المنتجة السينمائية التونسية زينة خليفة: المرأة السعودية تعيش في بيئة تصنع الشغف

ـ أعتزم إنتاج فيلم عن إنجازات ولي العهد السعودي.. والمملكة أصبحت بيئة جاذبة للمنتجين ـ بعد إنتاجي فيلمًا عن "داعش" أطمح للوصول إلى العالمية ـ لديَّ مشروع فيلم متعلق بقضية المرأة في العالم العربي.. وأرحب بالتعاون مع المملكة

حوار: مجدي صادق هي عاشقة للفن وإبداعها لا حدود له، اختارت العمل في مجال الإنتاج بالسينما التسجيلية والوثائقية وهو مجال يصعب فيه تحقيق النجومية في عالمنا العربي، لكنها تغلبت على هذا التحدي وأنتجت أفلامًا تمثل علامات كبيرة في تاريخ السينما، ومنها أعمال عن داعش و"حضانات الإرهاب"، ولم تتردد لحظة وهي تحمل كاميرتها كمراسلة وسط الحرب الداعشية على العراق.

وفي لقائها مع "الجوهرة"، قالت سيدة الأعمال والمنتجة السينمائية التونسية زينة خليفة، إن المرأة السعودية استطاعت في الأعوام القليلة الماضية أن تثبت تفردها ونجاحها، فإلى نص الحوار..

كيف استطعتِ خلال رحلتك في عالم البيزنس والسينما والميديا تحقيق النجاح؟ أنا أعشق التحدي، لا شيء يجعلني أتراجع للخلف، والتحدي بالنسبة لي هو أن أترك بصمة في كل يوم أعيشه وفي كل أعمالي التي قمت بها على مدار 7 سنوات، وهو من جعلني قادرة على تحمل المسؤولية، قوية الشخصية وقادرة على رسم خطوات نجاحي من أجل إثبات ذاتي داخل المجتمع وهذا ما أفعله كل يوم؛ ما جعل لي تلك البصمة والنجاح في عالم الأعمال والسينما والميديا.

ورغم وجود صعوبات عديدة عرقلت مسيرتي المهنية، لكنني تجاوزتها بالتحدي والمنافسة، وهذا لا يعني أن الإنسان لا يحتاج إلى الدعم من المحيط حتى لو كان معنويًا فهذا مهم من أجل النجاح، وقد وجدت ذلك في محيطي الحمد لله.

لماذا اخترتِ تونس لتنطلقي وراء أحلامك منها؟

كانت محطتي الأولى؛ حيث بدأت حياتي المهنية فيها، وأنا أعتبر تونس بيئة خصبة للعمل؛ من حيث العلاقات الواسعة، وباعتبارها بلد الحريات حاضنة للفن والسينما، وبيئة جاذبة للاستثمار. إضافة لكونها منفتحة على الدول جميعها، ومن هنا استطعت ربط خيوط المهنة وتكوين شبكة من العلاقات المهنية والعملية، والقدرة على الإبداع في البيزنس والسينما والميديا التي تُعتبر عصب تونس ولم أندم على ذلك قط.

أفلام تسجيلية ووثائقية ما سبب اختيارك مجال الإنتاج السينمائي تحديدًا صناعة الأفلام الوثائقية؟ وهل هذا بداية لإنتاج أفلام روائية في المستقبل القريب؟ أعتبر نفسي ابنة قضية وابنة وطن مظلوم عاش كثيرًا من النكبات كغيره من الدول، وهذه الأوطان وتلك القضايا تحتاج إلى سرد حقيقي للأحداث؛ حتى لا يموت الكبار وينسى الصغار ما عاشته الأوطان وما عانته حتى وصلت أو ما ستصل إليه في المستقبل القريب وهي الحرية، وهذا كله يحتاج لأن يُروى بأفلام وثائقية؛ باعتبارها الأداة الوحيدة القادرة على سرد التاريخ والحقيقة كما هي وبصورة محايدة دون إبداء رأي المخرج وصانع الفيلم، ودون زيف أو تجميل للحقيقة؛ لتكون فيما بعد وثيقة يُستشهد بها في مواطن كثيرة.

