تتألق المملكة العربية السعودية بجمال طبيعتها الخلابة وتراثها العريق، وفي السنوات الأخيرة، أضافت لمسة فنية مميزة إلى مساحاتها العامة ومنتزهاتها، محولة إياها إلى معارض فنية مفتوحة تجذب الزوار وتثري تجربتهم البصرية والثقافية.
الأعمال الفنية المنتشرة في كورنيش جدة والدمام
من بين هذه المبادرات اللافتة، تبرز الأعمال الفنية المنتشرة في كورنيش جدة وكورنيش الدمام، وصولًا إلى المجسمات الفريدة التي تزين مختلف أنحاء المملكة، ومنها مجسم بديع خط بأنامل فنان مبدع في جدة. حسب موقع “العربية”.
لطالما كانت الفنون مرآة تعكس حضارة الأمم وتقدمها، وفي المملكة، يشهد القطاع الفني نموًا واهتمامًا متزايدًا، تجلى ذلك بوضوح في دمج الأعمال الفنية بالأماكن العامة.
لم يعد الفن حبيس القاعات المغلقة، بل خرج ليلامس حياة الناس اليومية، ويضفي جمالًا وإلهامًا على محيطهم.
المنتزهات والكورنيشات، بما تمثله من متنفسات طبيعية واجتماعية، أصبحت حاضنة لهذه الإبداعات التي تمنح الزوار تجربة فريدة تمزج بين الاستمتاع بالمناظر الطبيعية والتفاعل مع الأعمال الفنية الراقية.
إثراء المشهد الحضري للمدينة
في مدينة جدة الساحلية، يبرز كورنيشها كوجهة مفضلة للسكان والزوار على حد سواء.
وعلى امتداد هذا الكورنيش الحيوي، ينتشر العديد من الأعمال الفنية التي أبدعها فنانون محليون وعالميون.
هذه الأعمال تتنوع في أشكالها وأحجامها وموادها المستخدمة، لتعكس رؤى فنية مختلفة وتثري المشهد الحضري للمدينة.
الزائر لكورنيش جدة يجد نفسه أمام متحف فني مفتوح؛ حيث يمكنه التأمل في جماليات هذه الأعمال أثناء ممارسته للرياضة أو التنزه مع العائلة والأصدقاء.
من بين هذه الأعمال الفنية المميزة في جدة، يتردد صدى مجسم فريد خط بأنامل فنان بارع يتقن فن الخط العربي، وتحديدًا خط الثلث.
يعتبر خط الثلث من أجمل وأصعب أنواع الخط العربي، ويتميز بجماليته وانسيابيته. وجود مجسم بهذا الخط في مكان عام كجدة يعكس الاهتمام العميق بالفنون الإسلامية الأصيلة وتقديرها، كما يمثل إضافة جمالية وبصرية فريدة للمدينة.
هذا المجسم ليس مجرد عمل فني، بل هو قطعة من التراث الإسلامي العريق تتجسد في صورة معاصرة، تدعو للتأمل في جماليات اللغة العربية وفنونها.
كورنيش الدمام بالمنطقة الشرقية
بالانتقال إلى المنطقة الشرقية، يتألق كورنيش الدمام أيضًا بلمسات فنية تضفي عليه جاذبية خاصة.
على امتداد الكورنيش، تنتشر مجسمات وأعمال فنية متنوعة، بعضها يعكس البيئة البحرية للمنطقة، والآخر يمثل تجريدات فنية حديثة.
هذه الأعمال تسهم في خلق أجواء مبهجة ومريحة للزوار، وتحول الكورنيش إلى مكان ليس فقط للاسترخاء والترفيه، بل أيضًا للاستمتاع بالفن والتذوق الجمالي.
إن وجود هذه الأعمال الفنية في الأماكن العامة والمنتزهات له فوائد عديدة. فهو أولًا، يسهم في تجميل المدن وإضفاء لمسة جمالية وحضارية عليها.
ثانيًا، يعمل على تثقيف الجمهور وتعريفه بأنواع مختلفة من الفنون؛ ما يسهم في رفع الذائقة الفنية لديهم. ثالثًا، يشجع على التفاعل الإيجابي مع الفن ويجعله جزءًا من الحياة اليومية.
رابعًا، يمكن أن يصبح عامل جذب سياحي إضافي؛ حيث يسعى الزوار لرؤية هذه الأعمال الفنية الفريدة والتقاط الصور التذكارية بجانبها.
رؤية طموح لتطوير المشهد الثقافي والفني في المملكة
إن مبادرة دمج الفنون في منتزهات السعودية تعكس رؤية طموح لتطوير المشهد الثقافي والفني في المملكة.
