خلال حفل تكريمه.. “زهير النوباني”: محبة الناس رصيدي الحقيقي

اعتبر الفنان الأردني زهير النوباني أن محبة الناس أهم ما يعنيه في حياته الفنية، وهي رصيده الحقيقي، مؤكدًا أنه من الواجب على الفنان أن يكون قريبًا من الناس، فيتناول بصدق همومهم، وأوجاعهم، وقضاياهم.

جاء ذلك خلال حفل تكريم النوباني بمنتدى عبد الحميد شومان الثقافي، أمس السبت، لحصوله على شهادة الدكتوراه الفخرية من الأكاديمية البريطانية الدولية، وبتنظيم مشترك بين مركزي الثقافي العربي وإكليل للدراسات والاستشارات.

وتوقف النوباني، عند فترة السبعينات، حينما قدم وزملاء له مسرحيات عدة، كانت هذه المسرحيات، بحسبه، “ناجحة” وذات فكر راق، سواء كانت على خشبة المسرح الجامعي، أو من خلال مسرحيات دائرة الثقافة والفنون، قبل إنشاء وزارة الثقافة.

وعاد النوباني، في الحفل الذي جرى برعاية الوزير الأسبق د. كامل أبو جابر، وحضره وزير الثقافة د. محمد أبو رمان، بذاكرته إلى عامه الجامعي الأول عندما قدم أول عمل مسرحي بعنوان “الأشجار تموت واقفة” للمخرج هاني صنوبر؛ لتستمر مسيرته الفنية في المسرح الجامعي، وينضم بعدها إلى أسرة المسرح الأردني.

وأعتبر الوزير الأسبق د. كامل أبو جابر أن “النوباني” “أعطى للفن الأردني مصداقية حقيقية، وساهم في جعله جزء أصيل من حياة مجتمعنا، إلى جانب مساهمته في إحياء الذاكرة الأردنية الفلسطينية العربية، من خلال أعماله المتنوعة التي تشير بعض عناوينها إلى محتواها، كجبل النار، وشجرة الدر، ونمر ابن عدوان.. وغيرها”.

وقال “أبو جابر”؛ وهو أستاذ النوباني في المرحلة الجامعية، “كنت دائمًا من هواة المسرح حتى حين كنت طفلًا في الصفوف الابتدائية في مدرسة المطران في أربعينيات القرن الماضي، أشارك في التمثيل على مسرح المدرسة باللغتين العربية والإنجليزية؛ حيث كانت إدارة المدرسة، تعتقد وعن إدراك، أن التمثيل يساهم في صقل شخصية الطالب”.

ورأى الوزير الأسبق أن الدروب التي يسلكها “زهير النوباني”، وهي كثيرة، تلمح في خلجات صدره، نزوعًا فكريًا متقدمًا يقدس الحرية والتعددية، ويصون حق المختلفين معه في الرأي على قاعدة أن للجميع حصة من التعبير السلمي المدني الذي ينشد التغيير والتنوير.

وتضمن الحفل، الذي أدارته مع الجمهور الإعلامية هناء الأعرج، إلى جانب تكريم النوباني، عرضًا تسجيليًا بعنوان “زهير النوباني يعتلي خشبة الحياة”.

ومن جانبه، قال رياض ياسين؛ مدير عام مركز إكليل للدراسات والاستشارات، في كلمته خلال الحفل: “نلتقي اليوم لتكريم مبدع فذ نذر نفسه لفنه ووطنه على طريقته المتفردة، هو زهير النوباني الذي يعتبر حالة نادرة، فنان ملتزم بكل ألوان فنه، وهو القارئ المثقف، المُحب لفنه ووطنه”.

وأضاف: “أثقلنا بحبه، توجنا بنجاحاته على مدى نصف قرن، ويفيض قلبه بحب فنه وأهله ووطنه. تفاعل مع قضايا وطنه وأمته فجسدها على طريقته الفنية الإبداعية المتفردة، تنقل مثل دواج القرى باحثًا عن حلمه وعن نشر رسالة آمن بها، فنجح في الارتقاء الفني على المستوى العربي منذ فترة مبكرة من حياته الفنية”.

واعتبر “ياسين” أن التكريم لأهل التكريم واجب ومسؤولية، مبينًا أن تكريم “زهير” هو تكريمً للفن الأردني، وهو السباق في تكريمنا حين تكرم وتفضل وجاد علينا بفنه وعشقه، فملأ قلوبنا فرحة، وحمل لنا رسائل الحمام الزاجل من أماكن بعيدة ليخبرنا أننا أمام حالة فرح وأمل”.