نعم هو بداية لإنتاج أفلام وليس فيلمًا فقط في المستقبل القريب، فعالمنا مليء بالحقائق التي يجب أن تُروى وتوثق لأجيال قادمة كثيرة حتى تبقى وثيقة محفوظة في الذاكرة الوطنية، لكني أنتظر فقط الفكرة الجيدة والمحبوكة جيدًا.

عملتِ كمراسلة وصانعة محتوى إعلامي ووثائقي واستقصائي للعديد من القنوات الفضائية ما تقييمك لتلك التجربة؟ ولماذا لم تستمري فيها؟

بداية أنا فخورة بكل تجربة خضتها في كل المجالات، وأعتبر نفسي نجحت في كل التجارب مع فرق الأداء كنت مراسلة حربية حياتي بكفه ونقل الخبر للرأي العام بكفة ولم أخش على نفسي من الهلاك لأن الواجب يناديني.

ومن ناحية أخرى، ما زلتُ أقوم بصناعة المحتويات والأفلام الاستقصائية والوثائقية ولديّ العديد من المشاريع المؤكدة قريبًا في هذا المجال. أما بالنسبة لأحلامي، فأطمح لأن أكون منتجة على مستوى العالم.

داعش وفيلم "حوائض الإرهاب"

أنتجتِ أفلامًا وثائقية ربما تسبب لك الكثير من المتاعب منها فيلم عن داعش وآخر بعنوان "حوائض الإرهاب".. لماذا؟

 

لديّ مشروع فيلم متعلق بقضية المرأة في العالم العربي، وهو بصدد التنفيذ وسأكشف عنه في القريب العاجل بعد استكمال مرحلة الإنجاز وهو فكرة جديدة غير مطروحة وتركت فيه بصمتي مثل جميع أفلامي السابقة، وبالنسبة للمرأة لا بد من تسليط الضوء أكثر على قضاياها خاصة داخل المجتمعات العربية فهي بحاجة لمساحة أكبر من الحرية.

حدثينا عن تجربتك في تغطية حرب الموصل بالعراق كمراسلة حربية.. وماذا أضافت لكِ؟

تهيأتُ لخوض هذه التجربة نفسيًا ومعنويًا، وأخذت كل الاحتياطات اللازمة ومع هذا تعرضت للعديد من المخاطر، واضطررت للتخفي والهروب في بعض الأحيان من الانفجارات، واستخدمت كل السبل لحماية نفسي وفريقي الصحفي وأصبحت الكاميرا سلاحًا نستخدمه لنحمي أنفسنا ومن حولنا لتظهر الحقيقة.

ليس سهلًا أن تكون مراسلًا حربيًا، ولكنني نجحت في كسب رهان جديد وعدتُ إلى تونس منتصرة فخورة بما قدمته.

 

[caption id="attachment_191309" align="alignnone" width="997"]المنتجة السينمائية التونسية زينة خليفة المنتجة السينمائية التونسية زينة خليفة[/caption]

رغم أنكِ شابة إلا أنك حققتِ الكثير من النجاحات في مجالات صعبة على المرأة.. ما نصيحتك للفتيات؟

ليس هناك شيئًا صعبًا على المرأة سوى البيئة الحاضنة لتلك المرأة، بمعنى: لماذا ما نزال نقف عند فكرة أن المرأة اقتحمت مجالات كثيرة إلى جانب الرجل، أساسًا ذلك القول بحد ذاته أعتبره تمييزًا، فالمرأة هي إنسان لديه قدرات بل تتفوق في كثير من الأحيان على الرجل، لكن هي قدرات يخلقها الله في شخص ولا يخلقها في آخر، وأنا أشجع كل إنسان -ليس النساء فقط- على البدء في أي فكرة تخطر بباله، أن يعتني بها كالطفل الصغير حتى تكبر خطوة بخطوة، المهم هو أن نبدأ.

أما بالنسبة للفتيات، فأنا بالطبع أشجعهن على التحلي بالجرأة والشجاعة والاستعداد للتحدي والإصرار على أحلامهن، وهذه هي توليفتي للنجاح، والإصرار، والإرادة والإيمان بالذات وحب النفس والإيمان بالقدرة على النجاح والمشي على الأشواك إذا لزم الأمر، ففي الخطوة الأولى قد تُجرح قدمك، في الثانية ستسيل دماؤك، في الثالثة قد تتعثر حتى تصبح في الرابعة والخامسة لا تشعر بهذا الألم فتكمل طريقك إلى النهاية، وهذا هو المطلوب.

