في عالمٍ مهني مليء بالتحديات، والضغوط، والتقييمات المستمرة، يختبر الإنسان قدرته على الرد، لا بالكلمات فقط، بل بالمواقف والسلوك. كثيرون يظنون أن الدفاع عن الذات والتبرير هو السبيل لإثبات الكفاءة أو الحفاظ على الصورة، لكن الحقيقة أن الصمت الحكيم أبلغ من ألف تبرير، وأن الرد العملي هو اللغة التي لا يخطئها أحد. وفقًا لما ذكرته bbc.
الصمت.. لغة النضج والذكاء المهني
ليس الصمت ضعفًا، كما يتوهم البعض، بل هو قوة ضبط النفس حين تكون العواطف على وشك الانفجار. الموظف أو القائد الذي يختار الصمت في المواقف المستفزة لا يفعل ذلك هربًا، بل لأنه يدرك أن الكلمات قد تستخدم ضده، بينما الصمت يمنحه السيطرة والمساحة الكافية للتفكير بهدوء واتخاذ القرار الأذكى.
في بيئة العمل، كثيرًا ما يساء الفهم أو يحكم على الآخرين بسطحية، وهنا يظهر الفرق بين من يندفع مبررًا ومتفلسفًا، ومن يختار الرد عبر الإنجاز الفعلي.
الرد بالفعل لا بالكلام
في مسيرتك المهنية، لن يقاس نجاحك بقدرتك على تبرير قراراتك، بل بقدرتك على إثبات نتائجك. فالعمل الجيد يبرر نفسه، والنجاح وحده كفيل بإسكات كل شك أو انتقاد.
التبرير المستمر، في المقابل، يضعف هيبتك المهنية، ويجعل الآخرين يشكّون في ثقتك بنفسك. أما الرد العملي الصامت، فيظهر أنك منشغل بالفعل لا بالجدال، وبالبناء لا بالدفاع.
الصمت كوسيلة لحفظ الكرامة المهنية
في بعض المواقف، لا يكون الرد المناسب دفاعًا أو توضيحًا، بل انسحابًا هادئًا يحفظ كرامتك ويترك المجال للحقائق أن تتحدث.
المهني الحكيم لا ينزل إلى مستوى الصغائر، ولا يشارك في المعارك الكلامية التي تستنزف الطاقة وتضيع الوقت. بل يوجّه طاقته نحو التقدم، ويترك إنجازاته شاهدة على قيمته.
متى يكون الصمت ضعفًا؟
بالطبع، لا يعني الصمت دائمًا الحكمة. فهناك مواقف تحتاج إلى كلمة حق أو توضيح لحماية سمعتك أو مصلحتك المهنية.
لكن الفرق الجوهري هو أن الرد الحكيم مدروس ومحدود، بينما التبرير العقيم متكرر وعاطفي. الحكيم يتحدث حين يكون لكلمته وزن وتأثير، أما من يبرر باستمرار، فيفقد احترام الآخرين مع الوقت.
اقرأ أيضًا: الصمت العاطفي.. كيف تتعاملين معه؟
وفي النهاية، في مسيرتك المهنية، تذكّر أن الرد الأذكى ليس بالكلام، بل بالعمل، وأن الصمت في موضعه هو أبلغ تعبير عن الثقة بالنفس. فحين تختار أن ترد بإنجاز، وتلتزم بحكمة الصمت، فأنت لا تتجاهل من ينتقدك، بل ترتقي فوق الضوضاء، وتترك بصمتك تتحدث عنك. “الصمت لغة العظماء، والإنجاز ردّ لا يدحض”.


















