الليزر.. مستقبل واعد في عالم الصحة والجمال

اقتحمت تقنية الليزر عالم التجميل بقوة في فترة وجيزة، وخلال السنوات الأخيرة، بدأ الرجال والنساء على حدٍ سواء بالتوجه لعلاجات الليزر الهادفة لإزالة الشعر من عدة مناطق في الجسم، سواء كانت هذه المناطق مرئية أو مخفية، مثل: “الصدر، الظهر، الساقين، تحت الإبط، الوجه، أعلى الفخذين”، وغيرها من المناطق.

ويمنع العلاج بالليزر نمو خلايا الميلانين الموجودة في طبقات الجلد وفي بصيلات الشعر مجددًا، وفي بعض الأحيان، يُطلق على إجراء إزالة الشعر بالليزر اسم “إزالة الشعر إلى الابد”، على الرغم من أن هذا المصطلح لا يكون دقيقًا في مجمل الحالات، فالعلاج لا يضمن عدم نمو الشعر مجددًا بشكل مطلق، ومعظم العلاجات تساعد على تخفيف كمية الشعر الذي ينمو بشكل ملحوظ.

ما الليزر؟

الليزر ببساطة هو عبارة عن ضوء أحادي الطيف، إذا سُلّط على بشرة أو على حصوات أو غيرها؛ يوجد له ممتص خاص يسمى “كروموفور” يمتص الطاقة ويؤدي الخدمة العلاجية المطلوبة منه.

ويستخدم الليزر في عدة مجالات، منها الطبية والعسكرية، وغيرها، ففي المجال الطبي يستخدم الليزر في المجالات التجميلية، والأمراض الجلدية، وتفتيت الحصوات، كما يستخدم في الأنف والأذن والحنجرة، وعلاج بعض أمراض العيون، وغيرها من الاستخدامات الطبية.

هل يناسب الليزر الجنسين وكل الأعمار؟

استخدامات الليزر في تخصص الأمراض الجلدية والتجميلية، يبدأ من إزالة الشَعر وهو الأكثر شيوعًا، وإزالة الندبات، وإزالة بعض الوحمات الصبغية أو الدموية، وغيرها من الاستخدامات.

والليزر بشكل مطلق يناسب جميع الأعمار من الجنسين إذا كانت هناك حاجة له، فمثلًا نستطيع إجراء ليزر إزالة الشَعر لجميع الأعمار ولا يوجد له عمر محدد كما يعتقد البعض.

ولكن الوضع الأمثل والأنسب لعمل ليزر إزالة الشعر، هو إذا كانت البشرة فاتحة والشعرة غامقة، وبصورة عامة إذا كان هناك طفل عمره 12 سنة مثلًا وليس لديه سوى شعرات زائدة قليلة جدًا في الوجه، يفترض ألا نجري له عملية ليزر لإزالة الشعر، ولكن إذا كان هناك طفل آخر عمره سبع سنوات مثلًا ولديه أي مرض هرموني آخر ويعاني من زيادة الشعر في الجسم، فمن الأولى أن نعمل له ليزر إزالة الشعر من أجل تحسين جودة حياته وتفاعله مع أقرانه.

دور الليزر في علاج الندبات

تختلف أنواع الليزر، فهناك ليزر لإزالة الشّعر، ليزر للتصبغات، ليزر للوحمات الدموية، وكذلك يوجد ليزر لإزالة الندبات، أو بالأصح تخفيف الندبات، لأن هذا في رأيي مصطلح عام واستخدامه دعائي أكثر، لأنه لا يوجد أي شيء يستطيع إزالة الندبة تمامًا، بل يمكن تخفيفها بنسبة 30 إلى 40%، بعد جلسات متعددة وجمع الليزر مع الحقن.
ومعروف أن الليزر يعد من أكثر التطورات في مجال الطب التجميلي، وذلك لأنه يجمع بين الهندسة والطب، ويوجد به تطور مستمر لدرجة ظهور جهاز جديد كل شهرين تقريبًا، ولكن يبقى السؤال الأهم هو: هل هذا الجهاز مفيد للمرضى أكثر من الأجهزة السابقة له؟

أثبت الطب المبني على البراهين أن الليزر يمكن أن يحسّن الندبات بعد عدة جلسات ومع العلاجات الأخرى كالحقن وغيره، ويحقق نتائج من 40 إلى 60%، وكل ذلك يعتمد على نوع الندبة؛ فندبات الوجه الناتجة عن آثار حَب الشباب، غير ندبات العمليات، غير ندبات الحوادث، فكل منها له طريقة معينة في العلاج، وليزر معين في الاستخدام.

الجديد في عالم الليزر

يكاد لا يمر شهر وتظهر استخدامات جديدة في مجال الليزر، ولا تخلو مجلة طبية علمية جديدة من مقال جديد في استخدام الليزر.
وأكرر أن الطب المبني على البراهين هو أهم شيء، فلا بُد أن ننظر لحالة المريض والأسلوب الأمثل في العلاج، وللتوضيح أكثر: مثلاً علاج الوحمات الدموية عند الأطفال كان بالليزر منذ الأزل، ولكن الآن ظهر لهذه الوحمات الصغيرة علاج عن طريق الأدوية الموضعية ولم تعد هناك حاجة لليزر، ولكن في المقابل توجد هناك عدة أمراض وتطبيقات جديدة لليزر، حيث أصبح يستخدم في الشد والتجميل وإزالة بعض الآثار أو بعض التصبغات خصوصًا الوراثية، مثل بعض وحمات الوجه، فهو لا يزيل التصبغات المكتسبة جينيًا، مثل تصبغات الرقبة، الإبطين، الرُكب، والأكواع، فمهما استخدمنا الليزر لا يمكن إزالتها نهائيًا، وحتى لو اختفت مؤقتًا ستعود بصورة أسوأ؛ لذلك لا يوجد شيء يغيّر من تلك التصبغات إلا تغيير الهندسة الجينية للشخص، لأن هذه هندسة في الجينات لإفراز الصبغات في هذه الأماكن بصورة أكثر.

