تأثير الملح في النوم.. حقائق بالأرقام

تأثير الملح على النوم.. حقائق بالأرقام
تأثير الملح على النوم.. حقائق بالأرقام

الملح ضروري لجسم الإنسان ليعمل بصحة، وللحفاظ على التوازن الصحيح للمياه والمعادن. ومع ذلك، تشير الدراسات إلى وجود تأثير الملح في جودة النوم كثيرًا. حيث أن الإفراط في تناول الملح، أو قلة تناوله قد يؤثر في النوم.

ما تأثير الملح في النوم؟

تقول الدكتورة جاكلين ليونج؛ طبيبة باطنية في معهد سوزان سامويلي للصحة التكاملية: “لقد درس أثر تناول الملح في النوم منذ ثمانينيات القرن العشرين”.

وتشير إحدى الدراسات إلى أن المشاركين الذين اتبعوا نظامًا غذائيًا مقيدًا بالصوديوم بمقدار أقل من 500 مليجرام يوميًا -أقل من ربع ملعقة صغيرة- كان لديهم مستويات أعلى من هرمون النورادرينالين في بلازما الدم بحلول اليوم الثالث، مثلما تلاحظ “ليونج”.

كما كانت أنماط نوم المشاركين مضطربة، مع انخفاض في حركة العين السريعة (REM)، ونوم الموجة البطيئة وزيادة اليقظة. ومن المرجح أن يكون هذا بسبب زيادة نشاط الجهاز العصبي الودي؛ ما يؤدي إلى تحفيز نشاط الغدة الكظرية.

تقول “ليونج”: “إذا كان الشخص يعاني من أعراض صعوبة النوم المرتبطة بانخفاض حركة العين السريعة وزيادة اليقظة، فقد يكون هذا دليلًا يشير إلى نقص الملح في نظامه الغذائي”.

وعلى النقيض من ذلك، وجدت دراسة أخرى أن تناول وجبة غنية بالصوديوم وقت العشاء يسهم أيضًا في اضطرابات النوم. فقد عانى المشاركون من تأخير النوم، واستيقاظ متكرر في أثناء الليل، ومتوسط ​​ساعتين إلى ثلاث ساعات من النوم المضطرب.

لماذا نحتاج الملح؟

تأثير الملح على النوم.. حقائق بالأرقام
تأثير الملح في النوم.. حقائق بالأرقام

 

من ناحية أخرى، يحتوي الملح الصوديوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم والكالسيوم، وهي كلها ضرورية للصحة المثلى. كما يعمل الصوديوم على تعزيز توازن الإلكتروليت ومستويات الترطيب الصحية.

ومع ذلك، فإن الإفراط في تناول الصوديوم يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية، فضلًا عن أمراض الكلى. كما يؤدي الإفراط في تناول الملح إلى الشعور بالعطش الشديد والتورم والانتفاخ.

بينما عدم استهلاك كمية كافية من الملح يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مشكلات في الجهاز الهضمي وتشنجات العضلات والصداع وضباب الدماغ.

ما كمية الملح الكافية؟

وتشير إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إلى أن الأميركيين يستهلكون في المتوسط ​​نحو 3400 مليجرام من الصوديوم يوميًا، 40% منها أطعمة مصنعة. مثل: البيتزا، وسندويشات اللحوم المعلبة، والحساء المعلب، والوجبات الخفيفة المالحة.

تؤكد “ليونج” أن كمية الصوديوم المطلوبة لمنع نقصه محددة بـ 1500 مليجرام أو ما يزيد قليلًا عن نصف ملعقة شاي يوميًا. وللحد من خطر ارتفاع ضغط الدم والأمراض المزمنة، فإن الحد الأقصى الموصى به هو 2300 مليجرام أو نحو ملعقة شاي واحدة.

كما تضيف: “من الناحية المثالية، ينبغي للناس أن يتناولوا كمية معينة من الملح بين هذين الرقمين”.

تختلف احتياجات الملح

ومع ذلك، فإن احتياجات تناول الملح تختلف من شخص لآخر، وأيضًا من يوم لآخر، اعتمادًا على مستويات النشاط وعوامل أخرى، كما تقول “ليونج”.

على سبيل المثال، قد يحتاج جسم الرياضي إلى كميات كبيرة من الصوديوم لتعويض ما يفقده من التمارين الرياضية والتعرق. في حين أن الشخص المستقر الذي يستهلك الكمية نفسها من الملح قد يلاحظ عواقب صحية.

“على الرغم من أن الأنظمة الغذائية منخفضة الملح يمكن أن تكون فعالة في التحكم بضغط الدم. فإن الأفراد الذين لديهم مستويات عالية من النشاط أو حالات مرضية مصاحبة ضئيلة. قد يصابون بنقص في ضغط الدم؛ إذا لم يستهلكوا كمية كافية من الملح”.

وتشجع مرضاها على التفكير في العوامل التي قد تؤثر في احتياجات أجسامهم من الصوديوم، والتركيز على إيجاد التوازن.

إذا أجبت بـ “نعم” على الأسئلة التالية، وكنت نشيطًا جدًا، فقد تحتاج إلى المزيد من الملح في نظامك الغذائي، كما تقول “ليونج”.

