يشهد قطاع الألعاب الإلكترونية في المملكة، نموًا متسارعًا وغير مسبوق، إذ أظهرت أحدث الإحصائيات الصادرة عن وزارة التجارة السعودية ارتفاعًا كبيرًا في عدد السجلات التجارية الخاصة بتطوير الألعاب الإلكترونية، خلال الربع الأول من العام الجاري 2024.
وبلغ هذا العدد رقمًا قياسيًا؛ ما يعكس اهتمامًا متزايدًا من المستثمرين والشركات الناشئة بهذا القطاع الواعد.
وتشير البيانات إلى أن مدينة الرياض تصدرت قائمة المدن السعودية من حيث عدد السجلات التجارية المسجلة في مجال الألعاب الإلكترونية. حيث باتت الرياض مقصدًا رئيسيًا لخبراء وقادة هذا القطاع الواعد.
وتجسد ذلك بوضوح في “منتدى العالم القادم” الذي استضافته العاصمة السعودية في نسخته الثانية، الذي جمع نخبة من الخبراء وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم لمناقشة أحدث التطورات بهذا المجال. تليها مكة المكرمة، والمنطقة الشرقية، والمدينة المنورة.
ويرجع هذا النمو المتسارع إلى عوامل عدة، من بينها الدعم الحكومي الكبير لهذا القطاع، وتزايد عدد اللاعبين المحترفين والهواة. بالإضافة إلى انتشار ثقافة الألعاب الإلكترونية بين مختلف شرائح المجتمع السعودي.
أهداف طموح واستثمارات ضخمة
كما تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحويل نفسها لمركز عالمي للألعاب الإلكترونية، وقد أطلقت استراتيجية طموح لتحقيق هذا الهدف. تتضمن إنشاء هيئة متخصصة لتنظيم وتطوير هذا القطاع، وتقديم الدعم المالي واللوجستي للشركات العاملة فيه. وتنظيم مسابقات وفعاليات رياضية إلكترونية على مستوى عالمي.
كما تشير التوقعات إلى أن قطاع الألعاب الإلكترونية في السعودية سيشهد نموًا مضاعفًا خلال السنوات القليلة المقبلة. حيث يتوقع أن يصل حجم هذه السوق إلى 10 مليارات ريال بحلول عام 2026، ويسهم نحو 50 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.
وجمع “منتدى العالم القادم” في نسخته الثانية، قادة وخبراء القطاع من مختلف أنحاء العالم لمناقشة آخر مستجدات القطاع الحيوي الواعد اقتصاديًا. واستعراض أحدث الأفكار والاستثمارات وتطوير المواهب. بالإضافة إلى تسليط الضوء على جهود المملكة كدولة رائدة في القطاع.
ومن جانبه، أكد الأمير فيصل بن بندر بن سلطان؛ رئيس الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، أهمية هذا المنتدى في دفع عجلة نمو صناعة الألعاب الإلكترونية في المنطقة. مشيرًا إلى أنه يوفر منصة مثالية لتبادل الخبرات والمعرفة، وبناء شراكات استراتيجية تسهم في تطوير هذا القطاع الواعد.
فرص واعدة للشباب السعودي
كما قد وفر قطاع الألعاب الإلكترونية فرص عمل واعدة للشباب السعودي. حيث مكنهم من العمل في مجالات تطوير الألعاب، والتصميم الجرافيكي، والبرمجة، والتسويق، وغيرها من المجالات ذات الصلة.
بينما شجع هذا القطاع على الابتكار والإبداع، وعزز من مهارات التواصل والعمل الجماعي لدى الشباب.
نمو هائل وفرص واعدة
وبلغ عدد عشاق ومحبي الألعاب نحو 23.5 مليون شخص، ويوجد أكثر من 100 فريق محترف.
كما وقع الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية مع أكثر من 500 لاعب محترف بعقود رسمية. وتشير التوقعات إلى أن هذا القطاع سيشهد نموًا مضاعفًا خلال السنوات القليلة المقبلة. ويحقق مساهمات كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.
