في عالمنا المتسارع، حيث تتطور العلوم الطبية بوتيرة مذهلة، لا تزال هناك أمراض غامضة تحير الأطباء والعلماء، وتترك أثرًا عميقًا على حياة المصابين وعائلاتهم. هذه الأمراض، التي تعرف بالأمراض النادرة، هي كالأحجاج التي يصعب فك شفرتها؛ فهي تؤثر على عدد قليل من الأشخاص؛ ما يجعل البحث عنها وعلاجها تحديًا كبيرًا.
في هذا المقال نستعرض أهم وأخطر الأمراض النادرة وفقًا لـrarediseases.
ما هي الأمراض النادرة؟
تُعرف الأمراض النادرة بأنها تلك التي تصيب شخصًا واحدًا من كل 2000 فرد أو أقل. وغالبًا ما تكون هذه الأمراض وراثية، وتظهر منذ الولادة أو في مراحل لاحقة من الحياة. وعلى الرغم من ندرتها؛ إلا أنها تشكل عبئًا كبيرًا على المجتمعات، وتؤثر بشكل كبير على جودة حياة المصابين وعائلاتهم.
أمثلة على أندر أمراض الأطفال
-
طفرة في الكروموسوم الخامس عشر:
هذا المرض النادر للغاية يسبب تشوهات في الكروموسومات؛ ما يؤدي إلى إعاقات ذهنية شديدة وصعوبات في الحركة والكلام.
وهو مرض يصيب 19 شخصًا فقط على مستوى العالم، التشخيص الذي تم تلقيه هو مجرد وصف مباشر لما يحدث لكروموسومات المصاب.
ولدى كل شخص 23 زوجًا من الكروموسومات. -
فريدريش أتاكسيا:
مرض عصبي تدريجي يؤدي إلى فقدان الحركة والبصر والسمع، وينهي حياة المصاب في سن مبكرة. في هذا المرض قد يصاب الطفل بعدوى فيروسية، وأعراض تشبه الجفاف، لكنه قد يخرج بعد 10 أيام على كرسي متحرك ويفقد قدرته حتى على إمساك القلم، يدعى هذا المرض فريدريش أتاكسيا وهو يهدد حياة الطفل المصاب، لأنه يتسبب بتلف تدريجي في الجهاز العصبي والقلب وفقدان القدرة على الحركة والبصر والسمع. كما يعاني المريض من مرض السكري ومتلازمة أسبرجر.
وتدريجيًا لا يتمكن المصاب من استخدام ساقيه وذراعيه، ويصبح أعمى وأصمّ، ويفقد الطفل القدرة على الأكل والبلع والكلام – حتى يصبح عاجزًا تمامًا. وقد يصل الطفل إلى السادسة عشرة من العمر وهو يفهم ما يحدث له.
وفي النهاية لا بد أن يفقد المصاب حياته في سن المراهقة. -
متلازمة ريت:
هو اضطراب عصبي يؤثر على نمو الدماغ، ويسبب فقدان المهارات الحركية والكلام. وهو أيضًا اضطراب وراثي عصبي ونمائي نادر يؤثر في الطريقة التي يتطور بها الدماغ. ويتسبب هذا الاضطراب في فقدان المهارات الحركية والكلام تدريجيًا. وظهور التغيرات الأكثر وضوحًا عادةً بين سن 12 و18 شهرًا، وتستمر لمدة أسابيع أو أشهر. وتختلف الأعراض ومدى حدتها بشكل كبير من طفل إلى آخر. وتجدُر الإشارة إلى أنه تكثر إصابة الإناث بمتلازمة ريت.
ينمو معظم الأطفال المصابين بمتلازمة ريت بشكل طبيعي في الأشهر الستة الأولى من حياتهم. ثم يبدأون بعدها في فقدان المهارات التي اكتسبوها سابقًا؛ مثل القدرة على الزحف أو المشي أو التواصل أو استخدام أيديهم.
ومع مرور الوقت، يشكو الأطفال المصابون بمتلازمة ريت من مشكلات متزايدة في استخدام العضلات التي تتحكم في الحركة والتناسق والتواصل. ومن الممكن أيضًا أن تتسبب متلازمة ريت في نوبات الصرع والإعاقات الذهنية. وتصبح حركة اليدين غير طبيعية، فيحدث الفرك أو التصفيق المتكرر، بدلًا من استخدام اليدين في الأغراض الطبيعية.
يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة ريت من حركات اليد غير الطبيعية عند الطفل. وعادةً يحركون أيديهم بلا أي هدف؛ مثل حركات اليدين العصر أو القبض أو التصفيق أو النقر أو فرك اليدين. إضافة لحركات العين غير الطبيعية. كالتحديق الشديد أو الرمش بالعين أو حوَل العين أو إغلاق عين دون الأخرى في كل مرة. ويتباطأ نمو الدماغ بعد الولادة. وصغر الرأس هو أولى العلامات ثم مع تقدم الأطفال في السن، يشهدون تأخراً في نمو أجزاء أخرى من الجسم.
ورغم عدم وجود علاج شافٍ لمتلازمة ريت، فإن ثمة علاجات محتملة قيد الدراسة؛ لتحسين الحركة والتواصل، وعلاج نوبات الصرع.
-
مرض بايلر:
مرض وراثي يؤثر على الكبد، ويسبب اليرقان والحكة وضعف النمو. وهو حالة وراثية ناجمة عن خلل في الجينات عند الطفل، وفي الأطفال المصابين بمرض بايلر، لا تستطيع الخلايا في الكبد إفراز الصفراء – وهو السائل الذي يساعد الجسم على هضم الطعام. ونتيجة لذلك، تتراكم الصفراء في الكبد؛ ما يسبب أعراضًا؛ مثل: “اليرقان والحكة وضعف النمو وتأخر البلوغ”.
مرض بايلر هو أحد الأمراض التي تنتمي إلى مجموعة من الأمراض المعروفة باسم ركود الصفراء داخل الكبد العائلي التقدمي. ونظرًا إلى أنه يحدث انسداد في تدفق الدم خاج الكبد، يتراكم الدم في هذا العضو، ومن ثمَّ يقلل هذا التراكم (الاحتقان) من كميَّة الدَّم الدَّاخلة إلى الكبد. وتتضرَّر خلايا الكبد لأنَّها لا تحصل على حاجتها من الدَّم (نقص تروية). ويتسبَّب الاحتقان في امتلاء الكبد بالدَّم وتضخُّمه. كما يؤدي الاحتقانُ إلى زيادة الضَّغط في الوريد البابي أيضًا (ارتفاع ضغط الدَّم البابي). ويمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدَّم البابي إلى توسُّع وانفتال الأوردة (الدوالي) في المريء (دوالي مريئيَّة). ويؤدي الضغط المرتفع في الوريد البابي واحتقان الكبد إلى تراكُم السائل في البطن عند الطفل، وتسمَّى الحالة استسقاء البطن. كما يميل الطحالُ إلى أن يزداد حجمه أيضًا. وقد تكون الجراحة خيارًا في هذه الحالة. -
مرض الشمعة:
التهاب جلدي مزمن نادر يؤثر على الأطفال الصغار. ويسمى أيضًا بمتلازمة CANDLE وهي حالة التهابية ذاتية نادرة. تشير إلى التهاب الجلد العدلي المزمن غير النمطي مع ضمور الشحم وارتفاع درجة الحرارة عند الطفل. ويبدأ هذا عادة خلال السنة الأولى من حياة الطفل.
قد يعاني الأطفال المصابون من تضخم الكبد وارتفاع مستويات إنزيمات الكبد. كما أن فقر الدم المزمن وانخفاض الطول والوزن، إنه مرض نادر جدًا. لا يوجد سوى 60 حالة معروفة لمتلازمة CANDLE في العالم.
وهو بسبب التغيرات التي تطرأ على جين PSMB8 وتؤدي هذه التغيرات إلى تراكم نفايات البروتين وتسبب خللاً في وظائف الخلايا الأخرى. ومن الصعب تشخيص متلازمة CANDLE دون إجراء اختبار جيني. ولأنها مرض مناعي ذاتي، فإن الاختبار قد لا يُعطي نتيجة حاسمة في بعض الأحيان.
وتشمل الاضطرابات المرتبطة بمتلازمة CANDLE؛ ما يلي: متلازمات الإعاقة البروتينية المختلفة، متلازمة سينكا.
اعتلال الشحم الدهني المكتسب الناتج عن التهاب النسيج الضام، متلازمة الحلوة، مشاكل جلدية أخرى (مشابهة لسرطان الدم النقوي الحاد).
