يواجه عدد كبير من الأطفال ممن يتمتعون بشخصية انطوائية تحديات في مجتمع يميل إلى الاحتفاء بالجرأة والاجتماعية. وفي الوقت الذي يساء فيه فهم الطفل الهادئ على إنه خجول أو ضعيف أو يفتقر للثقة بالنفس.
ويؤكد خبراء التربية وعلم النفس أن الانطواء ليس مشكلة نفسية؛ بل هو نمط شخصية طبيعي يحتاج الدعم لا الضغط. وفقًا لما ذكرته “arabiaparenting”.
ما معنى أن يكون الطفل انطوائيًا؟
الانطوائية في جوهرها لا تعني العزلة؛ بل تعكس ميل الطفل للحصول على طاقته من الهدوء والأنشطة الفردية، بدلًا من الأماكن الصاخبة والتجمعات. الانطوائيين يتجهون نحو عالمهم الداخلي للتفكير، ويظهرون تفاعلًا أقل ظاهريًا مقارنة بالأطفال الاجتماعيين.
سمات الطفل الانطوائي
يمتلك الطفل الانطوائي مجموعة خصائص مميزة، أبرزها:
- يفضل اللعب الفردي أو مع شخص واحد مقرب.
- يحتاج وقتًا للتأقلم مع المحيط الجديد أو الأشخاص الجدد.
- يفكر قبل التحدث، ويحب المراقبة قبل المشاركة.
- لديه خيال واسع وقدرات عميقة على التركيز.
- يتعب من التجمعات الطويلة ويحتاج فترات لاستعادة طاقته.
متى يصبح الانطواء مصدر قلق؟
يشدد الخبراء على ضرورة التفريق بين الانطوائية الصحية والعزلة الاجتماعية المقلقة.
ويعد الوضع طبيعيًا ما دام الطفل سعيدًا بطريقته ولديه صديق واحد على الأقل ويتفاعل مع أسرته. لكن ينصح باللجوء لاختصاصي إذا ظهرت العلامات التالية:
- عزلة تامة ورفض مستمر للتواصل.
- توتر شديد أو نوبات بكاء عند الاحتكاك الاجتماعي.
- تراجع دراسي أو كلامي ملحوظ بسبب الانسحاب.
- مشاعر مستمرة بعدم القيمة أو الخوف من الناس.
ضغوط المجتمع وتأثيرها على شخصية الطفل
تنتشر بين بعض الأسر ثقافة اعتقاد أن الطفل الاجتماعي “أفضل” أو “أنجح”. هذا التصور يدفع الوالدين غالبًا لممارسة ضغط مزعج على الطفل الهادئ في محاولة لتغيير شخصيته، ما يؤدي إلى إضعاف ثقته بنفسه وإحساسه بأن هناك “خللًا” فيه يجب إصلاحه. بينما أكد المختصون أن الانطوائيين غالبًا أكثر إبداعًا وعمقًا في التفكير.
كيف يمكن للوالدين دعم الطفل الانطوائي؟
بدل محاولة تغيير الطفل، ينصح خبراء التربية باحتضانه وتوفير بيئة تمنحه الأمان لتعزيز مهاراته الاجتماعية دون إرغامه.
ومن أفضل أساليب الدعم:
- الدعم الأسري
- احترام شخصيته، عدم إجباره على المشاركة في كل الأنشطة
- منح وقت للتأقلم، إخبار الطفل مسبقًا بوجود ضيوف أو مناسبة
- تعزيز الصوت الداخلي، طرح أسئلة تساعده على التعبير عن رأيه
- فرص تواصل صغيرة، دعوته لصديق واحد للعب بدل مجموعة كبيرة
- مدح نقاط القوة، الإشادة بتركيزه، خياله، ونضجه
الدور المدرسي
يشكل المدرس جزءًا أساسيًا في دعم الطفل الانطوائي داخل الصف، وغالبًا ما يعاني هؤلاء الأطفال من عدم المشاركة في النشاطات الصفية نتيجة الخجل من الحديث أمام الجميع. لذلك يوصي المختصون بتطبيق استراتيجيات تعليم مرنة مثل:
- المشاركة الكتابية قبل الشفوية.
- تقسيم الأنشطة إلى مجموعات صغيرة.
- منح الطالب وقتًا للتفكير قبل الإجابة.
انطوائي لكنه ناجح
ويشير علماء النفس إلى أن الانطوائية ليست عائقًا أمام التميز، فعدد من أبرز العلماء والمبدعين كانوا انطوائيين، مثل: ألبرت آينشتاين، بيل غيتس، إسحاق نيوتن، وجيه كي رولينغ. في حين تؤكد هذه النماذج أن الشخص الهادئ يمكن أن يغيّر العالم من خلال أفكاره، لا صوته المرتفع.
اقرأ أيضًا: هل يولد الطفل مبدعًا أم أن الإبداع مهارة تكتسب؟
وأخيرًا، الطفل الانطوائي ليس بحاجة لإعادة تشكيل، بل لاعتراف ودعم، فهو يحمل داخله عالمًا ثريًا قد لا يراه الآخرون سريعًا. والمجتمع الذي يعطي مساحة للصوت الهادئ سيكسب أجيالًا أكثر إبداعًا وتوازنًا.




















