في 25 من أبريل من كل عام، تتكاتف جهود دول العالم لإحياء اليوم العالمي لمكافحة الملاريا، وهو مناسبة سنوية تهدف إلى تسليط الضوء على المساعي الحثيثة المبذولة على الصعيد العالمي لمواجهة هذا الوباء الفتاك.
تسخير الابتكار لتخفيف عبء الملاريا وإنقاذ الأرواح”
يحمل اليوم العالمي لمكافحة الملاريا لعام 2025 شعارًا بالغ الأهمية: “تسخير الابتكار لتخفيف عبء الملاريا وإنقاذ الأرواح”، مما يعكس الدور المحوري للتقدم العلمي والتكنولوجي في التصدي لهذا المرض المستوطن.
الملاريا، أو ما يعرف أيضًا بالأُجَمية، هي مرض طفيلي مُعدٍ ينجم عن طفيل وحيد الخلية ينتمي إلى جنس المتصورة (Plasmodium). تبدأ دورة حياة هذا الطفيل المعقدة بلدغة أنثى بعوض الأنوفيليس المصابة. فعندما تتغذى البعوضة على دم إنسان مصاب، فإنها تبتلع الطفيليات التي تتكاثر داخل جسمها. وعندما تلدغ شخصًا سليمًا، فإنها تحقن الطفيليات الأولية (السبوروزويتات) مع لعابها إلى مجرى الدم.
تبدأ رحلة الطفيلي في جسم الإنسان بالتوجه نحو الكبد، حيث يخضع لمرحلة تكاثر لا جنسي داخل خلايا الكبد. بعد فترة حضانة تتراوح عادة بين أسبوعين وشهر، تنفجر خلايا الكبد المصابة، مطلقة أعدادًا هائلة من الطفيليات (الميروزويتات) إلى مجرى الدم. هنا تبدأ المرحلة الدموية من العدوى. حيث تغزو الميروزويتات خلايا الدم الحمراء وتتكاثر داخلها بشكل دوري، مما يؤدي إلى تدميرها. هذه الدورة من الغزو والتكاثر والتحلل لخلايا الدم الحمراء هي المسؤولة عن الأعراض الدورية المميزة للملاريا.

أعراض مرض الملاريا
تترافق الإصابة بالملاريا مع مجموعة من الأعراض التي تختلف في شدتها اعتمادًا على نوع طفيل المتصورة، والحالة المناعية للمصاب، وعوامل أخرى. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا الحمى الشديدة والمتناوبة. والقشعريرة، والتعرق الغزير، والصداع، وآلام العضلات والمفاصل، والغثيان والقيء. ومع تقدم المرض، قد يؤدي تدمير خلايا الدم الحمراء إلى فقر الدم (الأنيميا) واليرقان (اصفرار الجلد والعينين). كما يمكن أن يتسبب تراكم الطفيليات في الطحال والكبد في تضخمهما. في الحالات الشديدة، يمكن أن تؤدي الملاريا إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة، مثل الملاريا الدماغية (تأثير الطفيليات على الدماغ)، والفشل الكلوي، والوذمة الرئوية، والغيبوبة.
من الجدير بالذكر أن مرض الملاريا لا ينتقل بشكل مباشر من شخص لآخر بالطرق التقليدية للأمراض المعدية مثل الزكام أو الإنفلونزا. فهو ليس مرضًا ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي أو الاتصال العرضي مثل الجلوس بجانب شخص مصاب. الناقل الوحيد للمرض هو لدغة أنثى بعوض الأنوفيليس.

في اليوم العالمي للملاريا ماهى نشأة المرض؟
تاريخيًا، يعتقد العلماء أن طفيليات الملاريا التي تصيب البشر نشأت وتطورت في مناطق إفريقيا الاستوائية قبل ملايين السنين، تحديدًا ما بين 2.5 إلى 30 مليون سنة مضت. ومع ذلك. تشير الأبحاث الحديثة إلى أن السلالات الطفيلية التي تصيب الإنسان اليوم قد تطورت من سلالات أقدم بكثير. وقد شهد عام 1880 اكتشافًا محوريًا في فهم هذا المرض، حيث تمكن الطبيب الفرنسي ألفونس لافيران، الذي كان يعمل في المستشفى العسكري بقسنطينة في الجزائر. من تحديد الطفيلي المسبب للملاريا في 6 نوفمبر من ذلك العام. وقد نال لافيران تقديرًا عالميًا لإنجازه هذا بحصوله على جائزة نوبل في الطب والفيزيولوجيا عام 1907.
إن فهم طبيعة مرض الملاريا وطرق انتقاله وتاريخ اكتشافه يمثل خطوة حاسمة في جهود مكافحته والحد من تأثيره المدمر على المجتمعات حول العالم، وهو ما يؤكد على أهمية اليوم العالمي لمكافحة الملاريا في تعزيز الوعي وتشجيع الابتكار في سبيل إنقاذ الأرواح.