هدي الفهيد: شقيقي أول من وجهني للعمل التطوعي والمملكة داعمة للمبادرات النسائية

رائدة المبادرات المجتمعية بالسعودية هدى الفهيد: شقيقي أول من وجهني للعمل التطوعي والمملكة داعمة للمبادرات النسائية

الدولة تدعم رائدات الأعمال.. وذوى الاحتياجات الخاصة فى مقدمة اهتمامات الحكومة

أطلقت مبادرات كثيرة لإشراك طالبات الإعاقة العقلية في برامج التعليم العام

منذ تأسيس المملكة العربية السعودية، والنساء السعوديات يشاركن بكل ما أوتين من قوة في مسيرة النهضة والتقدم، عبر المشاركة في مبادرات وحملات تطوعية وأنشطة توعوية وغيرها من المجالات التي تخدم المجتمع وتساهم في رقيه.

ولعرض نموذج مُشرّف من رائدات المبادرات المجتمعية بالسعودية، تُحاور مجلة "الجوهرة" رائدة الأعمال هدى الفهيد؛ التي عملت كمعلمة تربية خاصة، ودشنت العديد من المبادرات بالمملكة، وكانت ضمن النساء الأوائل اللواتي ترشحن لعضوية المجلس البلدي، علاوة على تأسيسها لجمعية حماية المستهلك وجمعية "سلامة" المرورية.. وإلى نص الحوار:-

من هي هدى الفهيد؟

إسمي هدى بنت عبدالرحمن الفهيد، سعودية حاصلة على بكالوريوس تربية خاصة من جامعة الملك سعود بالرياض، ودبلوم مديرات "سنة دراسية"، من معهد إعداد المديرات بالرياض، ودبلوم سكرتارية "عامان"، من معهد الإدارة العامة، ضمن النساء الأوائل اللواتي ترشحن لعضوية المجلس البلدي في دورته الثالثة لعام 1433هـ.

كما أني عضو مؤسس في جمعية حماية المستهلك، وقدمت عدة دورات للتعريف بهذه الجمعية، ورفع مستوى الوعي الاستهلاكي وميزانية الأسرة في الجامعات والمراكز الاجتماعية، وشاركت في عدد من المؤتمرات والمنتديات واللجان المتعلقة بحماية المستهلك في عدد من الدول الخليجية والعربية، مثل: "مصر ، الأردن، لبنان، المغرب، تونس، قطر، عمان، الكويت، لندن ، هونج كونج".

وأنا، أيضًا، مدربة محترفة معتمدة من المركز الكندي للتدريب، عضو مؤسس جمعية "سلامة" للتوعية بأهمية السلامة المرورية، وكذلك عضو أول مجلس إدارة للجمعية، وتخلل مدة عضويتي في المجلس إقامة العديد من الملتقيات والمشاركات والمبادرات المحلية والدولية على صعيد الوعي المروري، لجميع فئات المجتمع، وبمشاركة مجتمعية مع العديد من الجهات الرسمية والشركات ورجال الأعمال، تحت رعاية صاحب السمو الملكي، الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه .

برنامج رعاية الطلاب المتميزين

متى بدأتِ بمجال العمل التطوعي، وكيف طورتٍ مهاراتك الذاتية؟

بدأت عملي التطوعي منذ صغري، حيث كنت أشعر بسعادة غامرة حين أقدم خدمة للآخرين، واستمر معي إلى وقتنا الحاضر، وقد كان لي العديد من المبادرات التطوعية في العديد من الجهات الرسمية والغير رسمية، من ضمنها المشاركة في نشاطات مدارس تحفيظ القرآن الكريم، ثم رزقني الله فرصة إنشاء وإدارة مدرسة الخنساء لعلوم القرآن لأهالي الحي الذي أسكنه فيه والأحياء المجاورة، وأسست فيه برنامج لرعاية الطلاب المتميزين وكذلك برنامج "دمج ذوي الاحتياجات الخاصة وتطوير قدراتهم"، وحرصت في البداية، على تكوين ذاتي وصناعتها بتحويلها من كيان مستهلك إلى كيان منتج متسلحة بالقوة في انطلاقتي في المجتمع، ساعدني كثيرًا شغفي وحبي للقراءة في جميع المجالات فكانت أجمل أوقاتي أقضيها مع كتاب أو مجلة أو صحيفة، وكان للقرآن الكريم الاهتمام الأكبر، وحرصت على البحث في جميع المجالات التي تنفعني وترتقي بي في حياتي الحاضرة والمستقبلية، وكنت كثيرة الاطلاع على سير الناجحين، ما كان له الأثر الكبير في نجاحي بتوفيق من الله .

