العلاقة بين الأسرة والامتحانات المدرسية.. دور الآباء في دعم الأبناء

العلاقة بين الأسرة والامتحانات المدرسية.. تأثيرات التوتر ودور الآباء في دعم الأبناء
العلاقة بين الأسرة والامتحانات المدرسية.. تأثيرات التوتر ودور الآباء في دعم الأبناء

مع اقتراب نهاية كل عام دراسي؛ حيث يواجه الطلاب عبئًا ثقيلًا من الأسرة والامتحانات المدرسية، يجدون أنفسهم في حالة من الضغط النفسي الشديد. فمع تراكم المواد الدراسية وكثافة المراجعات اللازمة، يشعر الطالب بأنه محاصر بدائرة من المهام التي يجب عليه إتمامها استعدادًا للامتحانات النهائية.

ومع هذه الضغوط، يشعر الطالب بأن الأعين تراقب تحركاته وتتابع خطواته في سبيل توفير ظروف مثالية للاستذكار الجيد. وفي هذه الأوقات، تعيش الأسرة كلها هذه الأجواء المشحونة بالتوتر والقلق. ما يؤثر على جميع أفراد الأسرة.

الأسرة والامتحانات المدرسية

إن التوتر الذي يرافق فترة الامتحانات ليس مقتصرًا فقط على الطالب، بل يشمل الأسرة بأكملها. فخوف الطالب من النتائج، والتوقعات العالية التي قد تترتب عليه، يؤدي إلى خلق حالة من الاضطراب السلوكي والنفسي في المنزل. هذه الأجواء المليئة بالقلق قد تتسبب في صراعات داخل الأسرة. حيث تنشأ مشكلات قد تتسبب في شجار بين أفراد الأسرة. وفي هذا السياق، تبرز التساؤلات الحائرة: هل الامتحانات هي السبب الرئيسي في حدوث هذه الأزمات؟ أم أن طريقة تعامل الأسرة مع هذه الفترة هي التي تجعلها أزمة حقيقية؟

إن الابن، بحكم سنه ومرحلة نموه، سريع التأثر بالظروف المحيطة به سواء كانت إيجابية أو سلبية. وعندما تتلاحق الأيام الدراسية بسرعة، يواجه الطفل مشاعر الخوف التي يتسبب فيها التنافس الأسري. حيث يبدأ بعض الآباء في المراهنة على تفوق أبنائهم مقارنة بأقرانهم. هذا التنافس قد يخلق في قلب الطالب خوفًا غير مبرر، ويعمق مشاعر القلق لديه.

كيفية التعامل مع فترة الامتحانات

من الضروري أن يتم التأكيد على أهمية التعامل الهادئ والمرن من قبل الوالدين مع الأبناء خلال هذه الفترة الحساسة. كما يجب أن يسود المنزل جو من الهدوء والسكينة، سواء في الحوار أو في السلوكيات المتبعة. ومن المهم جدًا أن يتجنب الآباء إظهار التوتر الزائد؛ لأن ذلك يؤثر بشكل مباشر على استقرار الطالب النفسي وتركيزه. فالتوتر الزائد قد يؤدي إلى تشتت ذهن الطالب؛ ما يعطل قدرته على الاستذكار الجيد.

وحتى يكون الوالدان قادرين على التعامل مع هذه الظروف بشكل جيد، يجب عليهما أن يكونا على استعداد نفسي مسبق للتعامل مع هذه التحديات. كما يتطلب ذلك أن يتعلموا عن مفاهيم الصحة النفسية وكيفية تطبيقها في المنزل، مثل تنظيم أوقات المذاكرة وتوفير الطعام الصحي والابتعاد عن استقبال الزوار.

علاوة على ذلك، يجب على الآباء أن يكونوا قدوة في التماسك النفسي، بحيث يظهرون لأبنائهم أن الجهد المبذول في المذاكرة هو الوسيلة للوصول إلى الهدف، وليس مجرد الحصول على درجات عالية.

