في عالم التربية الحديثة، يشكل التحفيز ركيزة أساسية في تنمية قدرات الطفل وبناء ثقته بنفسه. غير أن المشكلة تبدأ عندما يتحول هذا التحفيز من أداةٍ بنّاءة إلى سلاح ذي حدين، إذ قد يترك آثاراً سلبية على شخصية الطفل وسلوكه إن لم يقدَّم بالشكل الصحيح. فالنية الحسنة لا تكفي دائماً، والطريقة أهم من الهدف. وفقا لما ذكرته healthline.
ما هو التحفيز الخاطئ؟
التحفيز الخاطئ هو كل أسلوب تشجيع يعتمد على المقارنة أو المبالغة أو الضغط النفسي، بدلاً من التركيز على الجهد والإنجاز الحقيقي للطفل.
فعندما يقال للطفل مثلاً: “انظر إلى زميلك كم هو ذكي”، أو “إن لم تحصل على الدرجة النهائية فأنت فاشل”، يتحول التحفيز من وسيلة دعم إلى عامل إحباط وإضعاف للدافعية الداخلية.
النتائج النفسية للتحفيز الخاطئ
انخفاض الثقة بالنفس:
الطفل الذي يتم تحفيزه بطريقة قائمة على المقارنة يبدأ في الشك بقدراته، ويشعر أنه أقل من الآخرين مهما حاول.
الخوف من الفشل:
عندما يرتبط التقدير بالنتيجة فقط، يتولد لدى الطفل خوف دائم من الخطأ، فيتجنب التجربة والإبداع.
ضعف الدافعية الذاتية:
الطفل الذي اعتاد على الثناء الخارجي المفرط يصبح أسير كلمات الإعجاب، فلا يتعلم أن يسعى لتحقيق النجاح من أجل ذاته، بل من أجل رضا الآخرين.
العدوانية أو الانسحاب الاجتماعي:
بعض الأطفال يردّون على الضغط بالمقاومة والعناد، بينما يختار آخرون الانعزال لتجنّب النقد أو التوبيخ المستتر في “التحفيز”.
أشكال التحفيز الخاطئ في الحياة اليومية
التحفيز بالمكافأة المادية فقط:
يجعل الطفل يربط الإنجاز بالمقابل، لا بالرضا الذاتي.
التحفيز بالتوبيخ أو السخرية:
كأن يقول الأب أو الأم: “أنت لا تنفع لشيء”، ظناً أن ذلك سيشعل روح التحدي، بينما هو في الحقيقة يهدمها.
التحفيز بالمقارنة:
بين الإخوة أو الأصدقاء، وهو أكثر أشكال التحفيز ضرراً.
التحفيز الزائد:
أي المبالغة في المدح بلا مبرر، مما يخلق صورة زائفة عن الذات ويجعل الطفل غير متقبل للنقد مستقبلاً.
التحفيز الصحيح… كيف يكون؟
ركز على الجهد لا النتيجة:
امدح المحاولة والاجتهاد، لا العلامة أو الفوز فقط.
اجعل الرسائل إيجابية ومحددة:
بدلاً من “أنت رائع”، قل “أعجبني أنك حاولت بنفسك هذه المرة”.
تجنب المقارنة:
كل طفل له سرعة وقدرة مختلفة، والمنافسة الحقيقية هي مع ذاته.
شارك الطفل فرحته بالإنجاز:
الاحتفال بالنجاحات الصغيرة يعزز الدافعية الكبرى.
احترم مشاعره أثناء الفشل:
تقبّل أخطاءه ووجّهه نحو التعلم منها بدلاً من لومه.
اقرأ أيضًا: المثالية المفرطة في التربية.. حين يتحول السعي إلى الكمال لعبء على الطفل
وفي النهاية، التحفيز الصحيح هو فنّ قائم على التوازن بين الدعم والتوجيه، بين الثناء والتقويم. فالأب أو المربي الحكيم لا يبحث عن طفل “الأول دائماً”، بل عن طفلٍ سعيدٍ، واثقٍ من نفسه، قادرٍ على مواجهة الحياة بشجاعة. التحفيز ليس مجرد كلمات تشجيع، بل رسالة تبني إنساناً أو تهدمه.




















