الصيام، الركن الرابع من أركان الإسلام، هو عبادة جليلة القدر. يتجلى فيها إخلاص العبد لربه، وتتجلى فيها قدرته على ضبط النفس وكبح جماح الشهوات. وليس الصيام مجرد امتناع عن الطعام والشراب. بل هو مدرسة للتهذيب والتزكية، وفرصة لتجديد الإيمان وتقوية الصلة بالله. في هذا المقال نتعرف على شروط وأحكام الصيام الصحيح.
أركان الصيام: أساس العبادة وقوامها
لكل عبادة أركان لا تصح إلا بها، والصيام ليس استثناء. فما هي أركان الصيام التي لا يتحقق إلا بها؟
-
النية: جوهر العمل ومقصده
- النية هي أساس كل عمل، وهي القصد والعزم على فعل الشيء. وفي الصيام، تعني النية قصد الصوم تقربًا إلى الله تعالى وامتثالًا لأمره.
- وقد جاء في الحديث الشريف عن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سمعت رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:” إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ
- وتكون النية إما بتبييت النية كل ليلة من ليالي رمضان قبل الفجر. أو بنية واحدة شاملة في أول ليلة من رمضان لصيام الشهر كله.
- ولا يشترط التلفظ بالنية، فمحلها القلب.
ما هى أركان وشروط الصيام لصوم المقبول؟
-
الإمساك عن المفطرات: مظهر الصبر والامتثال
- الإمساك عن المفطرات هو الركن الثاني من أركان الصيام. ويعني الامتناع عن كل ما يفسد الصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وقد قال الله تعالى: “وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل”.
ومن المفطرات التي يجب الامساك عنها ما يلي:
- الطعام والشراب: وكل ما يدخل الجوف من منفذ معتاد. أما من أكل أو شرب ناسيًا. فصيامه صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من أكل ناسيًا وهو صائم فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه”. ولكن من أكل أو شرب ظانًا أن الفجر لم يطلع أو أن الشمس قد غربت ثم تبين له خطأ ظنه وجب عليه قضاء ذلك اليوم. وكذلك من تقيأ عمدا فسد صومه ووجب عليه القضاء. وأما من غلبه القيء فلا قضاء عليه.
- الجماع: وهو من أعظم المفطرات. ويوجب القضاء والكفارة المغلظة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا. وعن حديث رسول الله صل الله عليه وسلم .
- عن أبي هريرة- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: هَلَكْتُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا قَالَ: أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا. فَضَحِكَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ. ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ.

الصيام: رحلة إلى الله
الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب. بل هو رحلة إيمانية. ومدرسة للتقوى. وفرصة للتوبة والاستغفار. فلنحرص على أداء هذه العبادة العظيمة على أكمل وجه، ولنجعلها فرصة لتغيير أنفسنا نحو الأفضل.
الرابط المختصر :