روز العودة تكتب: جوانب غير مرئية لجائحة كوفيد -19

عندما ننظر كبشر لبعض الأحداث التي تفرض علينا، غالبا ما ننظر إليها من زاوية الانعكاس الجمعية التي أصبحت فكرة عامة دون أن نكلف أنفسنا إمعان النظر من زوايا متعددة قد تسهم في تقريب مسافة فهمنا الفاصلة بخيطها الرفيع بين النظرة الكلية للحدث والنظرة الجزئية المعتمدة على فكر جامد تم بناءه على فهم بعيد وببعد مختلف.

نحن جميعا ننظر إلى جائحة كورونا من زاوية خسائر مادية بحتة.

نتحدث عن خسائر مليارية بلغة المال وعن أنشطة اقتصادية انهارت وحولت الملايين إلى عطالة.

لكن للأزمة جوانب أخرى لم نكلف أنفسنا استكشافها وبحثها وتقديرها.

سلوكيات بعض البشر ضربها تسونامي الأزمة وفي فترة قصيرة حدثت تغييرات مدهشة تحتاج بحثا علميا لفهمها؛ بعض تراكيب الشخصيات الاجتماعية فقدت الكثير من توازنها النفسي، سادت العدوانية، زاد الانتقاد للسلبي والايجابي في آن واحد، لم يعد الكثيرين يتمالكون أنفسهم، والبعض ساءت أحوالهم ولم يعد لديهم حيوية وأصبحت نظرتهم لكل شئ تشاؤمية؛ لكل هذه التغييرات أسبابها المنطقية فقد حرمت الجائحة الكثيرين من السفر بعد أن كانوا طيورا تحلق، وأجبرت آخرين على البقاء في سجن سوره الحرية بعد أن كانوا يركضون في فضاءات، ومنعت فئة ثالثة من حراك الترفيه والترويح عن النفس بعد أن عاشوا في ترف الاستمتاع بإيقاع الحياة.

في مقابل ذلك تميز البعض بتوازن نفسي واكتسبوا سلام داخلي جعلهم قادرين على التعاطي مع الأزمة بدون تعقيدات فعاشوا حياتهم العادية دون قلق أو توتر أو خوف؛ بل تحسنت حياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية فصاروا أكثر تقاربا علي مستوي الأسر والأهل وتطورت مفاهيم وعلاقات الصداقة لديهم فأصبحوا يهتمون بدعم هذه العلاقات الإنسانية النبيلة، هم خرجوا من الأزمة بمكاسب وليس خسائر وحدث تغيير في أسلوب حياتهم ربما لأنهم اختاروا النظر للحدث وفهمه من زاوية مختلفة وليس من زاوية الانعكاس.

جانب أخر غير مرئي أحدثته الأزمة بكل تداعياتها، فهنالك شخوص لم تكن لهم أهمية في أحداث الحياة اليومية ولم نعرهم أي اهتمام لكن الواقع أننا اكتشفنا أنهم مركز ولهم دور وعقب التواصل وان كان على فترات متباعدة وجدنا أن هنالك تقارب روحي بيننا وبينهم لم يكن الإحساس به ممكنا إلا بعد أن قلبت الأزمة حياتنا رأسا على عقب وجعلتنا نغير طريقة نظرتنا للحياة وأسلوب ممارستها.

توصلنا في النهاية إلى قناعة: ليست كل الكوارث سيئة ففي لبها يمكن أن نجد الأفضل.

روز العودة رئيس التحرير

اقرأ أيضًا: روز العودة تكتب: رمضان.. شهر الرحمة