ولف “ياسين” إلى أن “الدكتوراه الفخرية التي حصل عليها “زهير” مؤخرًا من الأكاديمية البريطانية الدولية للصحافة والاعلام وفنون الاتصال، أسعدتنا في مركز إكليل كما أسعدت شركائنا في المركز الثقافي العربي، وبالتأكيد ستسعد كل من استمتع بفن زهير وآمن برسالته الوطنية ودوره المهم في حياتنا الفنية والثقافية”.

بدوره، رأى رئيس المركز الثقافي العربي المحامي والكاتب جمال القيسي، في ورقته التي جاءت بعنوان “زهير النوباني.. مسيرة الإبداع والموقف”، أن زهير النوباني لم يكن يومًا فنانًا مترف الأدوار، ولم يكن ضالعًا في مهمة الأداء والحضور، كي يرد اسمه ضمن أسماء الممثلين (حسب الظهور)، بل كان عهده على الدوام، ابنًا حقيقيًا لهذا المعترك الدامي المعقد من التناقضات النفسية البشرية، الحادة كالنصال، والواضحة كالموقف الشجاع الفرد.

وأشاد “القيسي” ببراعة “النوباني” اللافتة، ومكانته العالية بين النجوم، تلك المكانة التي استحقها في نفوس أجيال عديدة ممتدة، ميزت أشواك الشر من ورود الخير، وذاقت مرارة الحقيقة من كأس الأسى بمواجهة الواقع المرير، تلك الكأس التي أذاقها زهير النوباني لندمائه الساهرين عبر الشاشة، بيد قاسية فأسقاهم إياها من جحيم الواقع دهاقًا.

وتساءل رئيس المركز الثقافي العربي كيف احتفظ زهير النوباني وحافظ على دور الصدارة في نفوس جمهوره ومتابعيه طوال هذه السنين؟ وكيف ما فتئ الفتى حاضرًا كماسةٍ متلألئة لا يخفت بريقها على مر هذه العقود من العطاء؟، معتبرًا أن النوباني انتصر كمثقف صادق لدوره الطليعي من خلال رفضه القاطع لأدوار كثيرة في أعمال عربية وعالمية لعلة التصادم مع مبادئه وآلام محيطه، ولهشاشة الطرح في تلك الأعمال التي كانت محاولات لاستقطابه؛ كفنان كبير يضيف الكثير للعمل الذي يشارك فيه وليس العكس.

وبين “القيسي” أن مشاركة المركز الثقافي العربي إلى جانب مركز “إكليل” في تكريم “النوباني” هي مواصلة لبرنامج (ذاكرة السوسن)؛ الذي أطلقه المركز العربي منذ العام 2012؛ بهدف تكريم الفنانين الأردنيين الذين تركوا بصماتٍ جليلة وواضحة، ولها أثر عميق في مسيرة الفن الأردني والعربي.

من جهتها، وصفت “الأعرج” الفنان “زهير النوباني” بأنه “ابن هذه الأرض، خرج من رحمها، عايش أهلها، وجعل من الآمال والآلام لها قضية. قلبه عامر بحب الناس، يصوغ المرافعات ويجسد التاريخ وذاكرة الأوطان”.

وأضافت: “في أعماله المسرحية والفنية نلمس بشكل مستفيض ليس فقط التاريخ، وإنما الحب وبوح القلب ونجوى الرب، وهو صاحب حضور فني ساحر عبر الشاشة، وفوق خشبة المسرح”.

وتابعت “هذا هو زهير النوباني الذي بدأ مشواره الفني منذ أن كان طالبًا في الجامعة الأردنية، وقدم العديد من الأعمال المتميزة للمسرح الجامعي في بداياته، ليلتحق بعدها بأسرة المسرح الأردني خلال سبعينيات القرن الماضي، وقدم معها باقة الروائع المسرحية في مقدمتها رسالة من جبل النار”.

يُشار إلى أن “النوباني” شارك في أعمال عديدة منها: “سلطانة”، “أمرؤ القيس”، ” دعاة على أبواب جهنم”، “وضحة وابن عجلان”، كما شارك في العديد من المسرحيات منها “الحمار الراقص”، “البلاد طلبت أهلها”، “مواطن عربي”، “عطشان يا صبايا”.

الرابط المختصر :