شقيقي أول من وجهني للعمل التطوعي

من شجعك على العمل التطوعي؟

يرجع الفضل لشقيقي الإعلامي فهيد الفهيد ــ رحمه الله ــ في توجيهي للعمل التطوعي، وتبني المبادرات، وخاصة في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، وغيرهم من الفئات الأولي بالرعاية.

نشرتِ مقالك الأول بعمر 15 عامًا، فلماذا اتجهتِ للكتابة ؟

نشر أول مقال لي في جريدة الجزيرة السعودية، ناقشت خلاله مشكلة من مشاكل مجتمعي المحلي، وطرحت طريقة حلها وتداركها، وكان عمري حينها 15 عامًا واستمرت مشاركاتي في وسائل الاعلام المختلفة وفي مقابلات تلفزيونية وإذاعية في مواضيع متنوعة .

وقد بادرت بتدريب نفسي منذ صغري تدريبًا ذاتيًا في كثير من المجالات، منها: "كتابة المقال، التجميل، الرسم، الخياطة، كتابة البحوث، الطبخ، الإلقاء" وغيرها، كما حملت هموم الكثير من الناس منذ صغري، فكانت جلسات التأمل واستقراء الواقع كثيرة في حياتي، ما ساعدني جدًا في عملية استشراف المستقبل بناءًا على استقراء الواقع المستند على قراءات وملاحظات لما حولي فحملت على عاتقي مساعدة الاخرين ونصرة المظلومين بما استطيع .

لماذا اخترتِ دراسة التربية الخاصة للمعاقين؟ ومتى بدأتي مشروعك الخاص الأول؟

اخترت تخصص التربية خاصة فرع الإعاقة الذهنية في جامعة الملك سعود بالرياض، وكان دافعي هو معرفة واقع هذه الفئة ودعمها بما أستطيع، وأثناء دراستي بدأت أول مشروع تجاري خاص أسميته "روزن للأناقة" تضمن عدة نشاطات، مثل: "الخياطة، التجميل، تجهيز الحفلات، وكوفي شوب"، تم أثناءها تقديم بعض الخدمات المختلفة لفئات المجتمع بشكل غير ربحي، واستمر عملي التجاري الخاص لمدة 7 سنوات، توجهت بعدها إلى مجال التدريب، بعد أن وضعت لنفسي ومجتمعي عدة أهداف نرتقي فيها سويًا .

وبدأت في تلك الفترة انطلاقتي القوية في مجال التطوع، حيث تنوعت مبادراتي التطوعية وبخاصة في مجال الثقافة والوعي المجتمعي في عدد من المراكز الاجتماعية، والأمسيات الثقافية، والمدارس الخاصة لفئة الشباب حيث رأيت فيهم ركائز المجتمع السوي.

لماذا شاركتِ في تأسيس جمعية حماية المستهلك؟

كنت وزوجي من ضمن المؤسسين لجمعية حماية المستهلك؛ وهي جمعية أهلية تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة، رؤيتها أن تكون مؤسسة مجتمع مدني رائدة في حماية المستهلك، ومصدرًا لتوعيته وإرشاده والدفاع عن حقوقه، حيث كنا نحرص دائمًا أن نكون قدوة لغيرنا في مجال الاستهلاك، ثم أصبحنا نُبادر لتثقيف وتوعية المجتمع من حولنا، فانبثقت بعدها فكرة تأسيس الجمعية، والتي انطلقت بقوة كبيرة، شاركت بتقديم عددًا من المحاضرات، والدورات التدريبية، وورش العمل في مجال ثقافة الاستهلاك في عدد من الجامعات والمراكز الاجتماعية والعلمية وما زالت تعمل ولله الحمد.

شاركت بعدها في عدد كبير من المؤتمرات الداخلية والدولية حول مجال حماية وتوعية المستهلك .

ماذا عن تأسيس مدرسة الخنساء لتعليم القرآن؟

أسست ــ تطوعًا ــ مدرسة نسائية لعلوم القرآن، حملت اسم مدرسة الخنساء، بدعم من مؤسسة السبيعي الخيرية، وأدرتها لمدة 4 سنوات، وأضفت فيها برنامج دمج للمعاقين عقليًا، في فصول المدرسة بما يتناسب مع إعاقاتهم، ونجح البرنامج ولله الحمد.

