يمثل المراهقون تحديًا كبيرًا للآباء، فهم يمرون بمرحلة انتقالية حافلة بالتغيرات الجسدية والنفسية والاجتماعية. تتسم هذه المرحلة بالبحث عن الهوية والاستقلال؛ ما قد يؤدي إلى سلوكيات غير متوقعة ومواجهة مع الآباء. ولكن، كيف يمكن للآباء التعامل مع هذه المرحلة الصعبة، والحفاظ على علاقة صحية مع أبنائهم؟
في هذا المقال سنقدم كل ما يخص تربية المراهقين وتعديل سلوكياتهم. وفقًا لما ذكره موقع webmd.
فهم السلوك لتربية المراهقين
قبل الخوض في طرق التأديب، من المهم فهم الأسباب الكامنة وراء سلوك المراهقين. ففي هذه المرحلة العمرية، يمر الدماغ بتغيرات كبيرة؛ ما يؤثر في قدرة المراهقين على اتخاذ القرارات السليمة والتحكم في انفعالاتهم. كما أن الضغوط الاجتماعية والبحث عن الهوية يسهمان في زيادة التحديات التي يواجهونها.
استراتيجيات تأديبية فعالة
1- وضع قواعد واضحة:
يجب أن تكون القواعد واضحة ومكتوبة، وإشراك أطفالك في وضع هذه القواعد يزيد من التزامهم بها. مع تحديد العواقب المترتبة على انتهاك هذه القواعد. على سبيل المثال، قد تكون العقوبة المترتبة على انتهاك حظر التجول هي أن يبقى المراهق بالمنزل في عطلة نهاية الأسبوع التالية. ولا تنسَ أنك ما زلت صاحب الكلمة الأخيرة.
2- الاتساق في التطبيق:
من المهم أن تكون العواقب متساوية لجميع المخالفات، وأن تطبق بعدل.
وحتى لا يحدث أي سوء تفاهم، أنشئ قائمة رسمية بقواعد المنزل، أو اكتب عقدًا للسلوك توقعه أنت وابنك المراهق. ضع القائمة أو العقد على الثلاجة أو في مكان مركزي آخر؛ حيث لن يتمكن أطفالك من تفويته.
ومن أمثلة القواعد الواضحة: “النوم مبكرًا، ومن الممكن أن تضع وقت معين للنوم وليكن من الساعة 8 مساءً في أيام الأسبوع، وينتهي الساعة 10 مساءً في عطلات نهاية الأسبوع، ولا يجوز الخروج إلا بعد الانتهاء من الواجبات المنزلية”.
واشرح العواقب أيضًا: “أي شخص يخالف إحدى هذه القواعد يحرم من مشاهدة التلفاز ليوم واحد”. وإذا خالف أطفالك القواعد، فكل ما عليك فعله هو الإشارة إلى القائمة.
3- الحزم مع التعاطف:
المراهقون ماهرون في اكتشاف أي علامة على ضعف الوالدين. وعندما تستسلم لتوسلاتهم بالتسامح، فإنهم يتوقعون الاستجابة نفسها في كل مرة يتصرفون فيها على نحو سيء أو يخالفون قاعدة.
إن الاتساق في التعامل مع المراهقين يعني أيضًا ضرورة أن يكون كلا الوالدين على المستوى نفسه. فإذا كان أحد الوالدين يقول دائمًا “نعم” والآخر يقول دائمًا “لا”، فسوف يعرف طفلك المراهق على وجه التحديد أي الوالدين يجب أن يسأل.
عندما تكون حازمًا، لا تنسَ أيضًا أن تكون عادلًا ومتفهمًا. القليل من التعاطف يقطع شوطًا طويلًا في تأديب المراهقين.
4- بناء علاقة قوية:
تعد العلاقة القوية بين الآباء والأبناء أساسًا قويًا للتأديب الفعال. شجع أطفالك على التعبير عن مشاعرهم وآرائهم، واستمع إليهم باهتمام.
5- التعليم بالقدوة:
الأطفال يتعلمون من خلال الملاحظة؛ لذلك من المهم أن يكون الآباء قدوة حسنة لأطفالهم. إذا كانت القاعدة هي “لا يجوز الشتائم في المنزل” وكنت تشتم، فأنت بذلك تمنح طفلك المراهق تصريحًا مجانيًا لفعل الشيء ذاته. وأفضل طريقة لتشجيع المراهقين على السلوكيات الإيجابية هي أن تتصرف وفقًا لما تقوله.
6- تشجيع المسؤولية:
علم أطفالك أن لكل فعل رد فعل، وشجعهم على تحمل مسؤولية أفعالهم.
إن تعليم المراهقين كيفية اتخاذ القرارات يشكل جزءًا مهمًا من تربية الأبناء. يحتاج الأطفال إلى تعلم أن أي اختيارات يتخذونها -سواء أكانت جيدة أم سيئة- لها عواقب.
اجلسوا وتحدثوا عن بعض العواقب الخطيرة وطويلة الأمد التي قد تترتب على السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، بما في ذلك تعاطي المخدرات، والحمل، والتدخين، والقيادة تحت تأثير الكحول.
اعلم أنه مهما كانت درجة استعدادك لأطفالك، فسوف يرتكبون بعض الأخطاء. والأمر المهم أن توضح لهم كيفية التعلم من تلك الأخطاء.
