تعتمد الصحة النفسية للرضّع على عدد من العوامل، التي يجب فهم طبيعة العلاقة بين الطفل وأمه. من أجل إدراك أبعادها. ومعرفة الأسلوب الصحيح لتنشئة إنسان سوي ومفيد لمجتمعه.
كتبت صبحة بغورة
تراود الأم العديد من الاستفسارات المتعلقة بصحة طفلها وحياته. فتطرحها على نفسها، وتترك خلفها علامات استفهام كبرى.
وأحيانًا تتوجه بهذه التساؤلات إلى الطبيب، الذي يجيبها بإجابات علمية دقيقة، فالطفل خلال الأسابيع والأشهر الأولى من عمره تصدر عنه تصرفات تشير إلى إدراكه لما يحيط به.
فالطفل يبتسم عندما يكون محاطًا بالرعاية، ويبكي بمجرد أن يترك وحيدًا، كما أن ملامحه تظهر عليها بعض العلامات أثناء النوم. كما أنه يبكي عندما تحمله أيادٍ غريبة عنه، ويفرح عند رؤية والدته وإخوته.
كل هذا يجعلنا نشعر بأن عالم الأطفال الرضع، يحتوي تفاصيل يصعب علينا الإلمام بها.
أهمية الصحة النفسية للرضّع
تعد المراحل الأولى من الطفولة ذات أهمية بالغة في التنشئة التربوية السليمة للطفل. وفي قدرته على التمتع بالتكيف الصحيح في حياته اللاحقة.
ففي هذه السنوات المبكرة، يتعلم الطفل ويكتسب العديد من الخبرات التي تعزز نموه المتوازن. فإذا نشأ في بيئة أسرية يسودها الهدوء، وتغمرها مشاعر العطف والحنان، المودة والإخاء، والصراحة بين أفرادها. فإنه ينمو نموًا سليمًا ومتزنًا.
كما أنه من المتفق عليه أن الصحة النفسية للرضّع تشكل ركنًا أساسيًا من أركان الحياة المستقرة والسعيدة. وهي حجر الزاوية الذي تعتمد عليه الأسرة لتحقيق الاستقرار العاطفي اللازم للنضج الوجداني. وكذلك التقدم الآمن في مسيرة الحياة.

وفي حين تكون الإصابة بالعقد النفسية أو الأمراض العقلية، في أغلب الأحوال، نتيجة لخلل في التوازن العام للصحة النفسية. فإن الصحة النفسية تشير إلى قدرة الفرد على تحقيق التوافق النفسي، وتماسك الشخصية، ووحدتها. إلى جانب تقبله لذاته وللآخرين، مما ينتج منه شعور عام بالسعادة والراحة النفسية.
ولضمان بيئة آمنة وصحية نفسيًا للطفل، لا بد من إشباع حاجاته المتنوعة، سواء كانت حاجات داخلية أولية، تتمثل في الاستعدادات الفطرية، التي يولد بها الإنسان. والتي تثار استجابتها بفعل حالات جسمانية داخلية. كالجوع والعطش والنوم، أو حاجات خارجية ثانوية، كالحاجات النفسية والاجتماعية، والذاتية الشخصية المكتسبة، مثل: الحاجة إلى الحب، والتقدير، والانتماء.
إشباع الحاجات الأولية
بينما في الأسابيع الأولى من حياة الطفل تقوم علاقته بأمه على أساس إشباع حاجاته الأولية. فهي بالنسبة له مصدر الغذاء واللذة الحسية والدفء والأمان.
ومع تطور نموه الجسمي والعقلي، يبدأ الطفل في التمييز بين ذاته ووالدته، وهنا تنشأ علاقة جديدة بينهما، قوامها الحب والعطف.
وتبنى هذه العلاقة على أسس نفسية. حيث تعرف هذه الحاجات الثانوية بالدوافع السيكولوجية، أي أنها ترتبط بشكل وثيق بالبنية النفسية والعقلية للطفل، أكثر من ارتباطها بالجوانب العضوية.
كما أن هذه الدوافع غير محدودة، وتتغير بمرور الوقت. وتختلف من طفل إلى آخر، مما يؤدي إلى تباين في أنماط السلوك بينهم.
ويعتمد الطفل في مراحله الأولى على الآخرين اعتمادًا كبيرًا، ويحتاج إلى رعايتهم واهتمامهم وحبهم.
فيما تعد الأم أول شخص يحتاج إليه الطفل، وهو يتعلم أن حاجاته لن تُلبى إلا حين تكون أمه منتبهة له.
ومن خلال تكرار الخبرات، يدرك الطفل أن جذب انتباه الآخرين يمثل أمرًا مهمًا وضروريًا بالنسبة إليه.