فقد أظهرت كل شخصيات معرضها وهم يخفون جسدهم كاملًا ويرتدون القفاز الأبيض، حتى كأنهم لا يريدون إظهار أي شيء من أجسادهم فضلًا عن أرواحهم.

ولفتت إلى أننا لا نستطيع أن نتعرف حقائق الأشخاص الآخرين طالما أننا لم نعش معهم، فدواخل الإنسان لا يعرفها إلا المقربون منه، خاصة وأنه طوال الوقت يخفي حقيقته عن نفسه وعن الآخرين.

في السرداب حياة

وتعليقًا على هذا المعرض، قالت الناقدة والفنانة التشكيلية سوزي شكري: "حين نقرأ أو نسمع كلمة "السرداب" نتوقع أن الحوار عن مكان مظلم مخيف يسكنه أشباح، مع أننا نعيش أيامنا في سراديب وقيود صنعناها لأنفسنا، وسجون بناها لنا الآخرون"، وأضافت "مخطى من يظن أن في السرداب أموات، ومخطيء من يظن أن في السرداب نهايات، ومخطيء من يظن أنها سراديب للنسيان، لنا في السراديب أحلام، لنا في السرداب أمانة حفظناها، الحقيقة أن لنا في السرداب حياة، يسير فيها المسافر والمقيم، لا نبوح بها لأحد، ولا تبوح هي عن نفسها إلا حين نطالبها نحن بذلك، ربما أخفيناها حافظًا عليها، وربما لأن هذه الأشياء اختارت لنفسها الاختفاء حافظًا علينا، فكلما أردنا الهروب من رتابة الأيام نعاود البحث والتنقيب عن هذه الأشياء، منها أشياء تخصنا، واشياء تخص من نعرفهم، أخفيناها بأعماقنا، وحفظناها في سراديب أعيننا، لنبصر منها اليوم والغد".

وأضافت شكري: "من هذا المعنى الفلسفي للسرداب تطرح الفنانة "رندة فخري" بأدواتها الوجدانية والفنية، وتقنياتها التشكيلية، في كل لوحة تساؤل، حكاية، لغز، غموض، مشاهد بها شخصيات وعناصر ومفردات رموز ".

[gallery link="file" columns="1" size="full" ids="7509,7508,7510,7511,7512"]