عيادات الإنترنت.. ثورة طبية أم مغامرة خطيرة؟

عيادات الإنترنت
عيادات الإنترنت

تعد عيادات الإنترنت من نتائج التطور التكنولوجي، حيث تكشف ثورة الإنترنت كل يوم عن إنجازات علمية وتكنولوجية عملاقة، تجعل ما كان أقرب إلى الخيال جزءًا من الواقع المعاش. ولا سيما في مجالات التعليم والعمل والتجارة وتداول الأخبار عن بُعد، بواسطة النظم الإلكترونية. وكذلك في مجال حفظ الملفات الإلكترونية وأرشفتها ودعمها بالصور والفحوص.

كما انضم مؤخرًا إلى تلك السلسلة التكنولوجية المتطورة نظام “العناية الصحية الذاتية عن بُعد”. بعد تطوير أدوات ذكية تساعد الأطباء والمرضى على الاستفادة من الشبكات الطبية بصورة أفضل.

كتبت: صبحة بغورة

وتجعل المواقع المتخصصة في “الصحة عن بُعد” على الإنترنت، المريض لا يحتاج إلى زيارة الطبيب لإجراء الفحص في عيادته، ولا يحتاج إلى تحمل مشاق الذهاب، وربما السفر، والصبر على الانتظار الطويل الممل. بل إن الطبيب هو من يأتي إلى المريض، لكن افتراضيا!

ويفسح هذا الفتح الجديد في عالم الطب والرعاية الصحية المجال أمام المرضى الراغبين في الحصول على استشارة طبية. أو وصفة دوائية لعلاج ما يشكون منه، حيث يبادرون إلى زيارة أحد المواقع الإلكترونية المخصصة لهذه الأغراض مجانًا.

عيادات الإنترنت سلاح بحدين

 

وهناك آليات للحصول على الرعاية الإلكترونية عبر مواقع عيادات الإنترنت ينبغي التقيد بها، إذ يجب على المريض أن يملأ استمارة تتضمن مجموعة من المعلومات شبيهة بالملف الطبي.

وتشمل هذه الاستمارة اسم المريض، وعمره، ومهنته، ووضعه العائلي، ونوع المرض، والأدوية التي سبق له تناولها. كما تشمل الفحوص والعمليات الجراحية التي أجراها إن وجدت. بينما يتم توجيهه إلى أحد الأطباء عارضًا عليه ملفه الطبي بانتظار تشخيصه، ومعرفة طرق العلاج الممكنة.

أما في حالة طلب الاستشارة الطبية فيبدو أنه لا داعي للاتصال بالطبيب. إذ يمكن أن يكتفي المريض بمقارنة الأعراض التي يشكو منها مع ما يشبهها، ومن ثم يبحث عن مرضه في جداول خاصة، تتضمن الكثير من الحالات المرضية الشائعة غير الخطيرة. ومرفقة بلائحة من الأدوية التي يمكن استعمالها من دون وصفة طبية.

الأمر يبدو أنه سلاح ذو حدين، كل منهما أخطر من الآخر على عمل الطبيب وصحة المريض معًا. إذ تلغي الشبكة العنكبوتية اللقاء المباشر مع الطبيب، وكذلك الحوار والمعلومات المتبادلة مع المريض. كما أن التشخيص الذي يبديه الأطباء عبر الإنترنت يمكن أن يكون صحيحًا علميًّا وطبيًّا، ولكنه ليس دقيقًا في الحالة التي يتصدون إليها بالتحديد.

وهذا يعني أن هناك احتمالًا أن يواجه المريض آثارا جانبية، تخلف أوضاعًا خطيرة على صحته. لذلك هناك من ينظر إلى عيادات الإنترنت بامتعاض شديد، لأن العلاج عبر الويب يقلب القاعدة الصحية، فيصبح المريض طبيبًا. فيما يتحول الطبيب إلى مجرد دليل صحي أو مرشد طبي.

وفي هذه الحالة يتوهم المريض أنه عاين مرضه بنفسه، وعرف حقيقته وسر علّته. بينما قرأ ما يلزمه من أدوية وطرق علاج، فيقرر ما إذا كان سيأخذ بهذه المعلومات أو يتجاهلها. وفي الحالتين سيرى أنه ليس في حاجة إلى زيارة الطبيب المختص في عيادته.

هل هناك فرق بين العناية الطبية المباشرة والافتراضية؟

الكثير من الأطباء يؤكدون أن ثمة فارقًا كبيرًا بين العناية المباشرة والافتراضية للمرضى. فالطبيب يمكنه أن يشخّص المرض بدقة إذا ما جلس معه وجهًا لوجه، وصارحه الأخير بحقيقة أعراضه. فيكتب له الطبيب وصفة الدواء وفق البروتوكولات المخصصة لهذا العلاج.

بينما في عيادات الإنترنت الافتراضية فالتشخيص ليس دقيقًا، ويبدو الأمر كعرض لعدة احتمالات. وقائمة أدوية متعددة، وعلى المريض اختيار ما يراه مناسبًا منها!

الإحصاءات الطبية الصادرة حديثًا تشير إلى أن احتمالات الشفاء بالعلاج عن بُعد لا تتعدى 25%. في حين تتجاوز حالات الشفاء 80% بالمعاينات الشخصية المباشرة.

وفي غضون ذلك أصدرت وزارة الصحة الكندية توجيهًا أشارت في بدايته إلى أن عدة تشخيصات قدمها أطباء تحت التمرين، أو مناوبون في أقسام الطوارئ، أدت إلى حالات مأسوية للمرضى، ثم نصحت بألاّ يتجاوزوا حدود تقديم المشورة، وإلا فسيتحملون نتائج أخطائهم.

ويبدو أن “الطبيب عن بُعد” لم يرتقِ بعد إلى مرتبة عملية ذات مصداقية علمية. بل وتراجع العمل به ليصبح حديثًا محدودًا في نطاق ضيق مقتصر على تقديم النصح والاستشارات.

الرابط المختصر :