هل أنتِ من الأشخاص الذين يضعون العمل قبل حياتهم الشخصية؟ إن إدمان العمل، على الرغم من عدم الاعتراف به رسميًا كاضطراب، إلا أنه واقع يصعب رؤيته والتعرف عليه، ويتأثر به العمل والعوامل الاجتماعية والشخصية، ويتطلب تدخلًا نفسيًا متخصصًا. ستجدين هنا المفاتيح الأساسية لتحديدي هذه المشكلة وعلاجها.
مع قدوم العطلة الصيفية، يواجه الكثير من الأشخاص صعوبة الانفصال عن العمل. كما يشعر البعض بالسوء أو الذنب إذا لم يكونوا بالعمل، فهؤلاء يعانون من إدمان العمل.
وفقًا للبيانات الأخيرة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإن الأمراض العقلية هي السبب الثاني للأيام المرضية في مكان العمل، بعد أن زادت بنسبة 40% تقريبًا في السنوات الأخيرة.
وهذا يؤكد أهمية تحديد ومعالجة مشكلات الصحة العقلية على نحو صحيح، مثل: إدمان العمل، قبل أن تؤثر على صحة الناس ورفاههم.
توفر عيادة لوبيز إيبور المفاتيح الأساسية لاكتشاف هذه المشكلة والنصائح لعلاج هذا الإدمان.
ظهور إدمان العمل
إن إدمان العمل آخذ في الارتفاع، خاصة في القطاعات التنافسية وبين الأشخاص الذين يتحملون مسؤوليات وظيفية عالية.
بينما يمكن أن يعزى ذلك إلى الضغط من أجل الأداء، والتوافر المستمر في بيئة العمل الحديثة.
أظهرت دراسة أجرتها جامعة البوليتكنيك في “فالنسيا”، وجاومي الأول في “كاستيلون”، وجامعة إقليم “الباسك” في عام 2012، أن 4.6% من المهنيين في إسبانيا كانوا مدمنين على العمل، وتوقعت أن يتجاوز هذا الرقم 11% في ثلاث سنوات.
حاليًا، على الرغم من عدم وجود بيانات محددة، تقدر العديد من المنظمات أن معدل الانتشار يبلغ نحو 10%.
ويتجلى هذا الإدمان من خلال مجموعة من العلامات التحذيرية التي تشير إلى أن الشخص قد يكون منغمسًا على نحو غير صحي في عمله.
علامات تحذيرية لإدمان العمل
1. الهوس المستمر بالعمل
إحدى علامات إدمان العمل هو الهوس المستمر بالعمل حتى خارج ساعات العمل المحددة. يظهر هذا الهوس من خلال العمل في المنزل بعد ساعات العمل الرسمية، والاهتمام المفرط بكل التفاصيل المتعلقة بالعمل حتى في أوقات الفراغ. هذا السلوك يؤدي إلى تداخل العمل مع الحياة الشخصية؛ ما يسبب إجهادًا نفسيًا وجسديًا.
2. صعوبة الانفصال عن العمل
الأشخاص المدمنون على العمل يشعرون بالقلق والذنب في أوقات الراحة. حتى في المحادثات الاجتماعية، تجدهم يركزون على موضوعات تتعلق بالعمل. هذه الصعوبة في الانفصال تؤدي إلى تآكل العلاقات الاجتماعية والعائلية، وتقلل من جودة الحياة.
3. الحاجة المستمرة إلى الإنجازات والتقدير
يوجد خوف دائم من فقدان الوظيفة، والشعور بالذنب عند عدم تحقيق الأداء المتوقع. هذا الخوف يؤدي إلى سعي مستمر لتحقيق الإنجازات والتقدير من الآخرين؛ ما يزيد من الضغط النفسي، ويعزز السلوكيات الإدمانية.
4. المشكلات الصحية
الإدمان على العمل يمكن أن يسبب مشكلات صحية خطيرة، مثل: التوتر المزمن، القلق، الاكتئاب، التعب، الأرق، والألم الجسدي. هذه المشكلات الصحية تعد نتيجة مباشرة للضغط النفسي والجسدي المستمر الناتج عن الانغماس في العمل.
أسباب إدمان العمل
1. الأسباب الاجتماعية والتربوية
تعود بعض أسباب إدمان العمل إلى الثقافة السائدة التي تمجد الجهد والقدرة التنافسية. المجتمع قد يشجع الأفراد على السعي الدائم لتحقيق النجاح المهني؛ ما يؤدي إلى زيادة الضغوط لتحقيق توقعات المجتمع.
2. الهروب من المشكلات الشخصية
يلجأ بعض الأفراد إلى العمل كوسيلة للهروب من المشكلات الشخصية أو العائلية. العمل يوفر لهم مخرجًا مؤقتًا من التحديات الحياتية، ويمنحهم شعورًا بالتحكم والإنجاز.
3. الأسباب الاقتصادية
الطموح الشخصي أو الحاجة إلى الاستقرار المالي قد تدفع البعض إلى الانغماس في العمل. والرغبة في تحقيق النجاح المهني وتأمين المستقبل المالي هما دوافع قوية للإدمان على العمل.
4. مشكلات احترام الذات
بعض الأفراد يشعرون بالقيمة الذاتية من خلال العمل. عندما تكون قيمة الشخص الذاتية مرتبطة بإنجازاته المهنية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إدمان العمل كمحاولة مستمرة لتعزيز هذا الشعور.
إدمان العمل.. مشكلات وحلول
نصائح لعلاج الإدمان
- وضع حدود واضحة: تحديد مواعيد العمل واحترام وقت الفراغ.
- تفويض المهام: تعلم الثقة بالآخرين وتوزيع المسؤوليات.
- ممارسة تقنيات الاسترخاء: التأمل أو اليوغا أو الأنشطة الترفيهية.
- اطلب الدعم المهني: العلاج السلوكي المعرفي يساعد في إعادة هيكلة الأفكار والمعتقدات الخاطئة.
خاتمة
إدمان العمل هو مشكلة حقيقية تتطلب وعيًا وتدخلًا مناسبًا للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية. من خلال التعرف على العلامات التحذيرية والأسباب الكامنة وراء الإدمان، يمكن للأفراد اتخاذ خطوات فعالة لمعالجة هذه المشكلة.
بينما الالتزام بنصائح الخبراء ووضع حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية يمكن أن يساعد في تحقيق توازن صحي ومستدام.