التنمر ظاهرة اجتماعية خطيرة تؤثر في حياة كثير من الأطفال والمراهقين، وتترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة. لا يقتصر التنمر على الشكل التقليدي المعروف، بل يتخذ أشكالًا متنوعة ومتجددة مع تطور التكنولوجيا.
نوضح في السطور التالية أشكال التنمر المختلفة وكيف يمكن للأهل دعم أبنائهم في حال تعرضهم لمثل هذه المواقف المؤلمة.
أشكال التنمر المختلفة
وحسب ما أوضحه الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، في تصريحات خاصة لـ”الجوهرة”، فإن أشكال التنمر هي:
- التنمر الجسدي: وهو الشكل الأكثر شيوعًا، ويتضمن الضرب، والدفع، وسرقة الأغراض، والتخريب.
- التنمر اللفظي: يشمل الشتائم السخرية، والإهانات، ونشر الشائعات.
- التنمر الاجتماعي: يتمثل في عزل الطفل عن المجموعة، ونشر الإشاعات عنه، وتجاهله عمدًا.
- التنمر الإلكتروني: وهو أحدث أشكال التنمر، ويحدث عبر الإنترنت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والرسائل النصية، والبريد الإلكتروني. ويتضمن نشر صور أو فيديوهات مسيئة، والتهديد، والتحرش.
علامات تدل على تعرض الطفل للتنمر
- تغير في المزاج، مثل الشعور بالحزن، والاكتئاب، أو القلق.
- صعوبة في النوم أو الكوابيس المتكررة.
- فقدان الشهية أو الإفراط في الأكل.
- انخفاض الأداء الدراسي.
- تجنب الذهاب إلى المدرسة أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
- وجود علامات جسدية مثل الكدمات أو الخدوش.
- صعوبة في تكوين صداقات جديدة.
- الشعور بالوحدة والعزلة.
كيف تدعمين طفلك المتعرض للتنمر؟
- استمعي لطفلك بانتباه: امنحي طفلك مساحة آمنة للتعبير عن مشاعره دون مقاطعته أو الحكم عليه.
- صدقيه: أبلغيه أنك تصدق ما يقوله وأنك معه دائمًا.
- لا تلوميه: تجنبي لوم طفلك أو إلقاء اللوم عليه، فالتنمر ليس خطأه.
- تحدثي مع المدرسة: اتصلي بمعلمي طفلك ومدير المدرسة لشرح المشكلة واتخاذ الإجراءات اللازمة.
- شجعي طفلك على تكوين صداقات: ساعدي طفلك على بناء علاقات اجتماعية صحية.
- علمي طفلك كيفية الدفاع عن نفسه: علمي طفلك بعض المهارات الأساسية للدفاع عن نفسه، مثل كيفية قول “لا” بثقة والابتعاد عن المواقف الصعبة.
- ابحثي عن دعم نفسي: إذا كانت المشكلة شديدة، فاستشيري متخصصًا في الصحة النفسية لمساعدة طفلك.
أسباب التنمر
هناك العديد من الأسباب التي تدفع بعض الأشخاص إلى ممارسة التنمر. منها:
- الشعور بالقوة والسيطرة: قد يلجأ بعض الأشخاص إلى التنمر كوسيلة لإثبات قوتهم وسيطرتهم على الآخرين، خاصة إذا كانوا يشعرون بالضعف أو عدم الأمان في جوانب أخرى من حياتهم.
- الانتماء إلى مجموعة: قد ينضم بعض المراهقين إلى مجموعات تمارس التنمر بحثًا عن القبول والانتماء، حتى لو لم يوافقوا على سلوك هذه المجموعات.
- الغيرة والحسد: قد يشعر بعض الأشخاص بالغيرة من الآخرين بسبب نجاحهم أو شعبيتهم، فيلجؤون إلى التنمر لتقليل ثقتهم بأنفسهم.
- مشكلات في المنزل: الأطفال الذين يعانون من مشكلات في المنزل، مثل العنف أو الإهمال، قد يكونون أكثر عرضة لممارسة التنمر أو التعرض له.
- صعوبات في التعلم: قد يتعرض الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم للتنمر بسبب اختلافهم عن أقرانهم.
- مشكلات نفسية: قد يعاني بعض المتنمرين من مشكلات نفسية، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) أو اضطراب السلوك المعادي للمجتمع.
- التقليد: قد يقلد بعض الأطفال سلوكيات الآخرين الذين يرونهم يمارسون التنمر، معتقدين أن هذا السلوك مقبول.
الآثار السلبية للتنمر
التنمر، سواء كان في المدرسة، أو مكان العمل، أو حتى عبر الإنترنت، يترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة على الضحايا. هذه الآثار لا تقتصر على المدة التي يتعرض فيها الفرد للتنمر، بل قد تستمر معه لسنوات طويلة، مؤثرة في مختلف جوانب حياته. ومن أبرز الآثار السلبية للتنمر:
- انخفاض الثقة بالنفس: يشعر الضحية بقلة قيمته وقدراته، بما يؤثر في اتخاذ القرارات وتكوين العلاقات.
