تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف المنتجات ومن بينها تحقيق الأمن الدوائي. وهو هدف أساس تعمل عليه المملكة العربية السعودية، لتعظيم مصالح شعبها بين الأمم، وللسمو بمكانتها كدولة رائدة بين الدول.
إن حرص المملكة الدائم على ترقية مستوى معيشة المجتمع السعودي، وتوفير كل ما تحتاجه جودة حياة أفراده قد استدعى التوجه نحو الاجتهاد في توفير ما يمكن أن يحقق هذا الهدف في أسرع وقت. ونحو البحث عن كل سبل تجسيد الاكتفاء الذاتي، في المجال الزراعي أو الصناعي أو العلمي أو التكنولوجي أو الدوائي.
الأمن الدوائي مسألة أمن قومي
ويعتبر ضمان الأمن الدوائي مسألة أمن قومي، في كل الأوقات وضرورة ملحة في جميع الظروف. لذا؛ اتجهت الآراء إلى البحث عن أفضل الوسائل المتاحة لذلك. وانحصرت بين التوجه للتصنيع المحلي أو اللجوء إلى التوسع في الاستيراد وتنويع الواردات.
قد يبدو أن إرساء قواعد التصنيع المحلي هو قرار سياسي، بالدرجة الأولى يهدف إلى الحفاظ على إبعاد القرار السيادي، عن أي قيود أو ضغوط. ولا يلقي طابعه السياسي بالًا لحجم تكاليف توطين صناعة الدواء لأنه أمر استراتيجي، بالغ الأهمية وشديد الحساسية.
وإذ يهدف هذا التوجه إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي فإن مجرد اعتماد هذه السياسة، يحتاج بالتأكيد إلى حماية. ومنها التوسع في منح رخص إنشاء شركات تصنيع الدواء، وفرض اجراءات حمائية على عمليات استيراد المنتوج الأجنبي دون ضوابط موضوعية. وهو واجب سيادي وطني وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
شروط تصنيع الدواء محليًا
يفترض التصنيع المحلي وجود بنية تحتية واسعة وشاملة من المرافق الكافية لاحتواء كل النشاطات الأساسية والضرورية المكملة لمراحل عمليات الإنتاج من طاقة ومياه وخطوط إمداد، وطرق ووسائل نقل، وأحدث وسائل الاتصالات.
بالإضافة إلى تقدير أفضل المواقع لإقامة المشروع الذي من المفترض أن يكون على الدوام من وسائل توطين صناعة الدواء، ولا يمكن ضمان نجاح هذا المشروع دون تقدير مسبق لحجم الموارد البشرية المطلوبة من الخبراء والمختصين والأطباء الصيادلة ونوعية تأهيل باقي الكوادر الوطنية.
وتقدير مدى حجم توافرها في الأوساط المحلية من شباب الوطن المتعلمين من الجنسين. وبديهي أن تكون ثمة تصورات حول بعض الأولويات في عملية الإنتاج.
وهذا حسب معطيات الوضع الصحي العام وطبيعة الأمراض المتفشية. ويلاحظ هنا أن الأمر يرتبط بعلاقة وثيقة بين صناعة الدواء وعلم الاجتماع والبحوث العسكرية.
مزايا استيراد الدواء
هذا فيما يعتبر البعض أن تحديات الحاضر ووتيرة التغيرات الدولية السريعة تمثل عناصر متضافرة لحدة الانقلابات العالمية ذات الانعكاسات الواسعة المؤثرة في واقع الشؤون الداخلية لدول العالم.
ولكنها في نفس الوقت من أسرع وسائل توفير الدواء خاصة في الأوقات الحرجة مثل الكوارث الطبيعية والحروب وانتشار الأمراض وتفشي الأوبئة..
وسرعة جلب الدواء من الخارج ميزة فضلى للدول النامية؛ لأنها ثمرة انتاج من سبقوا بالخبرة والتجربة واستطاعوا التحكم في تكاليف الإنتاج، وتحقيق أكبر انتاجية ممكنة.