وانتقلت بعدها إلى العمل في مجال حكومي لتعليم ذوي الإعاقة العقلية، حيث عملت معلمة لذوي الإعاقة العقلية، انطلاقًا من حبي لهم حيث يحتلون مساحة كبيرة في قلبي، وقد رُشحت من قبل إدارة المدرسة لأكون عضوة في عدد من اللجان في المدرسة، منها: "لجنة الشراكة المجتمعية، لجنة الجودة، لجنة التخطيط"، وكذلك رشحت لأكون عضو مقرر في عدد من البرامج التوعوية والتثقيفية، مثل: برنامج فطن، وبرنامج حصانة.

ماذا عن جهودك لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع؟

سعيت إلى تنفيذ مبادرات متعددة لإشراك طالبات الإعاقة العقلية في عدد من برامج التعليم العام، وتنفيذ شراكات مجتمعية مع عديد من الجهات لحفظ كرامتهم، وإحقاق الحق في التعامل معهم بتقدير واحترام، بالإضافة إلى إعدادهم لسوق العمل، ومن بين هذه المبادرات: "المشاركة في العمل في مقصف المدرسة بوظيفة بائع، مصفف أرفف مع إحدى شركات تشغيل مقاصف المدرسة في وزارة التعليم"، إلى جانب المشاركة في المسابقة العربية "التحدي العربي للقراءة". علاوة على المشاركة في مسابقة "البحث العلمي" التابعة لإدارة التعليم بشكل يتواءم مع قدراتهم العقلية وينتهي بهم بتعريفهم وتقديمهم للمجتمع بشكل يحفظ كرامتهم ويحفظ حقوقهم ويرتقي بمستواهم، وحرصت في هذه المبادرات على إشراك أسرهم وأمهاتهم بصفة خاصة في هذه المبادرات، وقد حرصت على الاستفادة من تجارب غيري الشخصية والاجتماعية والدولية كتجربة أمريكا وفنلندا.

هل دعمت الحكومة السعودية مبادراتك التطوعية؟

ولله الحمد، الوضع التعليمي والخدمي في المملكة العربية السعودية يسعى للارتقاء والتطور الدائم، بما يكفل حقوق المعاق، وتسعى حكومتنا إلى تذليل كل الصعوبات.

ومن جانبي، فقد وضعت الكرة في مرمى الوزارات المختلفة في الدولة؛ لتدعم جميع الفئات بما فيها ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد وجدت في مسيرتي التطوعية، كل الدعم من الرؤساء والمسؤولين في الإدارات والوزارات.

كنتِ من ضمن أوائل من رُشحن من السيدات بعد فتح المجال للنساء بالمشاركة بانتخابات المجلس البلدي، فلماذا ترشحتِ؟ بالفعل أنا من أوائل النساء اللاتي رشحن أنفسهن ببرنامج انتخابي للمجالس البلدية، حين تم السماح للمرأة للمشاركة فيها، ليكون دورها المشاركة في الارتقاء بمستوى الأحياء في المنطقة المنتمية إليها بما نستوفي فيه احتياجات المواطن. وعملت مدفوعة بقرارات تمكين المرأة في المملكة، ما ساعدني على النجاح والمشاركة في التنمية المستدامة للمجتمع، وبشراكات مجتمعية متعددة .

المملكة وتشجيع ريادة الأعمال

كيف ساعدتكِ قرارات تمكين النساء بالسعودية بسوق ريادة الأعمال؟

ساعدتني قرارات تمكين المرأة بالمملكة في مجال سوق ريادة الأعمال، حيث تعددت المجالات المتاحة للمرأة التي ترغب في المشاركة بسوق ريادة الأعمال، وامتلكت الحس الإداري والمهني والدعم المالي، كما أن التسهيلات مشجعة لنا في مبادراتنا.

ويُلاحظ الجميع الإقبال الكبير من قبل السيدات والفتيات، وحتى الأطفال في مجال التطوع بمجالاته المتعددة بشكل ملفت للنظر، حيث تشاهد مدى ارتقاء الحس الإنساني الرفيع الذي يستقي ماءه من ديننا الحنيف، الذي يحثنا على المشاركات المجتمعية والأعمال التطوعية بما يرتقي به المجتمع .

وما زالت أحلامي تظللني، تحمل أهدافي التي تصبو إلى نفع نفسي ومن حولي والارتقاء بمجتمعي المحلي والخارجي.