ونظرًا لأن متلازمة CANDLE وراثية في المقام الأول؛ فلا يمكنك منع الإصابة بها. لكن التشخيص المبكر والعلاج يمكن أن يُحسن بشكل كبير من جودة حياة الطفل. وقد يؤدي كلاهما أيضاً إلى زيادة متوسط العمر المتوقع نظراً لارتفاع خطر الإصابة بالتهاب الأعضاء.
-
مرض حمض البروبيونيك:
هو اضطراب وراثي يمنع الجسم من تحليل بعض أنواع الدهون والأحماض الأمينية. وهو حالة وراثية ناجمة عن خلل في الجينات؛ حيث لا يستطيع الأطفال المصابون بمتلازمة التمثيل الغذائي تحليل بعض أنواع الدهون وبعض الأحماض الأمينية. والأحماض الأمينية هي اللبنات الأساسية للبروتين، وهي موجودة في العديد من الأطعمة. ونتيجة لذلك، تتراكم مواد تسمى بالأحماض العضوية في الدم والبول، ما يؤدي هذا إلى إصابة الأطفال بالخمول، و”ارتخاء” العضلات، وضعف الشهية، والقيء.
وعادةً ما تظهر أعراض التهاب البنكرياس لدى الأطفال في غضون أيام قليلة بعد الولادة، وتشمل هذه:
سوء التغذية وفشل النمو. غالباً ما لا يرغب الأطفال المصابون بمتلازمة باركنسون في تناول الطعام وبالتالي لا ينمون كما ينبغي. كما أنهم يعانون من:
1-طاقة منخفضة، ويبدو خاملًا.
2-انخفاض قوة العضلات، مع الشعور بضعف العضلات.
3-القيء، والذي قد يؤدي إلى الجفاف.
4-النوبات (نحو 30% من الأطفال المصابين بالسكتة الدماغية يعانون من نوبات صرع).
5-بدون علاج، يمكن أن تتفاقم الأعراض وتسبب في:
-تلفًا في الدماغ.
-الإعاقات الفكرية.
-مشاكل الرؤية عند الأطفال.
-التهاب البنكرياس.
-مشاكل الكلى.
-سكتة قلبية.
–مشاكل النزيف وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
في حالات نادرة، لا تظهر أعراض المرض لدى الرضع المصابين بـPA في وقت مبكر من حياتهم. وهذا هو ما يسمى بالأكاديمية البروبيونيكية المتأخرة. وتظهر الأعراض في وقت لاحق في مرحلة الطفولة وغالبًا ما تنطوي على تأخر في نمو الطفل.
التحديات التي تواجه مرضى الأمراض النادرة
- صعوبة التشخيص: قد يستغرق تشخيص الأمراض النادرة سنوات عديدة، وذلك بسبب ندرتها وتشابه أعراضها مع أمراض أخرى.
- قلة الأبحاث: نظرًا لقلة عدد المصابين؛ فإن الأبحاث العلمية حول هذه الأمراض محدودة؛ ما يبطئ من عملية تطوير العلاجات الفعالة.
- العلاج التلطيفي: في كثير من الحالات، لا يوجد علاج شافٍ للأمراض النادرة، ويقتصر العلاج على تخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة.
- العبء النفسي والمالي: تحمل مرض نادر يمثل عبئًا نفسيًا وماليًا كبيرًا على المصاب وعائلته.
الأمل في المستقبل
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه مرضى الأمراض النادرة؛ إلا أن هناك بصيص أمل. والتقدم في مجال الطب الجيني والهندسة الوراثية يفتح آفاقًا جديدة لعلاج هذه الأمراض. كما أن تأسيس الجمعيات والمنظمات التي تدعم مرضى الأمراض النادرة يساهم في رفع الوعي بهذه الأمراض وتوحيد الجهود للبحث عن علاج لها.
وفي النهاية؛ فإن الأمراض النادرة تذكرنا بمدى تعقيد جسم الإنسان وهشاشته. إنها تضعنا أمام تحديات كبيرة، ولكنها أيضًا تدفعنا إلى البحث عن حلول مبتكرة. ومن خلال التعاون بين العلماء والأطباء والمنظمات المعنية، يمكننا أن نمنح مرضى الأمراض النادرة الأمل في حياة أفضل.