توبيخ الأبناء أمام الآخرين من أكثر الأخطاء التربوية شيوعًا، وتترك آثارًا سلبية عميقة على نفسية الطفل. بدلًا من أن يكون الوالد ملاذًا آمنًا للطفل، يصبح مصدر خجل وإحراج؛ ما يؤثر سلبًا في ثقته بنفسه وعلاقته بالآخرين.
أضرار توبيخ الأبناء أمام الآخرين
وحذر الدكتور وليد هندي؛ استشاري الصحة النفسية، في تصريحات خاصة لـ”الجوهرة”، من توبيخ الأبناء أمام الآخرين، موضحًا أنه ينتج عنها أضرار كثيرة على الطفل.

- انخفاض الثقة بالنفس: يشعر الطفل بالخجل والإحراج الشديدين؛ ما يؤدي إلى تراجع ثقته بنفسه وقدراته.
- زيادة العزلة: يخشى الطفل من تكرار الموقف، فيميل إلى العزلة والابتعاد عن الآخرين.
- صعوبة في تكوين العلاقات: يجد الطفل صعوبة في بناء علاقات اجتماعية صحية، بسبب الخوف من التقييم السلبي.
- مشكلات سلوكية: قد يلجأ الطفل إلى سلوكيات عدوانية أو انطوائية كرد فعل على الإحراج المتكرر.
- صعوبة في التعلم: يؤثر التوتر والقلق الناتجان عن التوبيخ في قدرة الطفل على التركيز والتعلم.
- تأثير سلبي في العلاقة بين الوالد والطفل: يزيد التوبيخ من الفجوة بين الوالد والطفل، ويضعف الثقة المتبادلة.
بدائل صحية للتوبيخ
- الحوار الهادئ: اختيار الوقت والمكان المناسبين للتحدث مع الطفل بهدوء، وشرح الأخطاء التي ارتكبها وعواقبها.
- التشجيع والإيجابية: التركيز على الجوانب الإيجابية في سلوك الطفل، وتشجيعه على تطوير نفسه.
- تعليم المهارات الاجتماعية: مساعدة الطفل على تعلم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة، وبناء علاقات صحية.
- القدوة الحسنة: أن يكون الوالد قدوة حسنة لطفله، ويتصرف بطريقة محترمة مع الآخرين.

العواقب طويلة الأجل لتوبيخ الأطفال أمام الآخرين
توبيخ الأطفال أمام الآخرين، وإن كان يبدو للبعض وسيلة سريعة لتصحيح السلوك، إلا أنه يحمل عواقب وخيمة على المدى الطويل، وقد تؤثر سلبًا في تطور الطفل نفسيًا واجتماعيًا. ومن أبرز العواقب طويلة الأجل لتوبيخ الأطفال أمام الآخرين:
- تدمير الثقة بالنفس: يجعل الطفل يشعر بالخجل والإحراج؛ ما يؤدي إلى تآكل ثقته بنفسه وقدراته.
- الشعور بالدونية: يزرع في الطفل شعورًا عميقًا بالدونية وعدم القيمة؛ ما يؤثر في علاقاته مع الآخرين بالمستقبل.
- الخوف من الفشل: يخشى الطفل من ارتكاب الأخطاء والتعبير عن رأيه خوفًا من التوبيخ؛ ما يحد من قدرته على التعلم والتطور.
- صعوبة في بناء العلاقات: قد يعاني الطفل من صعوبة في بناء علاقات اجتماعية صحية؛ حيث يخشى الرفض والانتقاد.
- السلوك العدواني: قد يتحول الطفل إلى سلوك عدواني كرد فعل على التوبيخ المستمر، سواء تجاه نفسه أو الآخرين.
- صعوبات في التعلم: يؤثر التوتر والقلق الناتجان عن التوبيخ في قدرة الطفل على التركيز والتعلم.
- مشكلات سلوكية: قد يظهر على الطفل مشكلات سلوكية أخرى، مثل: الكذب أو التمرد.
كيف يمكن للآباء أن يتعلموا طرقًا أفضل للتواصل مع أطفالهم؟
التواصل الفعال مع الأطفال أساس بناء علاقة قوية ومتينة معهم. إنه مفتاح لفهم احتياجاتهم، دعمهم، وتوجيههم نحو النمو الصحي. إليك بعض الطرق التي يمكن للآباء من خلالها تحسين مهاراتهم في التواصل مع أطفالهم:
1. الاستماع الفعال:
- التركيز الكامل: عندما يتحدث طفلك، خصصي له كامل انتباهك. تجنبي الانشغال بالهاتف أو بأي شيء آخر.
- التواصل البصري: انظري إلى طفلك مباشرة في أثناء حديثه. هذا يجعله يشعر بأنه مهم ومسموع.
- تجنب المقاطعة: اسمحي لطفلك بإنهاء حديثه قبل أن تبدأي أنت بالحديث.
- إعادة صياغة ما قاله: أعِيدي صياغة ما فهمتيه من كلام طفلك للتأكد أنك استوعبته على نحو صحيح.
2. التحدث بلغة بسيطة ومفهومة:
- تجنب المصطلحات المعقدة: استخدمي لغة بسيطة ومناسبة لعمر طفلك.
- إعطاء أمثلة: استخدمي الأمثلة والقصص لتوضيح الأفكار المعقدة.
- طرح الأسئلة المفتوحة: شجعي طفلك على التفكير والتعبير عن آرائه من خلال طرح أسئلة تبدأ بـ “ماذا”، “كيف”، “لماذا”.