  • هل تتعرق في أثناء ممارسة الأنشطة أو التمارين الرياضية؟
  • هل تتعرض للحرارة؟
  • هل تعاني من تشنجات عضلية؟
  • هل تعاني من الأرق أو قلة النوم؟

إن الإجابة بـ “نعم” على الأسئلة التالية قد تشير إلى الحاجة لتقليل تناول الملح.

  • هل لديك ارتفاع بضغط الدم؟
  • هل تشعر بالعطش على نحو غير عادي؟
  • هل تعاني من الصداع؟
  • هل يديك وقدميك متورمتان؟
  • هل تعاني من الانتفاخ؟
  • هل تأكل الأطعمة المصنعة في الغالب؟

تحقيق التوازن الصحيح

إن المفتاح لفهم ما إذا كنت تتناول كمية كافية أو زائدة من الملح هو مراقبة كمية الصوديوم التي تتناولها يوميًا.

كما تقول “ليونج”: “على سبيل المثال، من الممكن أن يكون الشخص الذي يطبخ طعامه في المنزل باستخدام مكونات طازجة. ولا يضيف أي ملح إلى نظامه الغذائي. يعاني من نقص الملح، ويحصل على أقل من 500 مليجرام يوميًا. في حين أن الشخص الذي يتناول كل وجباته في الخارج، من المرجح أن يحصل على كمية أكبر بكثير من الكمية الموصى بها من الصوديوم”.

ومن المرجح أن يحتوي أي شيء معالج نسبة عالية من الملح؛ لذا فإن إزالة أو تقليل الأطعمة المصنعة من النظام الغذائي لا يحد من تناول الملح فحسب. بل يقلل أيضًا من خطر الإصابة بالكثير من المشكلات الصحية.

تقول “ليونج”: “قد يكون ثمة ملح مخفي في الأطعمة التي قد لا تعتقد بالضرورة أنها معالجة. على سبيل المثال، يمكن أن يحتوي الحساء المعلب 500 مليجرام على الأقل من الصوديوم في كوب واحد”.

وتوصي بإعداد وجبات الطعام باستخدام أطعمة طازجة وكاملة، وعدم إضافة المزيد من الملح أكثر من الكمية اليومية الموصى بها -نحو ملعقة صغيرة- لضمان الصحة الجيدة.

في نهاية المطاف، عندما يتعلق الأمر بالملح، فإن الاعتدال والتوازن في تناوله يؤدي إلى صحة أفضل ونوم أفضل.

بيانات وأرقام

  • تشير التقديرات إلى أن أكبر عدد من الوفيات المرتبطة بالنظام الغذائي، نحو 1.89 مليون حالة وفاة سنويًا، ترتبط باستهلاك الصوديوم. وهو سبب معروف لارتفاع ضغط الدم ومسؤول عن نحو 10.8 مليون حالة وفاة عام 2019.
  • توصي منظمة الصحة العالمية باستهلاك أقل من 5 جرامات ملح أو 2000 ملليجرام صوديوم يوميًا. وفي الأمريكتين، يستهلك الناس ما يصل إلى ثلاثة أضعاف هذه الكمية، وتتأثر جميع الفئات العمرية، بما في ذلك الأطفال.
  • تشير التقديرات إلى أن التكاليف المباشرة وغير المباشرة لارتفاع ضغط الدم تمثل 5% إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان ذات الدخل المرتفع. و2.5% إلى 8% في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

في الكثير من البلدان، يأتي ثلاثة أرباع الصوديوم في النظام الغذائي من الأطعمة المصنعة، مثل: الخبز المعالج وفائق المعالجة، والحبوب، واللحوم المصنعة، والجبن، والوجبات الخفيفة المالحة، والصلصات، والضمادات والنقانق. إحدى الطرق الفعالة لتقليل استهلاك السكان للصوديوم هي تقليل محتوى الصوديوم في الأطعمة المستهلكة باستمرار.

الخلاصة

في خضم هذا التقرير الشامل الذي قدمنا فيه العلاقة المعقدة بين الملح والنوم والصحة، نجد أنفسنا أمام حقيقة مفادها أن التغذية ليست مجرد عملية لإشباع الجوع. بل فن دقيق يتطلب التوازن والوعي.

الملح، هذا العنصر البسيط الذي نستخدمه يوميًا لتتبيل طعامنا، له تأثير عميق في صحتنا ورفاهيتنا، بدءًا من تنظيم ضغط الدم، وصولًا إلى جودة نومنا.

لقد تبين لنا أن نقص الملح أو الإفراط في تناوله يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في النوم؛ ما يؤثر سلبًا في جودة حياتنا.

فمن ناحية، يؤدي نقص الملح إلى زيادة نشاط الجهاز العصبي؛ ما يجعل النوم صعبًا. ومن ناحية أخرى، يؤدي الإفراط في تناول الملح إلى احتباس السوائل، وزيادة الضغط على القلب والأوعية الدموية؛ ما يعيق الاسترخاء والنوم العميق.

ولكن، كما هو الحال مع معظم الأمور في الحياة، فإن الاعتدال المفتاح. فجسم الإنسان يحتاج إلى كمية معينة من الملح للحفاظ على وظائفه الحيوية. ولكن الإفراط في تناوله يضر أكثر ما ينفع. لذا، يجب علينا أن نسعى إلى تحقيق التوازن بين الحاجة إلى الملح والحاجة للحد من تناوله.

الرابط المختصر :