- الاكتئاب والقلق: يعاني الضحايا من مشاعر الحزن الشديد، والقلق المستمر، والخوف من المواقف الاجتماعية.
- العزلة الاجتماعية: يميل الضحايا إلى العزلة وتجنب التفاعل مع الآخرين خوفًا من التعرض للتنمر باستمرار.
- مشكلات في النوم: قد يعاني الضحايا من الأرق أو الكوابيس نتيجة للضغوط النفسية التي يتعرضون لها.
- صعوبات في التعلم: يؤثر التنمر سلبًا في التركيز والقدرة على التعلم؛ ما يؤدي إلى تراجع الأداء الأكاديمي.
- الأفكار الانتحارية: في الحالات الشديدة، قد يفكر الضحايا بالانتحار كطريقة للهروب من الألم والمعاناة.
- صعوبة في تكوين العلاقات: يجد الضحايا صعوبة في بناء علاقات صحية مع الآخرين بسبب انخفاض ثقتهم بأنفسهم وخوفهم من الرفض.
- مشكلات في العمل: قد يعاني الضحايا من صعوبات في التكيف مع بيئة العمل، وتجنب المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
- مشكلات قانونية: قد يلجأ بعض الضحايا إلى العنف أو المخدرات كوسيلة للتعامل مع الألم، بما يؤدي إلى مشكلات قانونية.
آثار التنمر على الأطفال
التنمر ظاهرة مؤلمة تؤثر بشدة في حياة الأطفال، تاركة آثارًا نفسية واجتماعية عميقة قد تمتد إلى مراحل البلوغ. يمكن تلخيص هذه الآثار في النقاط التالية:
- تراجع الثقة بالنفس: يشعر الطفل المتنمر عليه بعدم القيمة ويعتقد أن الآخرين أفضل منه؛ ما يؤدي إلى انخفاض احترامه لذاته.
- الاكتئاب والقلق: يعاني الطفل من مشاعر حزن عميقة، وقلق مستمر، وخوف من التفاعل مع الآخرين.
- العزلة الاجتماعية: يفضل الطفل الانعزال عن الآخرين تجنبًا للمزيد من الأذى، بما يؤثر في قدرته على تكوين علاقات صحية.
- مشكلات في النوم والأكل: قد يعاني الطفل من اضطرابات في النوم، فقدان الشهية أو الإفراط بالأكل.
- صعوبات في التعلم: يؤثر التنمر سلبًا على تركيز الطفل وقدرته على التعلم؛ ما يؤدي إلى انخفاض تحصيله الدراسي.
- أفكار انتحارية: في الحالات الشديدة، قد يفكر الطفل في الانتحار هربًا من الألم والمعاناة.
- صعوبة في تكوين صداقات: يجد الطفل المتنمر عليه صعوبة في بناء علاقات اجتماعية وثيقة ومستقرة.
- مشكلات سلوكية: قد يتحول الطفل إلى سلوك عدواني أو انطوائي كرد فعل على التنمر.
- الخوف من المدرسة: يرتبط الطفل بالمدرسة بتجارب سلبية، تؤدي إلى رغبته في التغيب عنها.
- مشكلات في العلاقات المستقبلية: قد يحمل الطفل معه آثار التنمر إلى مراحل البلوغ؛ ما يؤثر على علاقاته الشخصية والمهنية.
كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا من التنمر؟
للوقاية من التنمر، يجب علينا اتباع هذه الإجراءات:
- التثقيف:
- الأطفال: شرح مفهوم التنمر للأطفال، وتوعيتهم بأشكاله المختلفة، وتعليمهم كيفية التعرف عليه والتصرف أمامه.
- المجتمع: تنظيم حملات توعية واسعة النطاق حول التنمر، وتشجيع الحوار المفتوح حول هذا الموضوع.
- بناء الثقة بالنفس:
- الأطفال: مساعدة الأطفال على تطوير مهاراتهم الاجتماعية، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم.
- البالغون: العمل على بناء علاقات إيجابية مع الأطفال، وتقديم الدعم والتشجيع المستمر لهم.
- تدريب المهارات الاجتماعية:
- الأطفال: تعليم الأطفال كيفية التواصل بفعالية، وحل المشكلات، والتعامل مع الصراعات بطرق سلمية.
- المجتمع: توفير برامج تدريبية للأطفال والشباب لتطوير مهاراتهم الاجتماعية.
- التدخل المبكر:
- المدرسة: تدريب المعلمين والموظفين على كيفية التعرف على حالات التنمر والتصرف حيالها.
- الأسرة: مراقبة سلوك الأطفال عن كثب، والتحدث معهم حول أي تغييرات يلاحظونها في سلوكهم أو علاقاتهم الاجتماعية.
- بناء بيئة آمنة:
- المدرسة: خلق جو من الاحترام والقبول في المدرسة، وتطبيق سياسات صارمة ضد التنمر.
- الأسرة: توفير بيئة منزلية آمنة وداعمة للأطفال، حيث يشعرون بالحب والقبول.
- التعاون:
- الأسرة والمدرسة: التعاون بين الأسرة والمدرسة للعمل معًا على مكافحة التنمر.
- المجتمع: مشاركة المجتمع في الجهود المبذولة للقضاء على التنمر.