الاكتئاب الحاد يُؤدي إلى الانتحار!

يعتقد البعض أن ظاهرة الانتحار منتشرة في أوساط المراهقين والشباب فقط، إلا أن الواقع يُثبت أن كبار السن هم الفئة الأكثر عُرضة لحوادث الانتحار؛ نظرًا لما يتعرضون له من تهميش وتقلبات نفسية.

في البداية، يقول الدكتور هاشم بحري؛ استشاري الطب النفسي: "إن كبار السن الذين يعيشون في عزلة، بعيدًا عن العائلة، يكونون أكثر عُرضه للاكتئاب، ومن ثم التفكير في الانتحار، مشيرًا إلى أن التغيرات الجسمانية والنفسية التي تصاحب كِبر السن تجعلهم أكثر حساسية".

وأوضح استشاري الطب النفسي، أن إصابة كبار السن بالمرض قد تدفعهم للتفكير بأنهم أصبحوا عالة على أسرهم، وبالتالي يدخلون في طور الاكتئاب، الذي يدفعهم بدوره إلى التفكير في الانتحار، لافتًا إلى أن الأسر العربية تتحمل مسؤولية وصول كبار السن لهذه المرحلة.

وشدد "بحري" على ضرورة مشاركة كبار السن في الرأي بالمنزل، وأخذ مشورتهم في جميع المشكلات التي يتم مناقشتها، مع عدم تهميشهم؛ ليشعروا أنهم مازالوا يقومون بدورهم في الحياة، وأن آرائهم محل اهتمام وتقدير، علاوة على إشراكهم في المناسبات الاجتماعية، كالأفراح والولائم وغيرها، يجعلهم يشعرون أنهم لا زال باستطاعتهم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، ما يعزز من ثقتهم بأنفسهم ويعطيهم دفعة إيجابية تحارب الاكتئاب.

بدورها، تقول الدكتورة إيمان دويدار؛ استشاري الصحة النفسية وتعديل السلوك: "إن كبار السن يكونون أكثر عُرضة للاكتئاب خاصة إذا ما شعروا بأنهم مهمشين في عائلاتهم، مشيرة إلى أن كبار السن عادة ما يكونوا أكثر حساسية ويتأثرون بأقل الكلمات، بل أنهم في بعض الأحيان يسيئون تفسير الكلمات والتصرفات على نحوٍ خاطئ ويتصرفون على أساس ما فهموه؛ ليكتئبوا أو يقرروا الانعزال عن باقي أفراد الأسرة.

وأشارت استشاري الصحة النفسية إلى أن كبار السن يحتاجون لعناية من نوع خاص، ويجب التعامل معهم بحرص، كي لا يُسيئوا فهم جملة أو تصرف، مشيرة إلى أن هذه المرحلة العمرية من أهم سماتها العصبية الزائدة عن الحد والحساسية المفرطة.

وطالبت "دويدار" الأسر العربية بالتعامل مع كبار السن على أنهم مازالوا فاعلين في أسرهم، وأخذ مشورتهم في أبسط الأمور وأدقها؛ لإشعارهم بأنهم مازالوا في مكانتهم السابقة، وأن رأيهم مطلوب، ومشورتهم لا تزال محل ثقة.

وشددت استشاري الصحة النفسية وتعديل السلوك، على أن كبار السن ينتظرون من أسرهم المزيد من الاهتمام والرعاية، مؤكدة على أن إيداع كبار السن بدور الرعاية يعد واحدًا من الأسباب التي تدفعهم للاكتئاب، وربما التفكير في الانتحار، لافتة إلى أن الاستعانة بخدمات "جليس أو جليسة كبار" في المنزل أفضل كثيرًا من إيداع كبار السن أحد دور الرعاية.

وأوضحت "دويدار" أن كبار السن طاقة وخبرة لا يستهان بها، ويمكن أن يكونوا خير مستشارين، تستعين الأسرة بآرائهم في شتى المواقف، إذا ما استطاعت أن تتواصل معهم بشكلٍ فعال، وتشعرهم بحاجة الأسرة لآرائهم وحكمتهم التي صقلتها تجارب السنين.