7- توفير بيئة صحية للمناقشة وحل المشكلات
قد تنظر إلى سنوات مراهقتك من خلال نظارة وردية اللون، لكن لا تنسَ أن هذه المدة المضطربة من الحياة تأتي مع الكثير من الضغوط. يتعرض المراهقون لقدر هائل من الضغوط لتحقيق أداء جيد بالمدرسة، والتفوق في الكثير من الأنشطة المختلفة، واتباع كل الصيحات الحالية، والتوافق مع أصدقائهم.
قبل أن تعاقب طفلك المراهق بشدة بسبب سلوكه السيئ، حاول أن تفهم السبب وراء ذلك. هل يمكن أن تكون ثمة مشكلات في المدرسة؟ أو مع أصدقائه؟ هل يتعرض للتنمر؟
اجعل أطفالك يتحدثون إليك عن مشكلاتهم من خلال توفير بيئة من الصدق والاحترام. أخبرهم أنهم يستطيعون التحدث معك عن أي شيء. حتى الموضوعات الحساسة.
ليس من السهل التحدث عن مواضيع حساسة. ولكن عليك أن تبذل الجهد. إن التحدث مع أطفالك هو إحدى أكثر الطرق فاعلية لضمان بقائهم بعيدين عن التبغ والمخدرات.
ولا يجب أن تكون المحادثة رسمية. في الواقع، ينبغي أن تكون مناقشة مخاطر التدخين وتعاطي المخدرات جزءًا من محادثة مستمرة، إذا كنت تريد أن تظل الرسالة راسخة.
مواجهة التحديات الشائعة
- ابدأ المحادثة بإثارة موضوع يتعلق بالمخدرات أو الكحول في مجتمعك أو عائلتك. إذا توفي أصدقاء أو أقارب أو أصيبوا بمرض خطير بسبب أمراض مرتبطة بالتبغ، مثل: السرطان، وأمراض القلب، أو أمراض الرئة، فأخبر أطفالك بذلك. أو إذا رأيت أنت وطفلك مجموعة من الأطفال يشربون أو يدخنون، فاستغل هذه اللحظة للتحدث عن الآثار السلبية للكحول والتبغ والمخدرات.
- تحدث عن ما إذا كان أصدقاء أطفالك يستخدمون التبغ أو المخدرات أو الكحول. شجع أطفالك على الابتعاد عن الأصدقاء الذين لا يقبلون أو يحترمون أسباب عدم التدخين أو الشرب. يؤدي ضغط الأقران دورًا كبيرًا في القرارات التي سيتخذها طفلك. تحدث معهم حول ما هو الصديق الجيد وما هو غير الجيد. أدي الأدوار حول الطرق التي يمكن لطفلك من خلالها رفض الذهاب مع أصدقائه. امدحهم إذا توصلوا إلى ردود جيدة. قدم بعض الاقتراحات إذا لم يفعلوا ذلك.
- إذا لاحظت أي علامات تشير إلى أن طفلك يدخن، فلا تبالغ في رد فعلك. اسأل طفلك عن الأمر أولًا. يحاول الكثير من المراهقين تجربة السجائر بدافع الفضول، لكنهم لا يتحولون بالضرورة إلى مدخنين دائمين. وأحيانًا تنبعث منهم رائحة الدخان؛ لأن الأشخاص من حولهم كانوا يدخنون. تأكد قبل توجيه الاتهام.
- إذا أصبح طفلك منعزلًا، أو فقد وزنه، أو بدأ يؤدي أداءً سيئًا في المدرسة، أو أصبح متقلب المزاج للغاية، أو أصبح عينيه زجاجيتين، أو أظهر صعوبة أكبر من المعتاد لدى المراهقين في النهوض من السرير صباحًا، أو إذا بدا أن الأدوية الموجودة في خزانة الأدوية الخاصة بك تختفي، تحدث مع طفلك على الفور.
- أخبر أطفالك المراهقين أنك ستحبهم وتدعمهم دائمًا، بغض النظر عما يفعلونه.
- المقاومة والمجادلة: من الطبيعي أن يقاوم المراهقون قواعد الآباء، ولكن يجب على الآباء الحفاظ على هدوئهم والثبات في موقفهم.
- الكذب: يمكن للكذب أن يكون مؤشرًا على مشكلة أكبر، مثل: الخوف من العقاب أو الرغبة في إرضاء الأصدقاء. ينبغي للآباء محاولة فهم الأسباب الكامنة وراء الكذب والعمل على معالجتها.
- التحدي المباشر للسلطة: قد يحاول المراهقون تحدي سلطة آبائهم لاختبار حدودهم. يجب على الآباء الرد بحزم ولكن بإنصاف.
- تأثير الأصدقاء: قد يتأثر سلوك المراهقين كثيرًا بأصدقائهم. ينبغي للآباء تشجيع أطفالهم على اختيار الأصدقاء الإيجابيين.
الدور الأساسي للمدرسة
تؤدي المدرسة دورًا مهمًا في تربية المراهقين؛ حيث توفر بيئة تعليمية تساعدهم في تطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية. يجب على الآباء التعاون مع المدرسة لضمان توفير بيئة تعليمية آمنة وداعمة لأطفالهم.
الاستعانة بالمساعدة المهنية
إذا واجهت صعوبة في التعامل مع سلوك طفلك المراهق، فلا تتردد في طلب المساعدة من متخصصين، مثل: الاختصاصيين النفسيين أو المرشدين.
فإن تربية المراهقين رحلة طويلة وشاقة، ولكنها أيضًا رحلة مجزية. من خلال الصبر والتفهم والحب، يمكن للآباء مساعدة أطفالهم في النمو إلى أفراد بالغين مسؤولين وسعداء.