المرأة السعودية كيف ترين المرأة العربية بشكل عام؟ وهل حصدت المرأة السعودية كثيرًا من المكاسب والحقوق فى ظل رؤية 2030؟ المرأة العربية تسير بخطوات ثابتة نحو إثبات ذاتها ووجودها داخل المجتمع رغم القيود التي تكبلها، وهي منافسة شرسة للرجل ورغم ذلك هي في حاجة لمزيد من الحقوق التي تحميها.

وبالنسبة للمرأة السعودية، فهي كغيرها من النساء في العالم لديها الطموحات والحاجة للنجاح، وهذا ما حققته المرأة السعودية في شتى المجالات؛ إذ استطاعت أن تثبت نفسها في ظل مجتمع ذكوري كغيره من المجتمعات الشرقية، ولكن حتى لا نظلم الشرق فالنساء في النمسا لم يُسمح لهن بدخول الجامعات إلا في أوائل القرن العشرين، ولم تخض المرأة الغربية غمار العمل والوظائف إلا عندما احتاج إليها المجتمع بسبب انشغال الذكور في الحروب العالمية. فالسعودية والشرق عمومًا ليس وحده من وضع المرأة في إطار ضيق ورسم عنها صورة ذهنية سلبية بأنها غير قادرة على الإنتاج وأقل كفاءة. وما فعلته الحكومة السعودية للمرأة، يعتبر إنجازًا تستحقه بالفعل، وبالنسبة لرؤية المملكة من أجل المرأة فكان ذلك بتوجيهات وأوامر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ وقد تم تجاوز النمط الاجتماعي الذي همّش المرأة لعقود؛ ما جعل نجاحها يعتمد على أهليتها، وأنا متأكدة أن النجاح سيكون حليف المرأة السعودية التي تعيش في بيئة تصنع الشغف، وسوف تصنع القرار إلى جانب الرجال.

هل تفكرين في إنتاج أفلام تسجيلية أو وثائقية حول انفتاح المملكة على العالم والتعاون مع السعودية في هذا الأمر؟ نعم أفكر بالطبع للعمل مع المملكة فهذا شرف لي، وبالتأكيد سأنتج أفلامًا كثيرة، وأنا أجزم بأن هناك الكثير من القصص التي تعتبر مصدر إلهام سأبحث عنها بكل شغف.

ولديّ فكرة مشروع فيلم وثائقي عن الإنجازات التي قام بها الأمير محمد بن سلمان؛ وهي لا تزال بصدد التحضير، وأعتقد أن المملكة العربية السعودية الآن بيئة لجذب الكثير من منتجي الأفلام سواء الوثائقية أو التسجيلية أو السينمائية والدراما، والانفتاح الحاصل بها حاليًا يعتبر عاملًا مهمًا لجذب المستثمرين في هذا المجال.

هل ترين أن وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولة عن التنمر والتحرش؟ وهل لديك مشروع سينمائي يرصد مثل هذه الظواهر؟ نحن لم نسمع بهذه الظواهر إلا بعد ظهور السوشيال ميديا ومواقع التواصل وانتشار الإنترنت، هذا لا يعني أنها لم تكن موجودة قبل ذلك، لكن مواقع التواصل زادت من انتشارها، فأصبح هناك ما يعرف بالتنمر الإلكتروني.

وقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل لافت في المجتمع خاصة بين الشباب في المدارس؛ بسبب انتشار الهواتف النقالة والحواسيب فيما بينهم، ويمارس التنمر الإلكتروني عبر التحرش والمطاردة الإلكترونية وتشويه السمعة عن طريق إرسال أو نشر شائعات وافتراءات.

وهناك أيضًا طرق أخرى للتنمر الإلكتروني، مثل الكشف عن معلومات شخصية للضحية على مواقع التواصل الاجتماعي أو المنتديات، كما يقوم البعض بانتحال شخصية الضحية وإنشاء حسابات وهمية ينشرون عبرها معلومات تثير الكراهية وتحرض الآخرين على التعاون ضد المستهدف وإلحاق أضرار به، هذا كله إذًا سببه مواقع التواصل.