دور الآباء في تحفيز الأبناء وتنظيم المذاكرة

تبدأ تهيئة الأبناء لهذه الفترة الحرجة منذ بداية العام الدراسي. يجب أن تصبح فترات المراجعة والامتحانات جزءًا طبيعيًا من حياتهم الدراسية، وهو ما يتطلب خلق بيئة إيجابية تشجع على النجاح. كما يمكن للآباء تعزيز ثقة أبنائهم بأنفسهم من خلال العبارات المشجعة والداعمة. بالإضافة إلى ذلك إشعارهم بالحب والرعاية. إن الحفاظ على جو من الأمان في الأسرة يساعد في تقليل مخاوف الأبناء، ويجنبهم الوقوع في فخ القلق والتوتر.

من المهم أيضًا أن يتجنب الآباء المقارنة بين أبنائهم وأقرانهم، سواء من العائلة أو من المدرسة. فالمقارنات تؤدي إلى زيادة الضغط النفسي على الأبناء، وتجعلهم يشعرون بأنهم يجب أن يحققوا توقعات غير واقعية. ومن الأفضل أن يكون الحوار مع الأبناء مفتوحًا وصريحًا. حيث يتم تناول موضوع الدراسة والمراجعة بمصداقية وواقعية دون مبالغة.

التوازن بين التوجيه والحرية

أحد أهم المحاذير التي يجب على الآباء الانتباه لها هو تجنب فرض طموحاتهم الشخصية على أبنائهم. كما يجب أن يكونوا مدركين تمامًا أن كل طفل يمتلك خصائصه الفريدة، وأن الفروق الفردية تلعب دورًا كبيرًا في تحصيلهم الدراسي. لذا، ينبغي للآباء أن يتعاملوا مع أبنائهم بحذر، وأن يتجنبوا فرض توقعاتهم على أطفالهم، بل يجب أن يعملوا على تشجيعهم بما يتناسب مع قدراتهم وميولهم الشخصية.

وفيما يتعلق بمساعدتهم على التحضير للامتحانات، يجب أن يساهم جميع أفراد الأسرة في توفير بيئة مناسبة للدراسة، دون إجهاد الأبناء بمهام غير ضرورية. كما يجب الحرص على تقليل العوامل المشتتة مثل الألعاب الإلكترونية أو التلفاز، وتوجيه الأبناء إلى تناول الأطعمة الصحية بدلًا من المنبهات التي قد تؤثر سلبًا على تركيزهم.

تعزيز الاستقلالية والمسؤولية

من الضروري أن يعمل الآباء على تعزيز شعور أبنائهم بالمسؤولية والاعتماد على النفس منذ السنوات الأولى. من خلال وضع نظام دراسي منزلي معين، يمكن للأبناء أن يتعلموا الالتزام بتنظيم الوقت، وأن يصبحوا أكثر قدرة على إدارة دراستهم بشكل مستقل. كما يجب أن يتعودوا على اتخاذ القرارات المتعلقة بمذاكرتهم، وعدم الاعتماد الكامل على الآخرين في تذكيرهم بمواعيد المراجعة أو تنظيم الوقت.

إن فترة الامتحانات هي فترة حساسة قد تكون مليئة بالقلق والتوتر، ولكن مع التعامل الصحيح من قبل الأسرة يمكن أن تصبح هذه الفترة فرصة لتعزيز العلاقة بين الآباء والأبناء. كما يتطلب الأمر أن يتسم الوالدان بالحكمة والهدوء، وأن يوفروا البيئة المناسبة التي تدعم استقرار الأبناء النفسي. وفي النهاية، يجب أن يتم تذكير الأبناء أن الامتحانات هي مجرد قياس لمستوى التحصيل العلمي، وليست مقياسًا للنجاح أو الفشل في حياتهم المستقبلية.

الرابط المختصر :