روز العودة تكتب: مواقف واضحة لاستعادة مكانة لغتنا العربية

إنَّ التباين الواضح في تفكيرنا الجمعي، تجاه تعاملنا مع اللغة العربية في حياتنا اليومية، يعكس بوضوح أننا أمام نتائج منطقية، قد تعصف بلغتنا العربية، وتقودها إلى التقهقر أمام اللغات الأجنبية.

وباستثناء بعض المعالجات الفردية التي تقوم بها بعض الأسر- في جهد- لترسيخ اللغة العربية في عقول أبنائها، إلا أنَّ الواقع يشير إلى أننا أمام مشكلة، قد يكون لها آثار كارثية على مستقبل تعاملنا مع لغتنا الأم، فلم نكتفِ فقط بإدخال كلمات غير عربية، وتحويلها إلى كلمات عربية دون مرجع، أو سند، أو على الأقل استخدام المرادف، بل سلكنا منهجًا يهدد مستقبل تعامل أبنائنا مع لغتنا، عندما صرنا نتخاطب معهم باللغة الإنجليزية؛ كونهم- مثلًا - يدرسون في مدارس عالمية، ونريد تقوية لغتهم الدراسية، متناسين تمامًا أن هذا الوضع يؤثر سلبًا على تعاطيهم مع اللغة الأم.

ولا شك في أنَّ حالة الاستشراق الذاتي التي نمارسها بوعي، أو بدون وعي، ستقودنا حتمًا إلى حالة من السلبية، التي ربما تقودنا بدورها إلى مرحلة الحياد تجاه تعاملنا مع اللغة العربية؛ إذ نفقد تدريجيًا في تجاهلنا لهذه المشكلة، حضارةً، وثقافةً، ومخزونًا تراكميًا، من الإرث الأدبي والبلاغة وجماليات الأسلوب، كما نفقد مشتركات وقواسم تجمعنا وتحدد هويتنا؛ فلا وجود لمصادر لتطوير اللغة، ولا اهتمام بتركيزها إلا من بعض المحاولات الخجولة في أماكن متفرقة من وطننا العربي؛ وهي مبادرات ليست ضمن خطط واضحة أو استراتيجيات محددة؛ الأمر الذي يهدد الذاكرة الجمعية لأطفالنا وللراشدين على حدٍ سواء.

والشَّاهد أنَّ العربيةَ لغةٌ زادها القرآن تشريفًا؛ لغة يتجسد جمالها في حروفها وكلماتها؛ فالحرف العربي وحده، يمكن أن يكوِّن لوحة تشكيلية مكتملة التفاصيل، كما تزداد فيه القيم الجمالية، عند ربطه بغيره لتكوين الجمل؛ فتصبح قيمة جمالية عالية، تمثل أساس ثقافتنا وتعاملاتنا.

ويحتم علينا الواجب، أن نبدأ بجد وعزم محاولة استعادة واقع لغتنا العربية، دون تأخير أو إبطاء؛ عبر مبادرة نشارك فيها جميعًا؛ حكومات، ومنظمات، ومجتمعات وأفراد؛ لإيقاف بعض الجوانب السلبية في تعاملنا مع لغة القرآن؛ دستورنا وهدينا.

وإننا لنحتاج اليوم- قبل غد- لقراءة علمية وواقعية للمخاطر التي تتعرض لها لغتنا؛ باستخدام الأساليب الحديثة ذات الجودة العالية؛ للتعرف على واقع لغتنا، مع رصد، وتحليل، وتفسير العوامل والقوى، التي تحول دون استعادتها لمكانتها الطبيعية في مؤسساتنا التعليمية، وفي مجتمعاتنا، وحتى في منازلنا وتعاملاتنا الفردية؛ ومن ثمَّ تحديد أساس المشكلة، وطرح الحلول المناسبة التي تسهم في حلها، أو على الأقل الحد من سلبياتها، أو إيقاف مخاطرها المحتملة عند حد معين؛ وذلك أضعف الإيمان؛ حتى يعود مخزون اللغة العربية وما يمتلكه من تاريخ، وجماليات في هندسته وتفاصيله وأشكاله إلى مكانه الطبيعي.

                                                                                                                                              روز العودة                                                                                                                                             رئيس التحرير