كما أن الطابع التنافسي القائم بين أكبر شركات صناعة الدواء العالمية قد أدي إلى إكساب منتجاتها الدوائية أفضل الخصائص الوقائية والشفائية. من أجل التعافي السريع من الأمراض فالسبق التاريخي لوجود هذه الشركات في سوق الدواء العالمية قد أعطاها أفضلية مبكرة في الانتشار الواسع، ومداومة التطوير لاحتكار ثقة المستهلكين.
صناعة الدواء في المملكة العربية السعودية
اختارت القيادة الحكيمة في المملكة سبيل التحدي الحضاري، فأنشأت عشرات الشركات المتخصصة في الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية التي تعمل في مجالات الإنتاج الطبي والدوائي.
ويشتمل على نشاطات صناعة وإنتاج وتطوير وتسويق وبيع وتوزيع الخامات الدوائية والمستحضرات الطبية والصيدلانية. ومستلزمات الإنتاج والأجهزة والمستلزمات الطبية الاستهلاكية.
وإنتاج أدوية المضادات الحيوية وأدوية مضادة للفطريات، وأدوية علاج الكبد وأمراض الجهاز الهضمي والسكري. وأمراض الجهاز التنفسي والكلى وأمراض القلب والأوعية الدموية والشرايين. وأدوية الأمراض النفسية والعصبية، وأمراض الجهاز العضلي والعظمي.
وكذلك إنتاج الأقراص والكبسولات والمساحيق الجافة والشراب والمعلقات والحقن. والمراهم والمواد الهلامية وغسول الفم والمطهرات واللقاحات.
وكان أن انتشرت العديد من الشركات السعودية التي لاقت تشكيلة منتجاتها ثقة كبيرة. وإشادة واسعة في أوساط المتعاملين والمستهلكين في السوق الوطنية والعربية. وفي العديد من الأسواق الإفريقية والآسيوية.
أبرز مصانع الأدوية في المملكة السعودية
حيث يتجاوز عدد مصانع الأدوية والأجهزة الطبية في المملكة 200 مصنع، بحسب تقرير وزارة الصناعة 27 أغسطس 2024. ومنها:
- الشركة السعودية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية “سبيماكو الدوائية”.
- شركة الدمام الدوائية- الدمام فارم.
- شركة القصيم للخدمات الطبية.
- شركة “أراكم” الطبية.
- الشركة العربية لصناعة المنتجات الطبية.
- شركة سبيماكو مصر للصناعات الدوائي.
- شركة “كاد ” الشرق الأوسط للصناعات الدوائية.
- شركة سبيماكو المغرب للصناعات الدوائية.
- شركة “أراك” للرعاية الصحية المحدودة.
- شركة “تبوك” للأدوية- مملوكة للقطاع الخاص السعودي.
- شركة مصنع “جمجوم” لإنتاج أدوية السرطان.
- الشركة السعودية للقاحات الطبية “سعودي فاكس”.
- الشركة السعودية لصناعات التكنولوجيا الطبية الحيوية “سعودي بايو” لإنتاج الأنسولين وأمراض الدم.
- شركة “فايزر” السعودية لإنتاج الأدوية البيولوجية.
تحقيق الاكتفاء الذاتي في الدواء
هذا بالإضافة إلى تخصيص قطعة أرض في المدينة الصناعية بتبوك لشركة الرام للصناعات الدوائية “الرام فارما” لإنتاج الأدوية الجنيسة. وإبرام عقدين مع شركة “إم أس فارما” لإقامة مشروعين بالمدينة الصناعية الثانية بالرياض لإنتاج الأدوية الجنيسة للأمراض المزمنة.
وتقدر قيمة سوق الدواء في المملكة العربية السعودية بحوالي11 مليار دولار عام 2024. وتتوسع صادرات السعودية من الأدوية إلى 34 دولة بحجم 4.8 مليار دولار في السبع أشهر الأولي من عام 2025. وفق صحيفة الشرق الأوسط. نقلًا عن شركة سبيماكو الرياض للأدوية.
وتأتي كل هذه الجهود في إطار المقاربة بين التصنيع المحلي والاستيراد في سياق السعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي كأحد مستهدفات رؤية السعودية 2030.






















