الهوس الاكتئابي.. تطورات خطيرة لتقلب المزاج

عند الاستماع إلى كلمة "الهوس الاكتئابي"، قد يتطرق إلى الأذهان أن الاكتئاب ما هو إلا نوع من أنواع الهوس بطريقة ما؛ لكن في الواقع إن المسمى الطبي لذلك المرض هو "الاضطراب ثنائي القطب"؛ وهو _ للأسف _ ما يعاني منه الكثيرون دون الشعور بأعراضه، تداعياته، أو تطوراته الخطيرة على المديين القصير والبعيد.

لم يكن يعلم الإنسان المعاصر، ما وراء المفهوم الحرفي لِما يُسمى بالهوس الاكتئابي، رغم أنه المعروف عالميًا باسم "الاضطراب ثنائي القطب"؛ لكن يحتار العديد من الفئات حول المغزى من المسمى فهل يندرج ضمن تداعيات الاكتئاب، أو الهوس.

مفهوم الهوس الاكتئابي

يُعرف الدكتور تيموثي ليج؛ أخصائي الأمراض العقلية، الهوس الاكتئابي Manic Depression أو الاضطراب ثنائي القطب، بأنه اضطراب خطير في الدماغ يعاني فيها الشخص من اختلافات شديدة في التفكير والمزاج والسلوك، موضحًا أن أغلب المصابين بهذا الاضطراب يمرون بفترات من الاكتئاب أو الهوس.

إن المعاناة من الهوس الاكتئابي، ليس بالضرورة من أعراض أو تداعيات الاضطراب التي تمر بها السيدات بنسبة أكبر من الرجال؛ لكن الطبيعة البشرية تتحكم _ غالبًا _ في معدل الإصابة، وتطورات الحالة.

اقرأ أيضًا.. الراحة الذهنية.. معاهدة سلام مع الحياة

فعلى سبيل المثال، تعاني السيدات بسهولة من مراحل متقدمة من الاكتئاب مع تطور مراحل الهوس لاحقًا أو العكس، بينما يصاب الرجال بالهوس بشكل أكبر من الاكتئاب، مع تطور الأخير دون شعور بخطورته.

أفاد أخصائي الأمراض العقلية أنه من الممكن أن يصاب الفرد بأعراض الاكتئاب والهوس معًا في الوقت ذاته؛ وهنا فإن ما يحدث داخل العقل البشري يُسمّى بالهوس الاكتئابي، أو الاضطراب ثنائي القطب في أسوأ مراحله.

الهوس الاكتئابي

أعراض الهوس الاكتئابي

قال الدكتور هارون عمراني؛ أخصائي الأمراض النفسية والعقلية في تصريحات خاصة لـ "الجوهرة"، إن أعراض الهوس الاكتئابي تتمثل في تغيرات المزاج التي تزداد شدتها مع مرور الوقت، إضافة إلى التغير في مستويات الطاقة، النشاط، والسلوكيات المختلفة للفرد، كما يؤثر الأمر بالطبع على نمط النوم مثلما يحدث في حالات الإصابة بالاكتئاب، أو المعاناة من القلق المزمن.

وأضاف: "إلا أن المفاجأة عندما لا يعاني الشخص المصاب بالهوس الاكتئابي _ المعروف أيضًا بأسماء Manic Depression أو Bipolar Disorder _ من نوبات الاكتئاب أو الهوس؛ فقد يعاني المصاب بهذه المتلازمة أو المرض من نوبات المزاج المتقلب"، موضحًا: "إن الأمر هنا يعتبر أكثر خطورة؛ فهناك الملايين حول العالم ممن يعانون من حالات المزاج المتغيرة".

تشمل نوبات المزاج المتقلب، عددًا من المشاعر المتغيرة الخاصة بالاكتئاب؛ مثل: الإحساس بالفراغ، انعدام القيمة، فقدان الشغف والاهتمام بالأشياء المهمة، التغييرات السلوكية، التعب والإرهاق، إضافة إلى مشاكل في التركيز، النسيان المستمر، والأرق، كما يمكن المعاناة من التفكير السلبي الذي قد يصل إلى الانتحار.

أما بالنسبة إلى أعراض الهوس، فتأتي على النقيض تمامًا؛ حيث تتضمن عددًا من المشاعر، منها: الفرح الشديد، الشعور بالإثارة، سهولة تشتيت الانتباه، الأفكار المتسابقة، التحدث بسرعة كبيرة، قلة الحاجة للنوم، والمعتقدات غير الواقعية بشأن القدرات الشخصية.

وأوضح الدكتور هارون، أن الشخص المصاب بالهوس الاكتئابي يخضع لعدد من الدراجات بداية من الأقل حدة، وصولًا إلى النوبات التي قد تستدعي دخول المستشفى والرعاية الفورية.

وأكد الدكتور هارون، أن الإصابة بأي نمط من أنماط الاكتئاب المتعددة، يجب أن يذهب صاحبها إلى الطبيب على الفور، قائلًا: "إن الحاجة إلى زيارة الطبيب تتزايد عندما يلاحظ الفرد التغيرات في نفسه، أو يلاحظها المحيطون به؛ إلا أن الرياح لا تجري كما تشتهي السفن للأسف؛ فإن زيارة الطبيب النفسي تعتبر أبعد ما يفكر فيه الإنسان في الوطن العربي، وهي ثقافة بعيدة كل البعد عن متناول الأفراد رغم حتميتها؛ فلا يعرف الكثيرون الفرق بين المرض النفسي والعقلي".

لمعرفة المصابين بالهوس الاكتئابي، قال الدكتور عمراني: "تبدأ معظم حالات الاضطراب ثنائي القطب قبل بلوغ الشخص 25 سنة. وقد تعاني بعض السيدات والفتيات من أعراضه الأولى في مرحلة الطفولة".

وأضاف: "إن المصابة بالهوس الاكتئابي غالبًا ما تكون عرضة للإصابة ببعض الأمراض من الصداع النصفي الشديد، اضطرابات الغدة الدرقية، داء السكري أو المعاناة من اضطرابات ما بعد الصدمة، القلق المتواصل".

العلاج والعوامل الوراثية

اختتم الدكتور هارون عمراني تصريحاته مؤكدًا: "أن العلاج لهذا الاضطراب قد يكون مثبتًا للمزاج، أو مضادات الاكتئاب، إضافة إلى الأدوية المضادة للقلق؛ إلا أنه من المهم أن يراعي المحيطين أن المصاب بالهوس الاكتئابي قد يعاني من العوامل الوراثية أو التربية الخاطئة التي تسببت في تعرضه لهذا الاضطراب، ويظل اختيار نمط حياة صحي وسليم هو العلاج الأمثل لهذه الحالات، فضلًا عن مراعاة الأسرة، الأصدقاء، والأقارب لتداعيات المرض دون التخلي عن أصحابه".

اقرأ أيضًا.. 7 نصائح للتخلص من الكوليسترول الضار قبل تناول الدواء