من خلال دعم الفنانين وتوفير مساحات لعرض أعمالهم في الأماكن العامة، تعمل المملكة على تعزيز الإبداع الفني وجعله في متناول الجميع. هذه الخطوات تسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتقديرًا للفنون. وتعكس صورة حضارية مشرقة للمملكة أمام العالم.
وبذلك يكون جمال الفنون قد وجد له موطنًا جديدًا في منتزهات السعودية وكورنيشاتها، ومنها مجسم خط الثلث البديع في جدة وكورنيش جدة وكورنيش الدمام.
هذه الأعمال الفنية ليست مجرد عناصر تزيينية. بل تعبير عن الهوية الثقافية والتقدير الفني، وهي دعوة للجميع للتأمل في الجمال والإبداع في كل مكان حولنا. إنها خطوة مباركة نحو تعزيز دور الفن في المجتمع وجعله جزءًا لا يتجزأ من تجربتنا اليومية.
رؤية المملكة 2030 وتعزيز المشهد الفني والجمالي
رؤية المملكة العربية السعودية 2030، تولي اهتمامًا بالغًا بتعزيز المشهد الفني والجمالي في المملكة. إيمانًا منها بالدور الحيوي الذي يلعبه الفن والثقافة لبناء مجتمع حيوي ومزدهر، وتعزيز الهوية الوطنية، وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين.
هذا الاهتمام ليس مجرد إضافة هامشية، بل هو جزء أصيل من خطط التنويع الاقتصادي والاجتماعي التي تتبناها المملكة.
استثمار في البنية التحتية الثقافية
تتجلى جهود الرؤية في الاستثمار الضخم لتطوير البنية التحتية الثقافية والفنية. فالمتاحف والمعارض الفنية ودور الأوبرا والمسارح وقاعات الحفلات تنتشر بمختلف أنحاء المملكة. لتكون حاضنات للإبداع ومنصات لعرض الأعمال الفنية المتنوعة.
مشاريع مثل “القدية” و”نيوم” تتضمن مناطق ثقافية وترفيهية عالمية المستوى، تهدف إلى جذب الفنانين والزوار من داخل المملكة وخارجها. هذا الاستثمار يخلق بيئة محفزة للإنتاج الفني ويسهل الوصول إلى التجارب الثقافية الغنية.
دعم الفنانين والمواهب المحلية
إلى جانب البنية التحتية، تركز الرؤية على دعم الفنانين والمواهب السعودية الصاعدة. يتم ذلك من خلال تقديم المنح الدراسية وورش العمل والبرامج التدريبية التي تساعدهم على تطوير مهاراتهم وصقل مواهبهم.
كما يجري العمل على إنشاء منصات لعرض أعمالهم وتسويقها، سواء داخل المملكة أو على المستوى الدولي. هذا الدعم يهدف إلى بناء جيل جديد من المبدعين السعوديين القادرين على إثراء المشهد الفني وتقديم أعمال مبتكرة تعكس الهوية الثقافية للمملكة وتطلعاتها المستقبلية.
تعزيز التفاعل الثقافي الدولي
تدرك رؤية 2030، أهمية التفاعل الثقافي مع دول العالم الأخرى. لذا؛ تعمل المملكة على استضافة الفعاليات الفنية والثقافية العالمية، والمشاركة في المحافل الدولية، لتبادل الخبرات وتعزيز الحوار الثقافي.
هذا الانفتاح يسهم في إثراء المشهد الفني المحلي وتعريف العالم بالإبداع السعودي. كما أن استقطاب فنانين عالميين وخبراء في المجالات الفنية المختلفة يسهم في نقل المعرفة ورفع مستوى الممارسة الفنية بالمملكة.
دمج الفن في الحياة اليومية
لا يقتصر الاهتمام بالفن على المؤسسات الثقافية الكبرى، بل يمتد ليشمل دمجه في الحياة اليومية للمواطنين.
مبادرات تجميل المدن، ودعم الفنون العامة، وتشجيع المبادرات الفنية المجتمعية، كلها تهدف إلى جعل الفن جزءًا لا يتجزأ من النسيج الحضري، وإضفاء لمسة جمالية على البيئة المحيطة. هذا يخلق شعورًا بالانتماء والفخر لدى السكان ويعزز الوعي بأهمية الجمال في حياتهم.
الأثر على الاقتصاد والمجتمع
إن تعزيز المشهد الفني والجمالي في المملكة ليس له أبعاد ثقافية وجمالية فحسب، بل له أيضًا آثار اقتصادية واجتماعية مهمة.
فالفنون والثقافة تسهم في تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص عمل جديدة، وجذب السياحة الثقافية. كما أنها تلعب دورًا حيويًا في تعزيز التماسك الاجتماعي، وتقوية الهوية الوطنية، وتوفير منافذ للتعبير الإبداعي والتفريغ النفسي.