حوار – عبدالرحمن الخضيري:
ضيفنا الشاعر المغربي الشاب عمر الراجي، الذي نال جائزة البابطين للشعر في دورتها السادسة عشركأفضل قصيدة للشباب، عن قصيدته “بريد النور”؛ إذ يجيبني عما يعني له الشعر قائلًا : “هو النافذة التي نبصر من خلالها العالم بأعين من مجاز، وهو جزء من تلك الحياة التي يسيجها السؤال ويزيدها الشك جدوى ومعنى”.. عن الشعر وحدائقه وموسيقاه، وعن البدايات عن الأحلام، كان هذا الحوار..
ماذا يعني لك الشعر؟
الشعر نافذة نبصر من خلالها العالم بأعين من مجاز؛ البياض الخفيف الذي تحدثه القصيدة أمام مساحة البصر لا يحجب الرؤية تمامًا، بل هو جزء من ذلك القلق الذي لا غنى عنه في الشعر وفي حياة الشاعر؛ هو جزء من تلك الحياة التي يسيجها زهر السؤال، ويزيدها الشك جدوى ومعنى؛ لذلك كان الشعر، ولهذا كان الشعراء، إنهم يحتفلون بوجودهم في الحياة.
هل الشعر عندك موقف، هل لابد من استفزازك لتكتب قصيدة؟
سبقني نزار، وسبق غيري في القول بأن الشعر موقف حضاري من الحياة، هو كذلك في رأيي أيضًا. في الواقع، الشعر هو رد فعل واستجابة منا لنبضات هذا العالم، فنحن نُستفز من أشياء كثيرة في الحياة، ونكتب القليل من الشعر، تمامًا كما يحتاج العامل لكثير من التربة والصخور والطين؛ ليظفر بعد ذلك بالقليل جدًا من الذهب.
ماذا عن طقوس ولادة قصيدتك؟
لا طقوس للشعر؛ فذلك من أوهام الأدعياء، ومن لا يعرفون من الشعر إلا ما تداولته ألسن العابرين. الشعر يوجد في أشياء كثيرة: في الحدائق، والموسيقى، وخبز الأم الحانية، وجبهة الأب الصبور، وفي خصلات الحبيبة ونظراتها؛ إنه مقيم مثلنا في كثير من الجهات، وما نفعله نحن فقط،هو محاولة استضافته في القصيدة؛ لذلك لا طقوس للكتابة ولا شعائر.
حدثنا عن البدايات التي أخذتك إلى مرافئ الشعر؟
تاريخ البداية يأخذني إلى مرافئ الطفولة الأولى؛ حيث كانت السماء صافية، وكانت الغيوم أكثر سخاءً، وكانت الروح تتشكل قطرة بعد قطرة، وصدفة بعد صدفة بماء الحلم. حينها- أي في ربيع العمر- عشقت الشعر نغمةً، وأحببته لغةً، وتملكني سحرًا وسرًا، وما إن أطلَّت شمسُ الفتوة على مدائن عمري؛ حتى بدأت أكتب بكل الجرأة التي ينشدها الشعر.
كيف تقرأ ذاتك، وكيف تنظر إلى تجربتك؟
الذات مساحة ممتلئة وخاوية في الوقت نفسه، فقط حين يكون المرء شاعرًا يستطيعأن يقرأ الفراغ، وأن يكتب بفرشاة اللغة مالم يقله يقين الذات، فالشعر كان وما يزال لغة فوق اللغة.
كيف ترى واقع النقد الموجه للأعمال الشعرية تحديدًا؟
النقد الموجه للشعر كان في أحيان كثيرة أقصر قامةً من الإبداع؛ وذلك ليس سرًا، وليس وليد اليوم، لكن الأمر من ذلك الآن- في لحظتنا النكوصية هذه- هو أنه بات مسيسًا ومغلفًا برائحة الأدلجة بكل ما تحمله من قراءة للنوايا، ومن تحميل للأمور على غير ماهي عليه. أقول هذا بمرارة، وبأسف شديد!