تسعى دراسة حديثة أجرتها جامعة هارفارد إلى الإجابة على أحد الأسئلة الأكثر إثارة للجدل في مجال علم النفس والاقتصاد، وهو: هل يمكن للمال أن يزيد بالفعل سعادة الناس؟ يحلل البحث، الذي أجراه فريق من خبراء العلوم الاجتماعية، بالتفصيل العلاقة بين الدخل الاقتصادي والرفاهية الذاتية، ويقدم وجهات نظر جديدة حول واحدة من أكثر القضايا إثارة للاهتمام وتعقيدًا في المجتمع المعاصر.
بحسب موقع infobae تعتمد الدراسة على جمع بيانات مكثفة من مجموعات اجتماعية واقتصادية متنوعة، وتستخدم منهجيات متقدمة لتقييم مدى تأثير المستويات المختلفة للثروة على تصورات الرضا ونوعية الحياة. وقد أكد الباحثون في جامعة هارفارد بقيادة آرثر سي. بروكس، الذي يدرس السعادة والقيادة في كلية هارفارد للأعمال (HBS)، أهمية فهم ليس فقط العوامل النقدية المعنية، ولكن أيضًا كيفية تفاعل العناصر الأخرى، مثل العلاقات الشخصية والعمل والصحة، مع الرخاء الاقتصادي للتأثير على سعادة الأفراد. ويعد هذا البحث بتوفير معلومات قيمة لسياسات الرعاية والتنمية الاجتماعية المستقبلية.
يوضح بروكس أن السعادة ليست شعورًا عابرًا، بل هي مشروع مستمر. “السعادة ليست وجهة؛ إنه اتجاه مشروع. وقال: «كل شيء ذي قيمة في الحياة هو مشروع»، مشددًا على أهمية السير ضد التيار في البحث عن السعادة. ووفقًا لتعاليمه يجب على كل شخص أن يستثمر في أربع عادات: الإيمان أو الفلسفة، والأسرة، والصداقة، والعمل.
إحدى القضايا التي كشفها بروكس في دراسته هي العلاقة بين المال والسعادة. وبهذا المعنى، يرى بروكس أن «المال لا يزيد السعادة، بل يقلل من التعاسة». ويرى الخبير أن المال بما يتجاوز نقطة الدخل المنخفضة نسبيًا “حوالي 100 ألف دولار أمريكي سنويًا”، لا يزيد السعادة بشكل كبير. والتصور الخاطئ، بحسب بروكس، هو الاعتقاد بأن “النجاح والمال والمتعة والشهرة” ستؤدي إلى السعادة الحقيقية.
المال من أجل السعادة

ومع ذلك، فهو يسلط الضوء على أهمية المال من أجل “السعادة المالية”، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسعادة العاطفية والرفاهية العامة. ويؤكد بروكس أن الحصول على الدخل اللازم يسمح للناس بالإنفاق على ما يجلب لهم السعادة، ويوفر لهم الاستقرار العاطفي.
وعلى حد تعبير بروكس، فإن مفتاح السعادة يكمن في “الاستثمار في عائلتك وأصدقائك، فضلًا عن استخدام المال في الأعمال الخيرية”.
وجد باحثون في جامعة ويسكونسن ماديسون وجامعة شيكاغو أن نقص الموارد يؤثر سلبًا على عملية صنع القرار والرفاهية بشكل عام. علاوة على ذلك، فإنهم يجادلون بأن الدخل المرتفع يحسن العلاقات الاجتماعية والاستقلالية في استخدام الوقت، وبالتالي يساهم في السعادة الشخصية.
عن هارفارد

هارفارد جامعة أبحاث خاصة تقع في مدينة كامبريدج في ولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية. تأسست في عام 1636 باسم كلية هارفار، وتعد أقدم مؤسسة للتعليم العالي في الولايات المتحدة. كما تعتبر واحدة من بين أكثر المؤسسات شهرة في العالم.
الخلاصة
تكشف الدراسة التي أجرتها جامعة هارفارد الأمريكية، بقيادة آرثر سي. بروكس، عن رؤى عميقة حول العلاقة بين المال والسعادة. وعلى الرغم أن المال يمكن أن يقلل من التعاسة ويوفر استقرارًا عاطفيًا، فإنه لا يزيد السعادة بشكل كبير بعد مستوى معين من الدخل.
كما يؤكد بروكس أن السعادة الحقيقية تأتي من الاستثمار في العائلة والأصدقاء والعمل الخيري. بالتالي، فإن تحقيق الرضا والسعادة يتطلب توجهًا عميقا يتجاوز الموارد المادية ليشمل العلاقات الهادفة وخدمة الآخرين.