صبحة بغورة تكتب: لكل أسرة.. نفحات إيمانية في رمضان

عندما فرض الله تعالى على كل مسلم واجب العبادة الحقة من صلاة وصيام وتهجد وقراءة القرآن والإكثار من صالح الأعمال، فإنه جعل عز وجل وافر ثوابها وبالغ فضلها كرامات عظيمة في شهر رمضان، شهر الصبر على مشقة الصيام؛ إذ جعل أيام هذا الشهر الكريم رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار.

ولا يكتمل التمتع بالنفحات الإيمانية في كامل أيام وليالي شهر رمضان، إلا باتباع الآداب النبوية والالتزام بها، خاصة في طعامه وشرابه حتى يصون بدنه ويحفظ نعمة الصحة والعافية وينال الأجر والمثوبة في كل ركن من أركان نظامه الصحي.

على خلاف ما يعتقد بعض الساذجين أن مد فترة الصوم بعد سماع آذان المغرب، هو إظهار مقدار تعففهم وأن الصوم لم يأخذ منهم مأخذه وبأنهم بذلك ليسوا متهافتين على الأكل، وأن تناول الطعام في حد ذاته ليس بالغ همهم لاعتقادهم أن ذلك يرضي المولى عز وجل، متناسين وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالتعجيل بالإفطار لما في التعجيل ــ ولو بتمرة واحدة قبل إقامة صلاة المغرب من فوائد طبية وآثار صحية ونفسية مهمة للصائمين.

الصائم يكون في أشد الحاجة إلى كل ما يمكن أن يطفئ شعوره بالظمأ وإلى كل ما يذهب عنه الإحساس بالجوع، ويؤدي التأخير المتعمد في الإفطار إلى زيادة انخفاض السكر في الدم فيحدث الهبوط العام وهو تعذيب بدني ونفسي ترفضه الشريعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد تمرا فالماء، فإنه طهور".

وقد ثبت أن لهذه الأطعمة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سواها فوائد صحية كبيرة للصائم أينما كان، ولم يختارها فقط لتوافرها في البيئة الصحراوية، فالصائم تتمثل حاجته الأساسية إلى مصدر سكري سريع الهضم مثلما يكون أيضا في أمس الحاجة إلى الماء، ولن نجد ما هو أفضل مما جاءت بها السنة المطهرة، فالتمر يحتوي على المواد السكرية الأحادية والثنائية التي تكفي ليفتتح الصائم إفطاره، على أن ينتبه كل صائم أن التعجيل بصلاة المغرب يكون قبل إكمال طعام الإفطار، ففي ذلك حكمة بالغة، فدخول كمية بسيطة من الطعام وترك المعدة دون إدخال المزيد من الطعام عليها يعد منبها لها وللأمعاء، ويزيل في نفس الوقت الشعور الضار بالنهم والشراهة في تناول الطعام.

وبذلك، نتبع ما قاله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابن آدم وعاء أشر من بطنه"، فحسب كل صائم بضع لقيمات تقيه انتفاخ المعدة والتلبكات المعدية والمعوية وعسر الهضم وزيادة الحموضة وتشكل الغازات في البطن، ثم حدوث التراخي والشعور بالخمول والكسل؛ حيث إن الدم يتجه إلى المعدة لإتمام عملية الهضم على حساب كمية الدم التي كان يمكن أن تبلغ الأعضاء الحيوية الأخرى ومنها المخ.

والإفراط في الطعام، يدفع إلى النوم بعد الإفطار، مما قد يحرم الفرد من فضل صلاة العشاء وبركة صلاة التراويح ونيل ثواب الاجتهاد في إحياء ليالي الشهر المعظم بالذكر والتكبير والتسبيح والإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الدعاء الملح أن يعفو المولى العزيز القدير ويغفر.

اقرأ أيضًا: فيديو| أهمية تقليل الطعام في إفطار رمضان

شهر رمضان المعظم فرصة للمدخنين كي يقتلعوا تماما عن هذه العادة ويتوقفوا عن التدخين، وقد أفتى عديد من العلماء بتحريم التدخين عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، كما أنه فرصة للتوقف عن سيء الأعمال والتراجع عن الموبقات، والتقرب لله تعالى بالصدقات والإقبال على ما نيل ثواب إفطار الصائم، وتقديم كل ما يمكن أن يخفف عن المؤمنين وطأة الصوم من فقراء الحي.

أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسحور في حديثه: "تسحروا فإن في السحور بركة"، وحث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على تأخير موعد تناول وجبة السحور، وعلى أن تحتوي على الأطعمة سهلة الهضم والغنية بالسكريات، وأهمية وجبة السحور أنها تمنع الصداع أو الشعور بالإعياء السريع أثناء النهار، وتمنع الشعور بالعطش الشديد، وفي ذلك أكد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في حديثه: "ما تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور".

أثبت العلم الحديث أن هناك ثماني مواد كيميائية في "السواك" تعمل على تبييض الأسنان وتحافظ على سلامة اللثة وتقضي على الجراثيم وتكسب الفم رائحة زكية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستاك وهو صائم.

الصلاة مجهود بدني بسيط منتظم الإيقاع خاصة في الركوع والسجود، من فوائدها خاصة في التراويح أن المصلي يضغط على المعدة والأمعاء فيحدث تنشيط لحركاتهما وتسريع لطيف لعملية الهضم، فينام المصلي بعدها دون معاناة من التخمة وعسر الهضم، وفي وضوء الصائم وصلاته في أيام رمضان شعور خاص براحة القلب وسكينة النفس والبعد عن القلق النفسي والتوتر العصبي، وفي ذلك شفاء من الأمراض الباطنية الناتجة عن أسباب نفسية.

ليس الصيام كما يدعي بعض الكسالى مدعاة للتقصير في أداء الواجبات، وليس مانعًا أمام النهوض بالمسؤوليات، وليس مبررًا للتراجع عن الوفاء بالالتزامات، فالصائم يستطيع بالقليل من الصبر إنجاز عمله في رمضان وعلى أحسن وجه.

وقد قيل أن من يدرك قدر من يسأله، يهون عليه ما يبذله، وهوما قاسى الصائم من الجوع والعطش أو الصداع، فإن أجر ذلك عند الله عظيم وغير محدود، وهناك من يتحسرون على أيام رمضان تمر عليهم وهم لا يستطيعون صومها بسبب العجز أو المرض، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان، فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى الله".. رمضان كريـم.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

اقرأ أيضًا: صبحة بغورة تكتب: ضبط النفس في بوتقة نار الغضب