وتطمح المملكة العربية السعودية إلى تحقيق العديد من الإنجازات في مجال الألعاب الإلكترونية بحلول عام 2030. بما في ذلك تأسيس مئات الشركات المتخصصة في تطوير الألعاب، وتطوير ألعاب عالمية المستوى، وزيادة عدد اللاعبين المحترفين. واستضافة أكبر الفعاليات العالمية في هذا المجال.
بينما تؤكد المملكة التزامها بالاستثمار في قطاع الألعاب الإلكترونية. حيث يعد هذا القطاع أحد أبرز روافد الاقتصاد الوطني. ويسهم في تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل للشباب. وذلك من خلال:
- تأسيس 250 شركة ألعاب داخل السعودية.
- تطوير ما يزيد على 30 لعبة في المملكة، تصنف من بين أفضل 300 لعبة على مستوى العالم بحلول 2031.
- أن تصبح السعودية من بين أفضل 3 دول عالميًا من حيث عدد الرياضيين الأفراد في الرياضات الإلكترونية.
- استضافة أكبر فعاليات الرياضات الإلكترونية وأكثرها مشاهدة في العالم.
الاهتمام الدولي
شهد هذا القطاع في السعودية إقبالًا عالميًا متزايدًا؛ حيث جذبت المملكة عددًا كبيرًا من الشركات العالمية الرائدة بهذا المجال. وذلك بفضل ما يقدمه من فرص استثمارية واعدة.
وتجلى ذلك بوضوح في نجاح “منتدى العالم القادم” الذي استقطب مشاركة واسعة من هذه الشركات. ويعود هذا الاهتمام إلى الإمكانيات الهائلة التي يوفرها هذا القطاع. حيث تتمتع الألعاب الإلكترونية بقدرة كبيرة على جذب الجماهير وتحقيق عوائد استثمارية مرتفعة.
كما حدث في بطولة “PUBG MOBILE WORLD INVITATIONAL”، التي شهدت نجاحًا كبيرًا. ولتعزيز هذا النمو، تسعى المملكة إلى زيادة الوعي بأهمية هذا القطاع عبر وسائل الإعلام المختلفة. بهدف تشجيع المزيد من الاستثمارات وتطوير الصناعة.
الذكاء الاصطناعي.. محرك رئيس للنمو
وللذكاء الاصطناعي دور محوري في مستقبل الألعاب الإلكترونية؛ حيث يستخدم لتحسين أداء اللاعبين، وتخصيص تجارب المستخدمين، وتطوير ألعاب أكثر واقعية وإثارة.
وشدد الأمير فيصل على أهمية دمج الذكاء الاصطناعي في صناعة الألعاب الإلكترونية؛ حيث سيسهم في تعزيز تنافسية هذه الصناعة على المستوى العالمي.
تحديات وتوصيات
على الرغم من النمو الكبير الذي يشهده هذا القطاع في السعودية، فإنه يواجه بعض التحديات. مثل: نقص الكوادر المؤهلة، وتطوير البنية التحتية اللازمة، وحماية الملكية الفكرية.
وللتغلب على هذه التحديات، يجب التركيز على الاستثمار في التعليم والتدريب، وتوفير بيئة محفزة للإبداع والابتكار، وتشجيع الشراكات بين القطاع العام والخاص.
كما ينبغي العمل على تطوير التشريعات والقوانين التي تحكم هذا القطاع، وتوفير الحماية اللازمة للمبدعين والمستثمرين.
في الختام، تشهد صناعة الألعاب الإلكترونية في المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا، بدعم من رؤية المملكة 2030، واهتمام القيادة السعودية بهذا القطاع الحيوي. ومن المتوقع أن تستمر هذه الصناعة في النمو والتطور، وتحقيق إنجازات جديدة على المستوى الإقليمي والعالمي.
كما يمكن القول إن قطاع الألعاب الإلكترونية في السعودية يمثل أحد القطاعات الواعدة التي تسهم في تنويع مصادر الدخل، وتوفير فرص عمل للشباب، وتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية على الخريطة العالمية للاقتصاد الرقمي.