وبالنسبة للجديد في الليزر، يوجد جديد في تطبيقات الليزر في شد الوجه، حيث نجري جلسات تظهر نتائجها بعد شهرين أو ثلاثة، وتدوم لمدة من سنة إلى سنة ونصف، ولكن تبقى مشكلتها الوحيدة أنها لا تفيد كل الناس، بل تفيد فقط 60% ممن يقومون بعملها، والدراسات القائمة الآن تحدد من هم المستفيدون من الليزر ومن غير المستفيد.

الخطوات الاحتياطية لاستخدام الليزر

معظم المشاكل التي تحدث بعد الليزر، سببها عدم أخذ الاحتياطات اللازمة قبل إجرائه، وهناك ثلاثة أشياء مهمة قبل عمل الليزر، سواء من طرف الطبيب، أو المريض، أو مركز العلاج، فالطبيب لا بد أن يكون حاصلًا على العلم الكافي لاستخدام الليزر، فالليزر عبارة عن جهاز يصدر ضوء أحادي الطيف، يستخدم لإيصال طاقة كبيرة للجسم، فلا بد أن يكون الطبيب الذي يستخدمه متدربًا وذا كفاءة ومرّخص له، كذلك ينبغي على مركز علاج الليزر ألا يكون اختياره لأجهزة الليزر بناءً على سعر الجهاز فقط، بل على نوعه وعلى الدراسات الكاملة عليه، وعلى مصدر التصنيع، وعلى موافقة هيئة الدواء والغذاء.

أما بالنسبة للمريض وهو الأهم؛ فلا بد أن تكون بشرته خالية من جميع الالتهابات، فمثلًا لا يمكن عمل ليزر للوجه وبه كمية من حب الشباب، أو عمل ليزر لأثر الجرح، ويكون الجرح أصلًا به التهاب، كذلك لا بد للمريض أن يتجنب التعرض للشمس لفترة قبل عمل الليزر، لأن الشمس تؤدي لزيادة الاسمرار أو “التان”، ويمنع منعًا باتًا إجراء الليزر معه، وأيضًا لا بد من إيقاف جميع العلاجات الموضعية من مقشرات أو مبيضات قبل الليزر بثلاثة أو أربعة أيام لأنها تزيد من احمرار الجلد أو تهيجه.
وأخيرًا، لا بد أن يخبر المريض طبيبه بجميع الأدوية التي يتعاطاها قبل بدء عمل الليزر.

هل يختلف استخدام الليزر من بشرة إلى أخرى؟

تختلف معايير الليزر تمامًا باختلاف البشرة، فمعايير الليزر التي أقدمها لبشرتي غير التي أقدمها لبشرة أخرى، والليزر كما أوضحت هو عبارة عن ضوء أحادي يحدث طاقة بالجسم؛ لذا لا بد أن نعرف هل هذا الجسم أبيض أم أسمر أم غامق، وهكذا؟

ليس هذا فحسب؛ فمعروف أن أكثر أنواع الليزر انتشارًا هو ليزر إزالة الشعر، فهنا المعايير لا تتوقف عند اختلاف لون البشرة فقط؛ بل تتعداها إلى اختلاف لون الشعرة وسمكها.

الإجراءات الجديدة في علم الليزر

الليزر بدأ بسيطًا جدًا، من إزالة الشعر وعلاج بعض الوحمات، والآن لا يخلو أي مركز تجميل من قسم خاص بالليزر، وذلك لأن الطلب عليه أصبح كبيرًا، ودعايته تصل للجميع، ولكنني لا أرى أن التطبيقات والدعايات الموجودة عن الليزر صحيحة بالكامل؛ فمثلًا أجهزة شد الوجه الموجودة رغم أنها حديثة وممتازة، ولكن نجد أن النتائج المطلوبة منها مبالغ فيها، لذلك أقول دائماً: “لا بد أن نختار المريض الصحيح لعمل الإجراء الصحيح باستخدام الجهاز الصحيح من قبل الطبيب المرخّص”.

وفي مؤتمر الأكاديمية الأمريكية بواشنطن، كانت هناك كورسات كاملة عن الجديد في عالم الليزر، ومن المؤكد أن هذا يحفّز المهتمين بهذا المجال، ولكن كطبيب لا بد أن أنتظر إلى أن تثبت فعالية كل الإجراءات الجديدة؛ مثلًا شد الوجه، إزالة بعض النمَش، إزالة بعض التصبغات المكتسبة أو الوحمات الوراثية، أي إزالة بعض النتوءات تحت الأعين أو في الجلد.

“الليزر” علم كبير جدًا ويظهر به جديد كل فترة، واستخداماته لا حصر لها، والمستقبل فيه واعد جدًا.

انتظرونا في الحلقة التالية مع موضوع جديد.

الدكتور : نايف النمير
استشاري أمراض وجراحة الجلد التجميلية

الرابط المختصر :