كتبت – صبحة بغورة:
الصداقة من أقدس العلاقات على الإطلاق، والتي تعكس أرقى المشاعر الإنسانية وأكثرها نبلًا. والصديق الحق هو الشخص الحنون والعطوف الذي يتسع صدره للتفاعل مع مشاكل صديقه، ويفتح قلبه ليحتوي ضعفه في لحظات غضبه وهمه، رغبة منه للتخفيف عنه وإزالة حزنه.
تشوه المعنى الحقيقي للصداقة
والصديق هو أيضًا الذي يتقاسم معه أقسى وألطف أوقات العمر وأكثرها سعادة ومتعة لسنوات طويلة، وحين تكون الصداقة وليدة مرحلة مرح الطفولة أو سعادة الصبا. فإنها تدوم وتمتد لأروع سنوات الشباب.
غير أن هناك العديد من المستجدات التي تتداخل تفاصيلها لتشوه المعنى الحقيقي للصداقة. بل قد تلغيها بالكامل كتلك الظاهرة الدخيلة التي طرأت مؤخرًا. وتتمثل في نهاية علاقة الصداقة بمجرد زواج إحدى الصديقات.
لاشك أن مثل هذا التغير سيكون مفاجئًا. إذا لم يكن مبررًا بأسباب موضوعية، لكنه للأسف يكون بغير ذلك، فما خلفيات هذا الموقف الذي تنقض فيه المتزوجة عهد الصداقة؟
حياة الصديقات بعد الزواج
عندما تدخل المتزوجة حياة جديدة ملؤها الاهتمام الكلي بالزوج وعنايتها بنفسها وبيتها. وتكريس كل جهدها ووقتها لكسب التحدي الجديد في حياتها.
كما تسعى إلى خلق مكانة طيبة في قلب شريكها وعائلته، لكنها قد تستشعر في نفسها دبيب الخوف الهستيري من جرأة بوح إحدى صديقاتها. بأسرار شقاوة فترة المراهقة أو التلاعبات الصبيانية والمشاغبات البريئة المتعمدة للترفيه والمغامرات العاطفية الفاشلة. وربما بعض الانطباعات الأقرب إلى التعليقات الساذجة.
وكل ذلك من الماضي الذي تعرفه صديقاتها بكل تفاصيله. فتكون أنسب طريقة لإنقاذ نفسها من حرج الموقف هي الانفصال الكلي عنهن حتى يُدفن الماضي ويزول عنها بعض الخوف.
قد تستبد الزوجة الجديدة على زوجها، وتخشى عليه أن يقع في حبال إحدى صديقاتها، وتغريه ولو بطريقة غير مباشرة. أو أنها تخاف أن تصيبها الغيرة والحسد من إحدى صديقاتها العازبات. والتي قد تتسبب في حرمانها من السعادة المثالية.
وربما قد تخاف العين المتسببة في الإصابة بالعقم. وهي كلها مجرد أوهام تتأثر بها الزوجة بفعل المجتمع.
تسمع البنات الصغيرات العديد من الروايات والحكايات التي تتقاسمها نساء يدعين الخبرة الطويلة في عالم الأزواج، كحكايات الشابات “سارقات الرجال” لمتزوجين. لذا؛ يسكن هذا الهاجس من الذي قد يحصل لها في حياتها لمجرد “نزوة”.
لن يكون نمط الحوار اعتياديًا، بل ستصبح للصديقات العازبات حكايا معينة وللمتزوجات نوعية أخرى مختلفة من الاهتمامات لا يسمحن فيها للعازبات أن ينضممن إليها، منعًا للغمز واللمز وسفه الحديث في الخصوصيات الزوجية.
وهو ما يثير حفيظة العازبات، فيجعلهن يشعرن بنوع من الضيق لينسحبن تدريجيًا من الالتزام بعقد الصداقة الذي اتفقن عليه. ويكتشفن أن عهد الصداقة كان مجرد كذبة تمسكت به من الصديقة قبل زواجها لتشبع رغبة ما بالتخلص. مثلًا من الشعور بالوحدة وتفريغ مكبوتاتها النفسية والعاطفية من خلال الفضفضة.