في خضم الحياة وتقلباتها، يواجه المسلم لحظات حيرة عند اتخاذه لقرارات مصيرية، لذا؛ يلجأ إلى الله تعالى، مستعينًا به في اختيار الأفضل لصلاح دينه ودنياه، كما علمنا ذلك رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم -، عبر أداء “صلاة الاستخارة”.
صلاة الاستخارة: نور الهداية في الظلمات
صلاة الاستخارة هي سنة نبوية مباركة، أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تعين المسلم على اختيار الأفضل له في دينه ودنياه، وتفتح له أبواب الرضا والتوفيق من الله سبحانه وتعالى.
الدكتورة صفاء سيد تلقي الضوء على صلاة الاستخارة
في حديث لها مع مجلة “الجوهرة”، تناولت الدكتورة صفاء سيد؛ أستاذة الفقه والشريعة، موضوع صلاة الاستخارة وأهميتها في اتخاذ القرارات، موضحةً بعض المفاهيم الخاطئة الشائعة حولها.
جوهر صلاة الاستخارة وكيفيتها
تقول الدكتورة “صفاء”: “إن “الاستخارة” تعني طلب الخير من الله تعالى، وهي أمر واسع بفضل الله، لكنها لا تتضمن تفاصيل كثيرة.
ومجمل ما يمكن قوله عنها، كما ورد في الأحاديث الصحيحة الصريحة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة”. ثم يقرأ دعاء الاستخارة المعروف”.
تصحيح المفاهيم الخاطئة حول صلاة الاستخارة
وأوضحت الدكتورة “صفاء” عدة نقاط مهمة لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول صلاة الاستخارة، وهي:
- وقت الدعاء: يُقرأ دعاء الاستخارة بعد الانتهاء من الركعتين، وليس في أثناء الصلاة أو بعدها بمدة طويلة.
- الركعتان ليستا للاستخارة فقط: الركعتان اللتان يُصليهما المسلم قبل دعاء الاستخارة هما ركعتان لله عز وجل، وليس خاصتين بالاستخارة.
- الاستشارة: الاستخارة لا تغني عن استشارة الآخرين، بل مكملة لها. فالمسلم يستشير أهل الدين والخبرة، ثم يستخير الله تعالى.
- الرؤيا أو الإحساس الداخلي ليسا شرطًا: ليس من الضروري أن يرى المسلم رؤيا بعد الاستخارة، أو يشعر بإحساس داخلي معين. فالعبرة بتيسير الأمر أو تعسره.
- تيسير الأمر أو تعسره هو العلامة: علامة قبول الاستخارة هي أن ييسر الله تعالى الأمر للمسلم إن كان خيرًا له، أو أن يصرفه عنه إن كان شرًا له.
كيفية الدعاء
بعد الانتهاء من الصلاة، يرفع المسلم يديه إلى السماء، ويحمد الله تعالى ويثني عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، بالصيغة الإبراهيمية. ثم يدعو بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر – ويسمى حاجته – خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمرى فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر – ويسمى حاجته – شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمرى فاصرفني عنه واصرفه عنى، واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به”.
حالات جواز الدعاء دون صلاة
أشارت الدكتورة “صفاء” إلى جواز دعاء الاستخارة دون صلاة في بعض الحالات، مثل:
- إذا كان الأمر مستعجلًا.
- إذا كان المسلم في مكان عام ولا يستطيع الصلاة.
- إذا كانت المرأة حائضًا.
نصائح مهمة
- يجب على المسلم أن يكون متفائلًا بالله، ويثق بأنه سبحانه وتعالى سيختار له الأفضل.
- لا يجوز للمسلم أن يستخير في أمرٍ محرم، أو اتخذ فيه قرارًا بالفعل.
- يجب على المسلم أن يكرر الاستخارة إذا لم يتبين له وجه الصواب في المرة الأولى.
أخيرًا.. “صلاة الاستخارة” ليست مجرد طلب للخير، بل أيضًا لطلب الرضا بما يقدره الله تعالى. فالرضا بقضاء الله وقدره، هو أساس السعادة والاطمئنان في الدنيا والآخرة. كما أنها عبادة عظيمة، تعين المسلم على اتخاذ القرارات الصائبة في حياته، وتمنحه الطمأنينة والراحة النفسية. لذا؛ يجب الحرص على أدائها في كل الأمور، خصوصًا في أمر الزواج، الذي يعد من أهم القرارات التي يتخذها الإنسان خلال حياته.