بين الماضي والحاضر.. جدة تكتب فصولًا جديدة من سحرها

بين الماضي والحاضر.. جدة تكتب فصولا جديدة من سحرها
بين الماضي والحاضر.. جدة تكتب فصولا جديدة من سحرها

على ضفاف البحر الأحمر، تتلألأ مدينة جدة السعودية كعروس تزين ثوبها حكايات الماضي العريق ولمسات الحاضر المتجدد. ليست جدة مجرد بوابة لـ الحرمين الشريفين، بل هي مدينة تحتضن بين أسوارها تاريخًا حافلًا بالتجارة والثقافة والتنوع، وتستشرف مستقبلًا واعدًا كوجهة سياحية عالمية فريدة.

جذور ضاربة في عمق التاريخ

تعود جذور جدة إلى عصور ما قبل الإسلام، إذ كانت محطة إستراتيجية على طرق التجارة البحرية القديمة. اسمها مشتق على الأرجح من كلمة “جدّة” التي تعني ساحل البحر أو ضفته، وهو ما يعكس موقعها الحيوي. ومع ظهور الإسلام، اكتسبت جدة أهمية مضاعفة كبوابة رئيسية للحجاج والمعتمرين القادمين بحرًا إلى مكة المكرمة. حسب موقع “CNN” بالعربي.

شهدت جدة عبر العصور حكم العديد من الدول والإمبراطوريات، بدءًا بالخلافة الراشدة مرورًا بالدولة الأموية والعباسية والمملوكية والعثمانية، وصولًا إلى الدولة السعودية الحديثة. كل حقبة تركت بصماتها الواضحة على نسيج المدينة العمراني والثقافي.

مدينة جدة القديمة وحكايات من الأزقة الضيقة

تعد منطقة “البلد” في جدة القديمة شاهدًا حيًا على تاريخ المدينة العريق. بأزقتها المتعرجة وبيوتها الرواشينية المميزة المبنية من الحجر المرجاني، تحكي هذه المنطقة قصصًا عن التجار والحجاج والبحارة الذين عبروا من هنا. وتم إدراج “البلد” ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي تقديرًا لقيمتها التاريخية والمعمارية الفريدة.

تتميز بيوت جدة القديمة بتصميمها الذي يتناسب مع المناخ الحار الرطب، إذ توفر الرواشين الخشبية المزخرفة الظل والتهوية الطبيعية. وبين جنبات هذه البيوت، كانت تدور الحياة الاجتماعية والثقافية لسكان جدة القدماء؛ حيث المقاهي الشعبية والأسواق التقليدية التي تعج بالحركة والنشاط.

مركز تجاري حيوي عبر العصور

لم تقتصر أهمية جدة على كونها بوابة للحرمين، بل كانت أيضًا مركزًا تجاريًا مهمًا على البحر الأحمر. موقعها الإستراتيجي ربط الشرق بالغرب، واستقبلت موانئها السفن التجارية القادمة من الهند والصين وإفريقيا وأوروبا. هذا النشاط التجاري جلب إلى المدينة جنسيات وثقافات متنوعة؛ ما أثرى نسيجها الاجتماعي والثقافي.

كانت أسواق جدة القديمة تعج بالبضائع المتنوعة، من التوابل والحرير إلى اللؤلؤ والذهب. وكان التجار الجداويون يتمتعون بسمعة طيبة بفضل أمانتهم وحسن تعاملهم؛ ما جعل المدينة مركزًا جاذبًا للتجار من مختلف أنحاء العالم.

مدينة جدة الحديثة نحو مستقبل واعد

في العصر الحديث، شهدت جدة تطورًا عمرانيًا واقتصاديًا هائلًا. تحولت المدينة إلى مركز اقتصادي وتجاري رئيسي في المملكة العربية السعودية، واستقطبت الاستثمارات المحلية والأجنبية. كما تم تطوير البنية التحتية بشكل كبير، وإنشاء الطرق الحديثة والجسور والمطارات والموانئ المتطورة.

تضم جدة اليوم العديد من المعالم الحديثة، مثل برج المملكة الشاهق، ونافورة الملك فهد الأطول من نوعها في العالم، والمتاحف والمعارض الفنية الحديثة. كما تحتضن المدينة العديد من الفعاليات والمهرجانات الثقافية والفنية والرياضية التي تجذب الزوار من داخل المملكة وخارجها.

تنوع ثقافي فريد

يُعد التنوع الثقافي من أبرز سمات مدينة جدة. عبر تاريخها الطويل، استقبلت المدينة أفواجًا من الحجاج والتجار والمقيمين من مختلف أنحاء العالم. ما أثرى موروثها الثقافي والاجتماعي. كما يمكن ملاحظة هذا التنوع في فنونها المعمارية، ومطبخها الغني بالنكهات المختلفة، وعادات وتقاليد سكانها. وتحتضن جدة اليوم جاليات كبيرة من مختلف الجنسيات، يعيشون ويتفاعلون في تناغم وانسجام. هذا التنوع يضفي على المدينة حيوية خاصة.

وجهة سياحية جاذبة

تستقطب جدة سنويًا أعدادًا متزايدة من السياح من مختلف أنحاء العالم. فهي تقدم لزوارها مزيجًا فريدًا من سحر الماضي وجمال الحاضر. كما يمكن للزائر التجول في أزقة “البلد”، واستكشاف تاريخها العريق، أو الاستمتاع بالشواطئ الخلابة على البحر الأحمر، أو التسوق في المراكز التجارية الحديثة، أو تذوق أشهى المأكولات المحلية والعالمية.

تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا بتطوير القطاع السياحي في جدة، وذلك من خلال إنشاء المشاريع السياحية الكبرى، وتطوير البنية التحتية، وتنظيم الفعاليات والمهرجانات المتنوعة. تهدف المملكة إلى تحويل جدة إلى وجهة سياحية عالمية رائدة قادرة على جذب السياح من مختلف الشرائح والاهتمامات.

مستقبل مشرق ينتظر عروس البحر الأحمر

وتمضي مدينة جدة بخطى واثقة نحو مستقبل مشرق، مستندة إلى تاريخها العريق وحاضرها المتجدد. بفضل موقعها الإستراتيجي، وتنوعها الثقافي، وإمكانياتها السياحية الهائلة، وتستعد جدة لتبوأ مكانة مرموقة على خريطة السياحة العالمية. فهي مدينة تجمع بين أصالة الماضي وحداثة المستقبل، وتقدم لزوارها تجربة فريدة لا تُنسى.

الرابط المختصر :