قالت الفنانة والممثلة الأردنية نادرة عمران، إن “المسرح، فتح لها الباب واسعًا، في بداية مشوارها الفني، للدخول إلى عالم التمثيل”، مؤكدة أنها مرت بالعديد من المحطات “الصعبة” التي أثرت في حياتها الفنية والشخصية.
وأضافت عمران، خلال محاضرة بعنوان “نادرة عمران.. رحلتي مع الفن”، في منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، وأدارتها مع الجمهور المديرة العامة للمركز الوطني للثقافة والفنون لينا التل، أنها بدأت حياتها الفنية “سرًا” وهي طالبة في مدرسة حلحول الثانوية، لتبحر بعد ذلك في عالمي التمثيل والسينما.
وعن طفولتها التي عاشتها في مدينة الخليل الفلسطينية، قالت عمران “حبب ليّ حينما كنت طفلة، دخول التمثيل واحترافه، بكل جدية، بعد أن شاهدت، بملء العين، ويوميًا حملة الاعتداءات الواسعة والوحشية، التي يشنها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، فآثرت وقتها التمثيل لنقل صورة الاحتلال الدموية للعالم أجمع”.
وأقرت عمران أن “المسرح لا يُطعم خبزًا”، لكنه ساقها نحو تجارب متعددة، كانت كفيلة، بحسبها، لأن تتعلم الإحساس بالآخر، وأن تدخل في شخصية المشهد المسرحي، وبالتالي الانفتاح أكثر على الحياة الفنية، ومعالجة قصور الواقع باحترافية عالية.
عمان.. والانطلاقة الفنية
وعن علاقتها بعمان، قالت الفنانة الأردنية: “عمان احتضنتني، ومنحتني مساحة فنية كبيرة، وكانت محطة مهمة ومفصلية في حياتي سواءً على صعيد العلاقات الإنسانية المتشعبة التي أقمتها فيها، أو على صعيد المسرح والتمثيل والدراما”.
وعرجت على تجربتها الشخصية، وكيف تمكنت من إثبات نفسها كممثلة قدمت من بيئة ريفية ترفض أن يعمل أبناؤها في مجالات الفنون، وتمكنت من بدء رحلتها الطويلة مع الأعمال الإبداعية انطلاقًا من خشبته، وصولًا إلى تجسيد مئات الشخصيات الفنية في أعمال فنية كثيرة تحمل في داخلها الخير والشر، وحب الحياة، وبها تحولات مركبة.
وفي سياق ذي صلة، بينت “عمران” أن أمام الممثل مساحة كافية في مدى تقبل الشخصية المطروح عليه تجسيدها، والطريقة التي يقدم فيها هذه الشخصية، فهناك طرق تضاف إلى تلك المبنية على اتباع المدارس الأكاديمية في التمثيل، وهي طرق تكتسب مع الخبرة والممارسة.
وأشارت إلى أن هناك كم كبير من العوامل تجتمع داخلها حتى تختار منه ما يلائمها لتقدمه تلفزيونيًا، أو مسرحيًا، أو حتى سينمائيًا، مؤكدة أنها تحاول، عبر أدوارها المختلفة، انتزاع الاحترام والإعجاب من المشاهدين.
وأوضحت نادرة عمران أن كثيرًا من أدوارها التلفزيونية جسدتها بتمرد، وخرجت بها عن النص؛ لكي تنجح وتلاقي استحسان المتلقي، مشيرة إلى أنها ذهبت باتجاه الأعمال التاريخية والدينية وكبار السن، رغم أنها لا تتقاطع مع شخصيتها الحقيقية.
وباغت أحد الحاضرين عمران، بتساؤله حول المتعة الخالصة التي يشعر بها الفنان حينما يعتنق التمثيل، لترد عليه عمران بالقول “السفر من وإلى الشخصيات، تعد للفنان متعة لا تضاهيها متعة، ليكتشف بعدها مقدار السعادة والحب الذي يجسده الفنان في اعماله الفنية، خصوصا ان كانت هذه الاعمال تاريخية”.
استهلاكية الفنون وتقزيم الإنسان
واعتبرت عمران أن الفنون بشكل عام، باتت خداماتية وتجارية واستهلاكية، تُوظف لزراعة مفاهيم تسوغ لتقزيم الإنسان، وتغذي شراهة رأس المال، في حين انها ابتعدت عن الحقيقة التي ندافع عنها ونريدها أردنيًا.
وبالنسبة لفيلم “لما ضحكت موناليزا، لمخرجه فادي حداد، أقرت الفنانة الأردنية بنجاحه الذي حققه على المستوين العربي والأردني، أما بخصوص مسلسل “في ميل” فاعتبرته “عملًا ناسب جماعة الميديا ولاقى اهتمامهم، لكنه، أيضًا، أدخلها في تجربة جديدة، كان لها الأثر الطيب في نفسها”.
من جهتها، قالت الفنانة لينا التل، في معرض تقديمها للمحاضرة: إن “نادرة إنسانة، وفنانة، ومعلمة، وقائدة، لها تاريخ حافل بالإنجازات الفنية، كما أنها شهدت، خلال صعودها الفني، التحولات الثقافية، والفنية، والسياسية التي مرت على الأردن”.
وأضافت “جاءت عمران من عائلة محبة للفنون والمسرح والثقافة؛ حيث تميزت نادرة بتقديمها للأدوار الصعبة، وأثبت أمام جمهورها، العربي والأردني، أنها قادرة على تقمص دورها التمثيلي باحترافية وإبداع”.
ولفتت التل إلى أن “عمران” تتميز، ‘ضافة إلى كونها فنانة مهمة ومتميزة، بامتلاكها لموهبة الغناء، ولديها قدرة عجيبة على الابتكار والتجديد في كافة المحافل والأدوار التي لعبتها خلال مسيرتها الفنية.
وكان لمسلسل “الاجتياح” الأثر الكبير في مسيرة “عمران” الفنية والإبداعية؛ لكونه شكّل في حياتها نقطة تحول هامة على الصعيدين الفني والموضوعي.
تربت “عمران” بين كروم العنب والطبيعة الخلابة في مدينة الخليل الفلسطينية، واستكشفت طاقاتها الفنية منذ نعومة أظفارها، ونقشت لاسمها وذاتها مكانًا وحضورًا بين الأردنيين، والعرب عموما. إلى جانب أنها قدمت للمشاهدين، عبر أبواب الدراما، والسينما، والمسرح، صورة إبداعية مختلفة وغير نمطية.
يُذكر أن نادرة عمران من مواليد العام 1965م بالخليل، ومن أبرز أعمالها: “صلاح الدين الأيوبي”، “الحجاج”، “رأس غليص”، “الاجتياح”، “هدوء نسبي”، “طوق”، كما لها مشاركات مسرحية، أبرزها: “مكبس”، “برناردا ألبا”، “الكراسي”، وهي عضو في نقابة الفنانين الأردنيين.