تعلق الأطفال بالأجهزة الذكية أخطر تحديات التربية الحديثة

تعلق الأطفال بالأجهزة الذكية
تعلق الأطفال بالأجهزة الذكية

يمثل تعلق الأطفال بالأجهزة الذكية أخطر تحديات التربية الحديثة. بعدما استطاعت الهواتف الذكية، والحواسيب اللوحية، وأجهزة الحاسوب المحمولة أن تتحول إلى جزء أساسي من الحياة اليومية للكبار، والأطفال من تلاميذ المدارس، وأيضا للشباب والمراهقين.

وبمرور الوقت زاد بشكل واضح تعلق الجميع، وبخاصة الأطفال، بهذه التقنيات. التي توفر بإمكانياتها قدرة خاصة لمستخدميها على التسلية والترفيه، دون حاجة إلى التحرك من أماكنهم.

كتبت صبحة بغورة

وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة التي أطلقتها الدراسات الأكاديمية والبحوث الجامعية، بشأن خطورة الإفراط في استخدام الأجهزة التقنية الحديثة. فإن الواقع لا يُظهر تحسّنًا يذكر.

بل على العكس، تواجه العديد من الأسر فشلا ملحوظا في ضبط استخدام أطفالها المفرِط للتكنولوجيا. أو في إلزامهم بالقواعد المنزلية المنظمة لها.

فيما أسفر هذا الانفلات عن تفشي مظاهر التوتر النفسي والاضطرابات السلوكية لدى الأطفال، خصوصًا في الفئة العمرية الممتدة بين السابعة والرابعة عشر.

تعلق الأطفال بالأجهزة الذكية “إدمان”

بينما بدأ هؤلاء الأطفال يعانون من صعوبات في التواصل الشفهي المباشر مع أقرانهم، خارج نطاق تطبيقات الهاتف الذكي، مثل: “واتساب”، و”فيسبوك”. فإن ذلك يشير إلى وقوعهم في حالة من الإدمان على هذه الأجهزة، إلى الحد الذي يشتّت انتباههم عن واجباتهم المدرسية، ويؤثّر في تحصيلهم الدراسي,

هذا فضلًا عن تراجع مستوى علاقاتهم الاجتماعية الحقيقية، وتعرّض بعضهم لمضايقات. وصلت إلى حد الإقصاء من مجموعات، خاصة على تطبيقات التراسل الفوري.

استطلاع رأي صادم

في حين كشف استطلاع رأي أجري بين عدد من الآباء، عن شعورهم بخيبة أمل كبيرة. إذ لم يبدوا أي اعتراض على مواكبة التكنولوجيا. بل إنهم بادروا إلى شراء الأجهزة، والهواتف الذكية لأبنائهم، معتقدين أنها ستسهم في تنمية قدراتهم الذهنية، وزيادة نسبة ذكائهم. بينما اكتشفوا لاحقًا أن أطفالهم أصبحوا أكثر انشغالًا بالألعاب الإلكترونية. وكذلك بالاستماع إلى الموسيقى والدردشة الطويلة مع الأصدقاء، على حساب أداء واجباتهم المدرسية.

ويعترف بعض الآباء ببذل جهود مضنية لإقناع أبنائهم بضرورة تخصيص وقت كافٍ للدراسة لكن دون جدوى. مما دفعهم إلى اعتماد أسلوب التهديد بالحرمان من استخدام الهواتف والحواسيب. وبعد إخفاق هذه المحاولات، توصّلوا إلى اتفاق يقضي بتحديد وقت لاستخدام الأجهزة، يكون بعد إنجاز الواجبات المدرسية.

ومن أغرب التصرفات التي لجأ إليها أحد الآباء، أنه أغلق هاتفه وحاسوبه الشخصي باستخدام رمز سري. ليمنع أبنائه من استخدامهما أثناء غيابه عن المنزل، وأصبح لا يسمح لهم بالاستعمال إلا في إطار أداء الواجبات الدراسية أو لأغراض التعليم والمعرفة.

الأطفال أيضا يشكون

في المقابل، يشكو بعض الأطفال من رفض آبائهم اقتناء الأجهزة الحديثة، إما لأسباب مادية، تتعلّق بضيق الحال. أو لقناعات شخصية بأن هذه الأجهزة مجرد وسيلة لهدر الوقت.

ويعبّر بعض الآباء من ذوي الخبرة الحياتية عن رفضهم لما يسمّونه “التربية المدلّلة”. مؤكدين أنها لا تقود بالضرورة إلى نتائج إيجابية. كما يرون أن التعامل مع هذا الموضوع يتطلب شيئًا من الحكمة والاعتدال. كتحديد سن معينة لاقتناء الهاتف، بشرط تحقيق نتائج دراسية جيدة، أو تأجيل استخدامه إلى العطلة الصيفية، بعد نهاية العام الدراسي.

علاوة على ذلك أصبح كثير من المراهقين لا يستطيعون الاستغناء عن الحاسوب أو الهاتف. إذ يشكّل هذان الجهازان محورًا لحياتهم اليومية، وقد يصابون بقلق شديد إذا تعرّض أحدهما لعطل. فهم يرَون في هذه الأجهزة مصدرًا غنيًّا وفوريًّا للمعلومات الدقيقة والمفصّلة، ما يجعلهم أكثر تعلقًا بها.

تعلق الأطفال بالأجهزة الذكية.. ماذا يقول علماء النفس؟

ويرى علماء النفس أن استخدام تكنولوجيا المعلومات له جوانب إيجابية واضحة، إذ تسهم في تنشيط القدرات العقلية للطفل منذ سن مبكرة.

كما تساعد في تطوير مهاراته الذهنية والمعرفية، وتسهم في تثقيفه وتيسير فهمه وإدراكه واستيعابه. فيما ينعكس هذا إيجابيًّا على تكوين شخصيته.

علاوة على ذلك تدرك كثير من الأسر أهمية التكنولوجيا. بينما يفخر بعض الآباء بتمكّن أبنائهم من استخدام الأجهزة الحديثة بمهارة، والاستفادة من تطبيقاتها.

إلا أنهم، في المقابل، لا يستطيعون إنكار شعورهم بالخوف من تأثيراتها السلبية على أولادهم.

تحقيق التوازن التحدي الحقيقي

ويكمن التحدي الحقيقي في كيفية تحقيق التوازن بين تمكين الطفل من الاستفادة بالتقنيات الحديثة، وبين ضمان أن يعيش طفولته البريئة في بيئة آمنة، بعيدًا عن مخاطر المواقع غير الأخلاقية، أو المضللة.

كما أن هناك أخطارًا صحية ونفسية حقيقية، مثل: ضعف البصر، والإصابة بالسمنة. إضافة إلى نزعات فردية قد تنشأ كحبّ الذات، والميل إلى العنف.

ومن المؤشرات اللافتة في هذا السياق سرعة استجابة الأطفال للألعاب الإلكترونية، وهو ما يُعدّ دليلًا ملموسًا على ما كانوا يعانون منه سابقًا. من مشاعر الوحدة والفراغ والضيق النفسي، ويُفسّر بوضوح سبب تعلّقهم الشديد بهذه الأجهزة.

 

الرابط المختصر :