المودة الزائدة.. سلاح يقضي على راحتك النفسية

إن من يحمل مشاعر طيبة بداخله لا يؤخر المعروف، ويمد دائمًا يد المساعدة إلى كل الناس؛ إلا أن المودة الزائدة في الكثير من الأحيان قد تمثل أحيانًا سلاحًا من شأنه أن يقضي على الراحة النفسية للفرد.

ويقع الإنسان الودود دائمًا في فخ ظنون الآخرين من ناحية، والاستغلال على كل الأصعدة من ناحية أخرى، وهو الأمر الذي أكدته إيمان عبدالله؛ دكتورة علم النفس، في تصريحات لـ"الجوهرة"، مؤكدة أن المشكلة الحقيقية ليست في الشخص ذاته، بل في المحيطين به.

وتضيف: "الطيبة من الصفات المحمودة وهي نعمة يفقدها الكثيرون؛ فهي إحساس جميل لا دخل فيه للمصالح، هي ود وحب وجدية في التعامل، كما أنها تصرفات طبيعية غير مُجمّلة؛ لكن للأسف ينظر البعض إلى الشخص الودود على أنه ضعيف الشخصية؛ لكن لا يوجد شرط يحتم أن يكون الشخص القوي متمردًا، وشرسًا".

واستطردت: "إن الشخص الودود يتعامل باحترام ودفء، وعندما يشعر باستغلاله؛ يجب عليه مواجهة ذلك بكل وضوح وصراحة، وإن لم يتقبّل المحيطون به ذلك؛ فلينسحب بهدوء، ولا يجب لهم أن يعطي من وقته المزيد لهؤلاء الناس".

الطيبة ليست عيبًا أكدت دكتورة علم النفس، أن الذي يحمل تلك المشاعر الطيبة والعطاء لا يؤخر المعروف والمساعدة وقتما يحتاجها الناس؛ لكن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الشخص الودود الطيب؛ بل تكمن في المستغلين له وفقًا لمصالحهم الشخصية، قائلة: "الناس قريبة من الطيب لتنال مشاعر واحتياجات ومتطلبات منه دون مراعاة لمشاعره واحتياجاته؛ فهي علاقة ليست إنسانية؛ لأن تُبنى على التبادل فيما بينهم".

المودة الزائدة

ودعت الشخص الطيب الودود لتعلم المواجهة؛ باتخاذ موقف مع من يستغلونه، ولا يخف من خسارتهم، بل يجب أن ينس قليلًا عدم الاهتمام على حساب نفسه ومصلحته النفسية.

وأوضحت الدكتورة إيمان أن ممارسة الاستغلال تعود إلى المودة الزائدة؛ فهذه الفئة اعتمدت منذ البداية على عطاء الإنسان، وقدرته على تقديم المساعدة؛ حتى اعتادوا على ذلك مرارًا وتكرارًا.

محل ثقة على جانب آخر، يسعد الشخص الودود في البداية بمساعدة الغير؛ لأنه محل ثقة؛ لكن بعد ذلك ينتابه الشعور بالغضب، ويشعر بالضغط، خاصة عندما يبدأ المحيطون به في اتهامه بالتقصير، وكأن ما يفعله تجاههم حقهم المكتسب، وهنا فإنه غالبًا ما يشعر بأنه "ضحية".

ووجهت الدكتورة إيمان عدة نصائح للشخص الودود من أجل التعامل بطريقة صحيحة مع المستغلين له، قائلة: "أنت تمتلك المفاتيح يستغلك الآخرون من خلالها، كما يجب أن تبحث عن جوانب الضعف التي يدخلون منها، والعمل على تقويمها".

مواجهة السلبية والاستغلال وبالنسبة لخوفك من المشاعر السلبية؛ نتيجة الابتعاد عن بعض الناس، فيمكن مقاومتها عن طريق الخطوات التالية، التي اوضحتها دكتورة علم النفس:

• قاوم محاولة السيطرة عليك بردود الأفعال المضادة، وتدرب على عدم الطاعة. • سيطر على نفسك؛ ولا تنخرط في الجدال معهم، ولاتكثر من الكلام؛ فالكلام يفقدك السيطرة، ولا تطرح أسبابًا، ولا تبرر أي شيء. • لا تتأثر بمشاعرهم، أو حتى بكائهم وتهديدهم؛ كي تخضع لهم، وخذ نفسًا عميقًا، واسترجع قواك الكامنة. • لا تتوقع أن يضعوا أنفسهم مكانك، ويشعروا بما تشعر به. • لا تسأل عن الأسباب التي تجعلهم يتصرفون بإساءة إليك، ولا تتوقع إجابة منهم صحيحة أو صادقة؛ فهم يفعلون ذلك لمصالحهم. • ضع حدودًا واضحة، وأكد أنك لن تشترك في أي حوار يشمل الأساليب التي تتجاوز تلك الحدود. • اهتم بنفسك، وتعلّم مهارات وأنشطة جديدة تزيد من معرفتك. واختتمت الدكتورة إيمان عبدالله تصريحاتها، مؤكدة أنه يجب على الجميع أن يعلم أن الطيبة والود ليست سذاجة، أو وجهًا يستعين به الناس لمصالحهم؛ فالشخص الطيب يتعامل مع الآخرين بوعي، ولا مانع من أن تكون كذلك؛ لكن لا تعطي الفرصة لسارقي المشاعر والطاقة، فالاعتدال وسيلة الاتزان في الحياة.

اقرأ أيضًا.. إنفوجراف| 6 طرق لتحسين صحتك النفسية والجسدية