وبالطبع أفكر في إنشاء محتوى خاص بهذه الظواهر، فدور المنتج ليس فقط إنتاج الأفلام الوثائقية وسرد التاريخ إنما سرد الواقع، والتركيز على ظواهر بهدف التوعية بخطورتها وضرورة إنقاذ ما يمكن إنقاذه في المجتمع.

ما أسباب ارتفاع معدلات عدم الزواج والطلاق؟ وهل تمثل خطرًا على مجتمعاتنا العربية؟

طبيعة الحياة وتغيرها من سنة لأخرى ومن جيل لآخر هي من جعلت الكثير من المفاهيم تتغير، فمثلًا فئة الشباب الآن مشغولون بتكوين النفس والطموح نحو النجاح وخوض تجربة الحياة بكل أشكالها، دون تحمل أي مسؤولية باعتبار مؤسسة الزواج مسؤولية وتعتبر -بمفهوم شبابي- قيد، كما أن الزواج قديمًا كان ميسرًا الآن النظرة المجتمعية اختلفت تجاه الزواج وبناء الأسرة نتيجة لاختلاف المعايير والقيم، إضافة للانفتاح الذي أصبح في العالم والغزو الفكري والإعلامي والعولمة، ففي السابق لم يكن لدى المجتمعات ما يجعلهم يفكرون في خارج إطار العائلة والزواج وتكوين أسرة، الآن الأبناء ليسوا أولاد آبائهم إنما أولاد الحياة؛ بمعنى أن الزواج في سن مبكرة لم يعد موجودًا.

وأنا أرى أن بعض هذا التغيير مناسب لتغيرات العصر ونمطية التفكير بغض النظر عن قبولنا أو رفضنا له، كما أن عادات الزواج في بعض المجتمعات تعد عبئًا على كاهل الشباب لا يستطيع تحملها اقتصاديًا ومعنويًا.

أما بالنسبة للطلاق، فله أسباب كثيرة أيضًا، أبرزها في اعتقادي: اختلاف الفكر وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، وعدم الاكتراث للعواقب، كذلك الشباب لم يعد لديه ذلك الصبر الطويل، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر وانخفاض مستوى الدخل والبطالة، وهجرة الشباب لأسباب سياسة وأمنية واقتصادية في كثير من البلدان، وحالات الطلاق هذه تمثل خطورة على مجتمعاتنا بالطبع أكثر من عدم الإقبال على الزواج.

ما هي مشروعاتك القادمة في مجال السينما التسجيلية والوثائقية؟ ومتى تقتحمين سينما الفيلم الروائي الطويل؟

 

بالطبع أطمح للعالمية، وأن تكون لي بصمة في هذا المجال ليس لمجرد الوصول فقط، بل أريد لأعمالي أن تتحدث عني وتميزني، ولم أعتد على الإعلان عن أي عمل بصدد إنجازه إنما أترك العمل يتحدث بعد الإنجاز والنشر، لكن كل ما أستطيع قوله إن القادم أجمل وأنا أثق بالله أولًا وبنفسي وقدرتي على الإنجاز ثانيًا.

والسينما التسجيلية تُعتبر نواة لكل الفنون السينمائية على مر السنين ومنبرًا للهواة في هذا المجال، وهي مظلومة في عالمنا العربي، مع أن الدول العربية كانت من أوائل البلدان التي عرفت السينما التسجيلية في تونس مثلًا كونها كانت محتلة من فرنسا التي تُعد سببًا في ولادة السينما التسجيلية على يد الأخوين الفرنسيين لوي وأوغست لوميير عام 1895، وجاء أحد معاوني الأخوين لومير وصوّر اثني عشر فيلمًا تسجيليًا في تونس، وفي مصر كذلك.

أعتقد أنه آن الأوان للاستثمار في هذا المجال والتفكير فيه جديًا.

اقرأ أيضًا: الإعلامية ياسمين العيساوي: الظواهر السلبية في مجتمعاتنا العربية سببها مشكلة “الانفصام الاجتماعي” وليست مواقع التواصل