3. قضاء وقت ممتع معًا:
- الأنشطة المشتركة: خصصي وقتًا يوميًا لفعل أنشطة ممتعة مع طفلك، مثل: اللعب، أو القراءة، أو الخروج في نزهة.
- الاهتمام بهواياته: شاركي طفلك في هواياته وأظهري اهتمامًا بما يحبه.
- ذكريات جميلة: أنشئي ذكريات سعيدة مع طفلك، فهذا يقوي الرابطة بينكما.
4. التعبير عن الحب والتقدير:
- الكلمات المشجعة: أثني على طفلك وعبّري عن فخرك بإنجازاته.
- العناق والحضن: لا تبخلي على طفلك بالعناق والحضن، فهذا يجعله يشعر بالأمان والحب.
- إظهار المودة: عبّري عن حبك لطفلك بطرق مختلفة، مثل: كتابة رسالة أو إعداد مفاجأة له.
5. احترام مشاعره:
- الاستماع لشكواه: استمعي إلى شكاوى طفلك بصدر رحب وحاولي فهم ما يشعر به.
- تأكيد مشاعره: أكدي لطفلك أن مشاعره صحيحة ومقبولة.
- مساعدة طفلك على التعامل مع مشاعره: علّمي طفلك طرقًا صحية للتعامل مع مشاعره، مثل: التنفس العميق أو ممارسة الرياضة.
6. تحديد الحدود:
- وضوح القواعد: حددي قواعد واضحة وسلوكيات متوقعة من طفلك.
- التحلي بالثبات: التزمي بالقواعد التي وضعتها.
- العقاب الإيجابي: استخدمي العقاب الإيجابي بدلًا من العقاب البدني، مثل: الحرمان من بعض الامتيازات.
7. التعلم المستمر:
- قراءة الكتب: اقرأي الكتب والمقالات التي تتحدث عن تربية الأطفال وتواصل الوالدين معهم.
- حضور الورش: شاركي في الورش والدورات التدريبية التي تهدف إلى تطوير مهارات الأبوة والأمومة.
- طلب المساعدة: لا تترددي في طلب المساعدة من الخبراء إذا واجهت صعوبات في التواصل مع طفلك.

دور المدرسة والمجتمع في دعم الأسر لتربية أطفالهم
تعد التربية عملية شاقة ومعقدة تتطلب تضافر جهود أطراف عدة، وعلى رأسهم الأسرة والمدرسة والمجتمع. فالأهل القادة الأوائل في حياة الطفل، والمسؤولون عن تكوينه وتنشئته، ولكن لا يمكنهم أداء هذه المهمة بمفردهم.
للمدرسة والمجتمع دور حيوي في دعم الأسرة وتكميل رسالتها التربوية، وذلك من خلال توفير بيئة تعليمية واجتماعية صحية للطفل تساعده على النمو والتطور.
دور المدرسة:
- تكميل دور الأسرة: المدرسة البيت الثاني للطفل؛ حيث يقضي جزءًا كبيرًا من وقته. لذلك، فإن دورها لا يقتصر على نقل المعرفة والمهارات، بل يشمل تربية الطفل على القيم والأخلاق الحميدة.
- توفير بيئة تعليمية محفزة: يجب أن تهيئ المدرسة بيئة تعليمية محفزة ومشجعة للتعلم، وأن توفر للطلاب الفرص لاكتشاف قدراتهم ومواهبهم وتنميتها.
- التعاون مع الأسر: ينبغي أن يكون هناك تعاون مستمر بين المدرسة والأسرة، من خلال عقد اجتماعات دورية وتبادل المعلومات حول تقدم الطالب، والعمل معًا لحل أي مشكلات قد تواجهه.
- تقديم الدعم النفسي والاجتماعي: يجب أن تهتم المدرسة بالجانب النفسي والاجتماعي للطلاب، وتوفير الدعم لهم للتغلب على أي صعوبات قد يواجهونها.

دور المجتمع:
- توفير بيئة آمنة: يجب أن يسهم المجتمع في توفير بيئة آمنة وصحية للأطفال، خالية من العنف والإهمال.
- تقديم الدعم المادي والمعنوي: يمكن للمجتمع أن يقدم الدعم المادي والمعنوي للأسر المحتاجة، وذلك من خلال توفير الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية.
- نشر الوعي بأهمية التربية: يجب أن يسعى المجتمع إلى نشر الوعي بأهمية التربية الصحيحة للأطفال، وأن يشجع الأهل على الاهتمام بتعليم أبنائهم وتنشئتهم.
- تقديم القدوة الحسنة: ينبغي أن يكون أفراد المجتمع قدوة حسنة للأطفال، وأن يمارسوا السلوكيات الإيجابية والقيم النبيلة.
أهمية التعاون بين الأسرة والمدرسة والمجتمع:
- تعزيز شخصية الطفل: يساعد التعاون بين هذه الأطراف على تعزيز شخصية الطفل وتنمية مهاراته وقدراته.
- تحقيق التكامل التربوي: يكمل كل طرف دور الآخر؛ ما يسهم في تحقيق التكامل التربوي للطفل.
- حل المشكلات: يساعد التعاون على حل المشكلات التي قد تواجه الطفل أو أسرته على نحو أسرع وأكثر فاعلية.
- بناء مجتمع قوي: يسهم التعاون في بناء مجتمع قوي ومتماسك.